حملات ضد “تقليد مخيف” يحصد أرواح آلاف العراقيين

حملات توعية للتصدي لظاهرة الرمي العشوائي بالعراق

يعد “الرمي العشوائي” أو تقليد “العراضة” عادة مجتمعية متوراثة يشتهر بها مجتمع بلاد الرافدين، إذ اعتاد العراقيون إطلاق الأعيرة النارية في الهواء في حالات الفرح والحزن على حد سواء.

هذه العادة تعرفها معظم المجتمعات العربية خاصة القبائلية والعشائرية منها، ولكنها في العراق تأخذ منحى آخر في الآونة الأخيرة، إذ أصبحت ظاهرة الرمي العشوائي من أخطر الأمور التي تتسبب في مقتل عدد من الأبرياء بـ”الرصاصات الطائشة”.

وتقدر تقارير محلية عدد الذين يقضون سنويًا في العراق بسبب النزاعات القبلية أو تقاليد “العراضة” بنحو ستة آلاف شخص، لتكون القاتل الخامس للعراقيين بعد “الإرهاب” والأمراض المتوطنة وحوادث السيارات والمخدرات.

https://twitter.com/albhranyhbyb1/status/1084094206954614784?ref_src=twsrc%5Etfw

حملات على الإنترنت:
  • مع ازدياد انتشار الظاهرة في الشهور الأخيرة في كافة أنحاء العراق، دعا نشطاء عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى حملات شعبية للتوعية من مخاطر هذه الظاهرة.
  • هدف الحملات إيجاد حل يمنع تحولها من عادة ترتبط بمناسبات اجتماعية محددة في المجتمع العراقي، إلى ظاهرة عامة وفوضى تسبب الموت والخوف بلا داعٍ.
  • الناشطون انتقدوا غياب مؤسسات الدولة عن تنفيذ القانون الذي يحد من انتشار السلاح بهذه الكثافة المخيفة بين المجتمع العراقي بكل فئاته.
  • منتدى السلام في منطقة الرمادي غربي بغداد، أطلق قبل أيام حملة توعية ودشن هاشتاج #سلاحك_عقلك، للتصدي إلى تلك الظاهرة المخيفة، وذلك بالتزامن مع بدء مباريات المنتخب العراقي ضمن بطولة آسيا.

  • عشرات الموطنين العراقيين سقطوا ما بين قتلى ومصابين في الشهور القليلة الماضية بسبب كثافة إطلاق الرصاص العشوائي.
الباحث العراقي إياد حسن:
  • ظاهرة الرمي العشوائي قديمة في العراق ولكنها كانت في السابق محدودة وقليلة ومرتبطة بمناسبات اجتماعية مثل الأفراح والأحزان ولم تكن تمثل خطرًا مثل ماهي عليه اليوم.
  • انتشار الظاهرة بدأ بشكل لافت في منذ ما يقارب الثلاثين عاما، ولكنها اليوم في أعلى معدلات انتشارها في عام 2018.
  • السبب يعود إلى انتشار كميات هائلة من الأسلحة ورخص ثمنها.
  • العراق اليوم يغرق في الأسلحة بكافة أنواعها وبصورة مخيفة، فيستطيع أي فرد شراء أي أسلحة بقليل من الأموال.
  • سعر سلاح الآر بي جي وصل إلى أقل من ألف دولار، وكافة أنواع الأسلحة متوفرة والجميع بات يطلق الرصاص في الهواء وفي أي وقت.

https://twitter.com/Usama_Alziadi89/status/1084115135457886209?ref_src=twsrc%5Etfw

  • هناك أسباب جوهرية في تنامي هذه الظاهرة المخيفة أبرزها:
  1. ما يشعر به المواطن في أنحاء مختلفة من العراق بأنه لا توجد حكومة حقيقيه في العراق، بل حكومة تصريف أعمال ممثلة عن أحزاب سنية وشيعية لها مليشيات مسلحة وهذه المليشيات توفر الأمن لرجال الدولة والأحزاب.
  2. الانهيارات التي لحقت بالجيش العراقي في العقود الثلاث الماضية، فقبل الحرب مع إيران كان انتشار السلاح قليل جدًا، وبسبب ثلاثة حروب في ثلاثين عاما انتشر السلاح بشكل هائل بالعراق.
  • في حرب الخليج الأولى انهار الجيش، ثم في حرب الكويت انهار مرة ثانية فانتشر السلاح أكثر، ثم في عام 2003 كان الانهيار الكامل للجيش ثم فترة الاحتلال، وفي عام 2014 حدث انهيار آخر للجيش.
  • تلك المؤسسة التي تحفظ الأمن في أي بلد وتحتكر وحدها امتلاك السلاح تعرضت لانهيارات متعددة بالإضافة إلى تجارة السلاح البائرة، والتي فتحت لها الدولة محلات بيع عبر متعهدين.

https://twitter.com/mijaking9/status/1081154059833434112?ref_src=twsrc%5Etfw

  • هناك أسباب أكثر خطورة في تنامي وانتشار ظاهرة الرمي العشوائي: هي شعور المواطن العراقي بأن كل شيء انتهى في العراق ولا أمل في أن يعود دولة حقيقية تنشر الأمن والاستقرار بشكل حقيقي، مع حل مشكلات الحياة التي يعاني منها العراقيين.
  • هناك أمل في الحد من انتشار هذه الظاهرة: فبعد انتشار صور لعدد من ضحايا الرمي العشوائي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدأ الناس في العراق بالضغط على الحكومة والأمن والبدء في حملات توعية.
  • تلك الحملات ساعدت في انخفاض ملحوظ يحد من نمو ظاهرة الرمي العشوائي ولكن يبقى غياب الدولة عائقًا أمام نجاح تلك الحملات.

خلفية:
  • تقليد العراضة يبدأ بتجمهر مئات وربما آلاف الأشخاص من مختلف العشائر خلال مراسيم تشييع الموتى أو حفلات الأعراس، أغلبهم مدججون بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة، ليبدأ إطلاق النار بغزارة مع ترديد أهازيج مختلفة تعبيرًا عن حزنهم أو فرحهم.
  • “الرصاصات الطائشة” أو الرمي العشوائي في العراق يحصد سنويًا أرواح 6000 شخص، وفق تقديرات محلية.
  • مستشفى جراحة الجملة العصبية في بغداد، استقبلت وحدها 54 حالة إصابة رصاصة بالرأس نتيجة الرمي العشوائي منذ مطلع 2018 ولغاية الأول من سبتمبر/أيلول، وغالبية الحالات أصيبوا بنزف في الدماغ وشلل نصفي وكلي للأطراف.

  • سبق للمفوضية العليا لحقوق الإنسان أن طالبت مجلس النواب العراقي، بتشريع قوانين رادعة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة نظرًا لانتشار الأسلحة غير المرخصة بصورة كبيرة.
  • المفوضية طالبت الحكومة العراقية أيضًا بتفعيل قانون منع إطلاق العيارات النارية وتشديد العقوبات على مطلقيها في مختلف المناسبات الاجتماعية كتشييع جثامين الشهداء وجنائز الموتى وحفلات الأعراس وغيرها.
  • الدولة وأجهزتها الأمنية تبتعد في أغلب الأحيان عن التدخل في العادات والتقاليد العشائرية في أغلب الأحيان، لما لها من قدسية لدى العشائر، وما قد تثيره من مشاحنات كبيرة مع أجهزة الأمن تنتهي بصدامات مسلحة.

المصدر : الجزيرة مباشر