ثلاثة أسئلة مهمة بعد مقتل “أبو بكر البغدادي”

زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي

في عملية سرية بإدلب شمال غربي سوريا قُتل زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، أمس الأول السبت.

وعلّق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الخبر بمفردات تهكمية قائلًا: “مات مثل كلب، مات وهو يبكي وينتحب ويصرخ”.

وأعلن ترمب خبر وفاة البغدادي في بث تلفزيوني من البيت الأبيض بعد عملية ليلية نفذتها وحدة النخبة الخاصة التابعة للقوات الأمريكية.

أضاف ترمب: “الليلة الماضية، قدمت الولايات المتحدة زعيم الإرهاب الأول في العالم إلى العدالة، لقد كان رجلًا مريضًا ومفسدًا، لكنه رحل”، في إشارة إلى البغدادي الذي تحول من رجل دين إلى أمير حرب متطرف.

وفق تصريحات ترمب، فجّر البغدادي نفسه بسترة ناسفة، بعد أن حوصر في نفق مسدود أسفل مجمع بمحافظة إدلب السورية، حيث أقام مع عدد من أتباعه مدة.

قال ترمب إن التفجير أودى بحياة البغدادي، 48 عامًا، وثلاثة من أطفاله، وتشوه جسده جراء الانفجار.

وأكد بيان صحفي للبيت الأبيض سلامة جميع الجنود الأمريكيين المشاركين في العملية، في حين لقي خمسة من أتباع البغدادي حتفهم في المجمع، فضلًا عن قتل عدد غير محدد من “الأعداء الإضافيين” في المنطقة المجاورة لمخبأ البغدادي.

كيف نُفذت العملية؟
  • لا تزال تفاصيل العملية غير معلنة.
  • وفقًا لتقارير فإن قوات من وحدة دلتا -وحدة النخبة العسكرية- نفذت العملية من قاعدة في العراق، بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية والقوات الكردية.
  • ادعى مسؤول كردي أن القوات الكردية كانت تساعد في تحديد مكان وجود البغدادي على مدى ستة أشهر.
  • قال مسؤول كبير في جهاز المخابرات العراقي لصحيفة “ذا بوست” إن اعتقالات واستجوابات أجراها عملاء عراقيون ساعدت أيضًا في تحديد موقع البغدادي.
  • أمس الأحد أشاد ترمب بعمل وكالات الاستخبارات الأمريكية، وأثنى على جهودها في تعقّب البغدادي.

ومن المعروف أن ترمب تحدى خلال فترة رئاسته استنتاجات مهنية كثيرة لعددٍ من مسؤولي الأمن القومي والاستخبارات، بدءًا من التدخل الروسي في انتخابات 2016، إلى اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إلى انتهاكات محتملة للسلطة يجري التحقيق فيها حاليًا.

وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن عملية البغدادي خرجت عن مسارها تقريبًا بعد قرار ترمب سحب القوات الأمريكية فجأة من شمال سوريا، وهو ما أعاق التخطيط الدقيق لها بل وترتب على ذلك إلغاءها مرتين على الأقل، ما اضطر مسؤولو البنتاغون إلى تنفيذ العملية في غارة ليلية محفوفة بالمخاطر بعد التأكد من مكان البغدادي بمساعدة عملاء محليين وطائرات مسيَّرة من دون طيار.

لكن  الخطة نجحت في النهاية على الرغم من تصرفات ترمب.

هل تتغير استراتيجية الحرب ضد تنظيم الدولة؟
  • حتى الآن، لم يؤكد تنظيم الدولة وفاة البغدادي عبر قنواته على الإنترنت، لكن زواله المروّع يمثل على الأقل ضربة رمزية للتنظيم.
  • مدينة الموصل العراقية كانت قد شهدت عام 2014، الإعلان عن ظهور “خلافة” إسلامية جديدة، وذلك من مسجد تاريخي بالمدينة، ووضع البغدادي نفسه على رأس دولة زائفة ملطخة بالدماء، ذبح السكان واستعبدهم خمس سنوات.
  • خلال تلك المدة، اكتسب التنظيم قوة إقليمية، تدين له بالولاء خلايا لامركزية منتشرة في أماكن متفرقة بسوريا والعراق.
  • يقول محللون إن هذه الخلايا مستقلة إلى حد كبير وتحظى بتمويل ذاتي، ما يقلل كثيرًا من أهمية تصفية البغدادي.
  • مدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض السابق، جافيد علي، قال: “شهد العقدان الأخيران عمليات أمريكية سرية ضد الجماعات المسلحة، ومع التخلص من قيادات تلك الجماعات إلا أن التاريخ ينفي قدرة هذه الضربات على إحداث انهيار استراتيجي أو هزيمة تلك المنظمات الإرهابية”.
  • في الوقت نفسه، يثير تصفية زعيم التنظيم مزيدًا من الأسئلة حول قدرة المسلحين على إعادة تجميع صفوفهم، لا سيّما وأن مقتل البغدادي توقيت سيئ بالنسبة لهم، وسيصعّب عليهم مهمة الحفاظ على قوة التنظيم.
  • بعد مقتل البغدادي، تظل الخطوات المقبلة صعبة التوقع وستفرضها الحقائق المتغيرة على الأرض.
  • ففي عام 2015، كان صعود البغدادي مستحيلًا دون تفكيك نظام صدام حسين البعثي، الذي أعقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
  • دخلت مجموعة من المسؤولين البعثيين السابقين العاطلين عن العمل إلى الرتب المتوسطة والعليا في تنظيم البغدادي، ما شكل نواة قوية للتنظيم وساعده على اقتناص ما يقرب من ثلث الأراضي العراقية.
  • مع بقاء سوريا تحت وطأة الحرب الأهلية والاضطراب السياسي الشامل الذي يسيطر على العراق، انتعشت فرص التنظيم في التمدد وإحكام قبضته على أراضٍ جديدة.
ماذا يعني هذا بالنسبة لسياسة ترمب تجاه سوريا؟
  • من البيت الأبيض شكر ترمب حكومات موسكو وأنقرة وبغداد -وحتى النظام السوري- على تعاونهم الضمني، حيث نفذت الولايات المتحدة الغارة، وأشار على عجالة إلى المساعدة التي قدمتها قوات سورية الديمقراطية (قسد).
  • قدم الأكراد الدور الرئيسي على الأرض خلال الحملة الأمريكية ضد تنظيم الدولة، لكنه -في الوقت ذاته- فصيل تعده تركيا مجموعة إرهابية.
  • الأحد الماضي، زعم مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية أنهم عملوا بالتنسيق مع القوات الأمريكية لتحديد واستهداف أبي الحسن المهاجر، أحد رجال البغدادي المقربين والمتحدث الرسمي باسم التنظيم، ما قاد إلى نجاح العملية.
  • بدا ترمب أكثر شغفًا بالعودة لفكرة الانسحاب، كرر موقفه المشكوك فيه تاريخيًا إلى حد ما بأن الأتراك والأكراد وغيرهم محكوم عليهم بالحرب الأبدية، فضلًا عن إصراره غير التقليدي أن يستحوذ على نفط الشرق الأوسط؛ فنشر قوات أمريكية لحماية حقول نفط شرقي سوريا.
  • قال ترمب: “لقد تقاتلوا منذ مئات السنين، نحن خارج هذه اللعبة، لكننا نترك الجنود لتأمين النفط، وقد نضطر للقتال من أجل النفط”.
  • كتب الأكاديمي بجامعة ستانفورد وكبير المبعوثين الأمريكيين السابقين للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، بريت ماكغورك: “كان ولا يزال يتعين على ترمب ضمان عدم إعادة تشكيل تنظيم الدولة، وليس مجرد العمل لحماية حقل نفط”.
المصدر : واشنطن بوست