رئيس مفوضية الحدود السودانية: الوجود المصري في حلايب وشلاتين احتلال (فيديو)

قال رئيس المفوضية القومية للحدود السودانية معاذ تنقو، خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم، إن مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه مع مصر سوداني 100%، وإن الوجود المصري فيه بمثابة “احتلال”.

وفي مقابلة مع برنامج المسائية على الجزيرة مباشر، قال تنقو إن ما قاله هو تأكيد لما يؤكده الجميع أن مثلث حلايب وشلاتين هو أرض سودانية خالصة.

وأضاف أن هذا المثلث لم يكن جزءا من مصر منذ استقلالها عن بريطانيا ودخولها عصبة الأمم.

ودلل تنقو على قوله بأن الخرائط التي رسمتها مصر لنفسها بعد الاستقلال تؤكد ذلك، وانعدام الإدارة المصرية لهذا الإقليم، وتوالي الانتخابات السودانية، والإدارة الراتبة للسودان لهذا الإقليم تؤكد ذلك.

ووصف تنقو سيطرة مصر على حلايب وشلاتين بأنه احتلال. وقال إنه منذ الأزل وحتى عهد قريب حينما بدأ الاحتلال المصري يمنع الإدارة السودانية للإقليم، كان هذا المثلث جزءا من تراب السودان ومن وصفه، ومن إقليمه، بحسب الخرائط المقدمة للأمم المتحدة.

ودلل تنقو على سودانية المثلث بأنه في عهود رؤساء مصر السابقين وحتى عهد مبارك لم يكن مثلث حلايب وشلاتين ضمن الدوائر الانتخابية المصرية ولم تجر فيه أي انتخابات مصرية.

وختم تنقو حديثه بقوله: إن ما يحدث الآن هو فرض للأمر الواقع بالقوة، وهولا يتيح حقا بحسب ميثاق الأمم المتحدة.

موقف مصر

وفي ردها على تصريحات تنقو، قالت الباحثة المصرية في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، إن موقف مصر ثابت من القضية أن حلايب وشلاتين أرض مصرية وتخضع للسيادة المصرية.

وأضافت لبرنامج المسائية، أن مصر تعتمد في هذا، على اتفاق بين السودان وهيئة المساحة المصرية تم عام 1909 قام الطرفان فيه برسم خريطة للمنطقة.

كما أن السودان لم تباشر أي اختصاص سيادي على المنطقة، وإنما كانت تباشر اختصاصًا إداريًا لتسيير حياة السكان في مثلث حلايب وشلاتين، وفق قولها.

المثلث المتنازع عليه

يطل المثلث على ساحل البحر الأحمر، على الحدود المصرية السودانية، بمساحة نحو 20.5 ألف كيلومتر مربع، ويضم ثلاث مناطق: حلايب، شلاتين وأبو رماد.

سنويًا، يجدد السودان شكواه أمام مجلس الأمن الدولي بشأن المثلث، داعيًا إلى تحكيم دولي يتطلب موافقة الدولتين، لكن مصر ترفض، وتؤكد سيادتها على المثلث.

جذور النزاع

حتى أوائل القرن التاسع عشر، كان يُنظر إلى الجارتين كدولة واحدة، وبضم محمد علي والي مصر، السودان تحت سلطته السياسية عام 1820، امتدت حدود مصر السياسية جنوبًا لتضم الإقليم السوداني بأكمله.

بحكم “اتفاقية السودان”، الموقعة عام 1899 بين مصر وبريطانيا (باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي في السودان آنذاك)، أُطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوب دائرة عرض 22 شمالًا، وتستند مصر لتلك الاتفاقية في إقرار سيادتها.

بينما السودان يستند لقرار إداري في عام 1902، بأحقيتها بالمنطقة، حيث أصدر ناظر الداخلية المصري آنذاك، هذا القرار، مستندًا لوجود بعض من قبائل لها بعد سوداني بالمنطقة، ولم تعترض مصر على هذا القرار مع استقلال السودان ولم تتحفظ على الحدود.

مصر ترد في السياق ذاته، بأن القرار كان لأبعاد إنسانية لتسيير حياة قاطنين المنطقة، ولا يترتب على إدارة عارضة لفترة أي سيادة، كانت لظروف محددة.

حلايب.. 60 عاما من النزاع الحدودي بين مصر والسودان (الأناضول)
1955.. سيطرة مصرية

دون قيود، استمرت المنطقة مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين حتى 1995، حين عاد المثلث للواجهة بإحكام الجيش المصري سيطرته عليه.

تلك السيطرة جاءت كرد فعل على محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (1981: 2011)، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث اتهمت القاهرة الخرطوم بالضلوع فيها، وهو ما نفته الأخيرة.

1956.. استقلال السودان

تحول خط العرض 22 شمالًا إلى حد سياسي دولي بالمعنى القانوني، مع إعلان مصر اعترافها باستقلال السودان عام 1956.

بعد عامين من ذلك الحين، يتم فتح ملف النزاع من آن إلى آخر، حيث يطرح كل طرف العديد من الحجج والأسانيد القانونية ويقول إنها تثبت حقه في السيادة على المثلث.

1958.. اقتراع من طرف واحد

ردًا على إدخال الخرطوم المثلث ضمن قانون الدوائر الانتخابية السودانية، بموجب التقسيم الإداري لعام 1902، أقدمت مصر على إرسال قوات إليه، عام 1958، حيث اعتبرت أن القرار السوداني يخالف اتفاقية 1899.

وهو ما رد عليه السودان بإرسال قوات، قبل أن تسحب مصر قواتها، وتكتفي بإرسال مذكرة إلى الأمم المتحدة عن حقها في استعادة المناطق الواقعة تحت الإدارة السودانية، شمال دائرة عرض 22 شمالًا.

2010.. دائرة انتخابية سودانية

في 2010، اعتمد السودان المنطقة كدائرة انتخابية تابعة لولاية البحر الأحمر، واعتبر سكانها مواطنين سودانيين يحق لهم التصويت، لكن الأمر لم يُنفذ على أرض الواقع.

العلاقات المصرية السودانية تشهد توترات بصورة دورية بسبب الخلاف على حلايب وشلاتين (أرشيفية)
2011.. ثورة في مصر

بعد أشهر من ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بمبارك، أجريت انتخابات برلمانية مصرية شملت المثلث المتنازع عليه. وزار الرئيس المصري  حينها، محمد مرسي، السودان، في أبريل/نيسان 2013.

وسائل إعلام مصرية نقلت عن مسؤولين سودانيين إن مرسي وعد نظيره السوداني الرئيس السابق عمر البشير، بـإعادة المنطقة إلى السودان، وهو ما نفته الرئاسة المصرية، آنذاك.

في أواخر الشهر ذاته زار رئيس أركان القوات المسلحة المصرية آنذاك، صدقي صبحي، السودان، حاملًا رسالة للمسؤولين السودانيين تشدد على “مصرية” المنطقة المتنازع عليها.

2014.. خطوة التنقيب المصرية الأولى

للمرة الأولى، تحدثت وزارة البترول المصرية، في أبريل/نيسان 2014، عن اعتزامها التنقيب عن البترول والغاز في المثلث.

في يونيو/ حزيران من العام نفسه، منحت القاهرة شركة حكومية حق التنقيب عن الذهب والمعادن، لتقنين عملية البحث العشوائي.

2016.. دعوة لتفاوض مباشر

في أبريل/ نيسان 2016، دعت الخارجية السودانية مصر إلى التفاوض المباشر حول المثلث المتنازع عليه، ملوحة باللجوء إلى تحكيم دولي.

القاهرة رفضت تلك الدعوة، وشددت على سيادتها على المثلث الحدودي.

مواطنون سودانيون في حلايب وشلاتين
2017.. تعزيز التواجد المصري

في مارس/ آذار 2017، أعلنت اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان (حكومية) عن “تكوين لجنة لحسم قضية المثلث”، و”إخراج” المصريين منه بالطرق الدبلوماسية.

جاء ذلك بعد تعليقات في وسائل إعلام مصرية اعتبرت الخرطوم أنها تناولت الحضارة السودانية “بشيء الإهانة”.

آنذاك اتفقت خارجية البلدين على التعامل بـ”حكمة” مع محاولات “الوقيعة” بين البلدين، إضافة إلى رفض “التجاوزات”، وعقد لقاء وزاري.

في أغسطس/ آب 2017، قررت مصر تخصيص نحو ستين مليون دولار، لتنمية المنطقة.

أواخر 2017، أعلنت القاهرة عزمها إنشاء سد في منطقة وادي حوضين بشلاتين، للحماية من السيول والاستفادة من مياهها.

للمرة الأولى، نقل التلفزيون المصري، في 29 ديسمبر/كانون الثاني 2017، شعائر صلاة الجمعة من حلايب، وألقى وزير الأوقاف الخطبة.

2018.. استدعاء ومذكرة

في يناير/ كانون ثانٍ 2018، غادر السفير السوداني بالقاهرة، متوجهًا إلى الخرطوم؛ إثر استدعائه لـ”التشاور”، بعدما جدد السودان شكواه لمجلس الأمن حول المثلث الحدودي.

الخارجية المصرية قالت آنذاك إنها بصدد “تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب”، وفي نفس الشهر تقدمت بمذكرة للأمم المتحدة تتضمن نقاطا تقر بسيادتها على المثلث.

لاحقًا، في الشهر ذاته، قال البشير إن القوات السودانية مستعدة لصد ما وصفه بـ”عدوان المتربصين والمتآمربن”، وذلك بعد حديث مساعده، إبراهيم محمود، عن أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإرتريا.

وهو ما رد عليه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بأن “مصر لا تتآمر على أحد ولا تتدخل في شؤون الآخرين، ولن تحارب أشقاءها”.

في نهاية الشهر ذاته، اتفق السيسي والبشير، خلال اجتماع على هامش قمة الاتحاد الأفريقي الثلاثين في إثيوبيا، على تشكيل لجنة وزارية مشتركة، للتعامل مع القضايا الثنائية، وتجاوز جميع العقبات.

في 8 فبراير/ شباط 2018، شهدت القاهرة اجتماعًا لوزيري الخارجية ورئيسي مخابرات البلدين، لتذليل أية عقبات بين البلدين.

السفير السوداني عاد إلى القاهرة، في مارس/ آذار 2018، لممارسة مهامه.

2019.. استدعاء السفير المصري

في مارس/ آذار 2019 استدعت الخارجية السودانية السفير المصري لدى الخرطوم، احتجاجًا على طرح القاهرة مزايدة دولية لاستكشاف النفط والغاز بالبحر الأحمر في أربعة قطاعات بالمثلث المتنازع عليه، وهو ما لم تعقب عليه القاهرة، غير أنها عادة تؤكد سيادتها على المثلث.

السودان حذّر شركات الطاقة الإقليمية والدولية من “المساءلة القانونية”، في حال العمل في القطاعات التي طرحتها مصر للتنقيب في المثلث.

المصدر : الجزيرة مباشر