دراسة: المرأة المصرية “مسيطرة” منذ الفراعنة

نفرتيتي كانت صاحبة شخصية عظيمة،وفلسفة نسوية متفردة – دويتش فيله

كشفت دراسة مصرية عن الكثير من الدلائل التي تركها الفراعنة للتأكيد على ما تمتعت به المرأة في مصر القديمة من تقدير إنساني ومكانة اجتماعية، وما حققته من نجاحات في  مختلف المجالات الحياتية، حتى صارت ملكة تحكم البلاد.  

وقال عالم المصريات الدكتور محمد يحيى عويضة في دراسة أصدرها بمناسبة  يوم المرأة المصرية الموافق بعد غد الاربعاء إن من أشهر المعالم الأثرية  التي تركها القدماء المصريون، وتبين مدى تقدير ملوك مصر القديمة للمرأة  الفرعونية  وادى الملكات في غرب مدينة الأقصر، وهو أحد أودية جبل  القرنة التاريخي في غرب مدينة الأقصر بصعيد مصر، والتي تضم مئات المقابر  وعشرات المعابد التي شيدها ملوك وملكات  الفراعنة ونبلاؤها.

ووادي الملكات هو المكان الذي دفنت فيه زوجات الفراعنة في الأزمنة  القديمة، وكان يسمى ” تا – ست – نفرو ” أي أبناء الفرعون”، حيث يضم  الوادي مجموعة من المقابر لملكات وأميرات مصر القديمة.

ويقول عويضة، في دراسته، إن وادي الملكات في غرب الأقصر وما يضمه من مقابر رائعة للملكات والأميرات وزوجات ملوك مصر الفرعونية، وفى مقدمتهن  المقبرة المتفردة للملكة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني، وأحب زوجاته  إلى قلبه، هو دليل على المكانة الكبيرة التي احتلتها المرأة في مصر  القديمة، وكيف حرص حكام مصر الفرعونية على إقامة وادٍ يضم مجموعة مقابر  رائعة لزوجاتهم وأميراتهم، على غرار وادى الملوك الذى يضم مقابر ملوك  الفراعنة في الجانب الشمالي من جبل القرنة.

وعلى مقربة من وادى الملكات الذى يضم مقابر ملكات وأميرات الفراعنة، إذ اقيم وادى الملكات في ذات  الجبل وذات المنطقة التي أقيم فيها وادى الملوك، ونقشت للنساء مقابر  مماثلة للرجال.

وبحسب “عويضة ” فإن وادي الملكات هو المكان الذي حفرت ونقشت فيه مقابر الزوجات الثانويات والأميرات فيما يسمى بعصر الرعامسة، أي رمسيس الأول  ورمسيس الثاني وحتى رمسيس الحادي عشر، وهو العصر الذى كان ملوكه وحكامه  أكثر تقديرا للمرأة، وعناية بها وبمكانتها ودورها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في كل شيء.  

وتنتشر في ربوع مصر المعالم الأثرية التي تؤرخ لمسيرة سيدات شهيرات ونساء نبيلات.

ووصلت المرأة في مصر القديمة إلى مكانة لم تصل لها نساء في مناطق أخرى من العالم آنذاك.

وقدس المصريون القدماء المرأة، وكان من أشهر “الآلهة” من النساء، “الآلهة إيزيس” “إله الأمومة “في مصر القديمة، والتي كانت من أهم  معبودات الفراعنة، واقيم لها  معابد عدة من أشهرها معبدها في جزيرة فيله  بمدينة أسوان.

ومن المعالم الأثرية التي تؤرخ لمكانة المرأة في مصر القديمة، معبد  نفرتاري، المعروف باسم معبد أبوسمبل الصغير، والذى أقامه الملك رمسيس  الثانى تكريما لزوجته الملكة نفرتارى، ومعبد الملكة حتشبسوت في غرب  مدينة الأقصر، ومقبرة ” حتب – حرس ” فى الجيزة، ومعبد دندرة الذى كرس  لعبادة الإلهة حتحور ربة الحب والجمال والموسيقى في مصر القديمة.  

وكذلك مقابر النبلاء في غرب الأقصر، والتي أقيمت للنبلاء والأمراء وكبار المسؤولين في مصر الفرعونية، وتحوي نقوشا ورسوما تبرز مكانة المرأة المصرية القديمة في الحياة بجانب زوجها، كزوجة وعاملة ومسؤولة تتولى أرفع المناصب.

أما “أم كل الآلهة ” في مصر القديمة، فقد كانت أنثى، وهى الإلهة ” نوت ”  التي تصور في النقوش الفرعونية على هيئة سيدة بجسم مستدير.

أما أكثر النساء تأثيرا في مصر القديمة فقد كانت الملكة نفرتيتي، زوجة الملك أمنحتب.

ويقول الدكتور محمد يحيى عويضة، إن نفرتيتي التي يجرى البحث عن قبرها في غرب مدينة الأقصر، كانت صاحبة شخصية عظيمة، وحديث جذاب، وفلسفة نسوية متفردة جعلتها المرأة الأكثر تأثيرا ربما في التاريخ بأسره.

ويؤكد في دراسته التاريخية، أنه لا يوجد معبد أو أثر مصري قديم، لا  يحتوي على تمثال أو نقش أو رسم يبرز ويسجل المكانة المتميزة التي تمتعت بها المرأة في مصر القديمة، بجانب برديات تحوى وصايا الحكماء والأباء بحسن معاملة المرأة، ومعاشرتها كشريك في الحياة، وأن يوفر الرجل لزوجته جميع مستلزمات الحياة من ملابس وطيب وعطر وكل ما يحفظ لها مكانتها وصورتها في عيون المجتمع المحيط بها، وأن يتشاور معها وأن يشاركها الرأي في كل قرار يخص حياتهما وحياة أبنائهما.  

ويشير “عويضة ” إلى أن المرأة كانت تشارك زوجها في العمل فتقف بجانبه  في الحقل وفى ورش الصناعات والحرف المختلفة، وأن القدماء المصريين قدسوا  المرأة واحترموها وأنزلوها مكانة كبيرة في قلوبهم وفى كل ما يخص حياتهم ووطنهم، واستحدثوا منصبا غير مسبوق، هو لقب “الزوجة الإلهة” لتكريم نساء ملوكهم.

ووصل الأمر بالقدماء المصريين في تقديس وتقدير النساء إلى إقامة مقصورة خاصة في معابد هابو الضخمة بغرب مدينة الأقصر لدفن ثلاث أميرات في قلب المعبد، وإقامة جناح خاص بذات المعبد لتبقى زوجات الملوك على مقربة من  أزواجهم في طقوس العبادة وإدارة شئون البلاد.