رفع أسعار السلع التموينية يفاقم معاناة الغلابة بمصر

بعد إعلان البنك المركزي المصري تجاوز معدل التضخم 25.8% نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما أضاف شرائح جديدة إلى طبقة الفقراء

ويستدعي مزيدا من التدخل الحكومي لرفع المعاناة عن كاهل محدودي الدخل، إلا أن الحكومة تحركت عكس المأمول وقررت رفع أسعار السلع التموينية، رغم تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي أكد أن السلع التموينية بوضعها الحالي لا تمد المواطن بأكثر من 7.6% فقط من احتياجاته الشهرية من الغذاء.

غضب

وسادت حالة من الغضب والاستياء وسط المواطنين، كما شهد عدد من محال صرف السلع التموينية مشادات كلامية، بعد قرار وزارة التموين رفع أسعار السكر والزيت والسمن على البطاقات التموينية.

كان وزير التموين –وهو لواء سابق بالجيش- قرر الأربعاء الماضي، رفع أسعار السكر إلى 8 جنيهات، والزيت إلى 12 جنيها، و13 جنيها لنصف كيلو السمن على بطاقات التموين، وذلك بدءا من صرف المستحقات التموينية عن شهر فبراير/شباط الحالى، وتعد هذه الزيادة الرابعة لأسعار السلع التموينية المدعمة منذ تطبيق منظومة التموين الجديدة عام 2014، حيث كان سعر السكر خمسة جنيهات للكيلو، والأرز 3 جنيهات والزيت 7.5 جنيهات للتر، الذي تم تخفيض الزجاجة إلي 800 غرام.

وبالرغم من زيادة قيمة الدعم المقدم للفرد من 15 جنيها شهريا، عند بداية تطبيق المنظومة إلى 21 جنيها حاليا، إلا أن المواطن يدفع 35 جنيها حاليا للحصول على نفس كمية السلع التي كان يدفع فيها 10.5 جنيهات في بداية تطبيق المنظومة، بالرغم من تخفيض كمية الزيت، وبهذا يتحمل الفرد عبئا إضافيا بقيمة 24 جنيها.

بلا فاعلية

وقد أبدى عدد من نواب البرلمان في مصر غضبهم، بسبب الزيادات المتكررة التي أقرتها الحكومة على أسعار السلع الغذائية، وكان آخرها رفع أسعار السلع على البطاقات التموينية، للمرة الثالثة، في أقل من ثلاثة أشهر، دون اتخاذ إجراءات رقابية أو تشريعية تخفف من وطأة  الإجراءات التقشفية التي تستهدف المواطنين بعد اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي.

 وقال البنك المركزي إن التضخم في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، هو أعلى مستوى للتضخم في عقود، وذلك نتيجة تحرير سعر صرف العملة الذي أفقد الجنيه أكثر من نصف قيمته في بلد يعيش على الاستيراد، فضلا عن إجراءات حكومية أخرى مثل فرض ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الوقود والسلع وزيادة الجمارك على مئات السلع.

وكان مجلس الوزراء قد قرر عقب تعويم الجنيه في 3 نوفمبر/تشرين الأول الجاري وزيادة أسعار الوقود، رفع قيمة الدعم المقدم للمواطنين من خلال البطاقات التموينية 3 جنيهات لكل فرد ليصل إلى 21 جنيها بدلا من 18 جنيها شهريا.

فساد

يأتي ذلك في الوقت الذي اعترف فيه نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق، في تصريحات صحفية: أن منظومتي السلع التموينية ومنظومة الخبز كلفت ميزانية الدولة 48 مليار جنيه خلال عام 2016 نصفها يذهب في السرقات ودعم لأشخاص غير مستحقين، فضلا عن وجود فساد كبير جدا في قطاع المخابز والمطاحن وسرقة الدعم.

وتأكيدا لذلك كشف جهاز الرقابة الإدارية بالإسماعيلية نهاية يناير/كانون ثاني الماضي عن واقعة فساد كبرى، تتعلق بالاستيلاء على المقررات التموينية بمعرفة عصابة مكونة من 8 أفراد، تمكنوا من سحب مقررات وهمية من جميع منافذ الجمهورية، بينها خبز، ومقررات تموينية مختلفة، ودقيق خاص بالمطاحن، قدرت تكلفتها بما يقرب من 13 مليار جنيه.

رضوخ

وتأتي الإجراءات الحكومية لرفع الدعم، ضمن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي؛ حيث كشف الصندوق في 18 يناير/كانون الثاني الماضي عن الإجراءات التي تعهدت بها مصر ضمن اتفاق قرض الصندوق، ومنها المزيد من رفع أسعار الطاقة، وحزمة إنفاق اجتماعي بقيمة 25 مليار جنيه على الأقل.

وكانت الحكومة المصرية قد رفعت أسعار المواد البترولية المدعومة في 3 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، بنسب تتراوح بين 30.5% و 46%، في ثاني خطوة من نوعها منذ ثورة يناير 2011، وذلك بعد ساعات من إصدار البنك المركزي قرارًا بتعويم الجنيه المصري.

ووفقا للوثائق، تلتزم الحكومة المصرية بفرض ضريبة على نشاط البورصة، وكانت مصر قد التزمت بإجراءات سبقت الموافقة على القرض شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود وتبني القيمة المضافة كنظام ضريبي

ووفقًا للوثائق، تلتزم الحكومة بحلول 30 يونيو/حزيران 2017 بزيادة اﻹنفاق الاجتماعي على برامج الدعم النقدي والمعاش الاجتماعي ووجبات المدارس والتأمين الصحّي والعلاج المجاني للفقراء بمقدار 25 مليار جنيه.

وكان محمد معيط، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة، قد أعلن في تصريحات صحفية منتصف يناير الماضي عن زيادة مخصصات التأمين الصحي بمقدار 3 مليارات جنيه خلال العام الجاري، وزيادة المعاشات ورفع الحد اﻷدنى ﻷي معاش يقل عن 500 جنيه، ورفع دعم السلع التموينية من 42 مليار إلي 53 مليار جنيه، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدي “تكافل وكرامة” بمقدار 2.5 مليار جنيه لتبلغ 6.6 مليار جنيه.

وتتعارض هذه التصريحات مع القرار الأخير بزيادة الأسعار. كما تأتي مع تصاعد الضغوط على الفقراء، وارتفاع نسبتهم –بحسب تقارير حديثة- إذ يعيش نحو 65% من المصريين على أقل من دولارين في اليوم، وهو معدل الفقر الذي أقرته الأمم المتحدة.

المصدر : الجزبرة مباشر