تصفية الآلاف في سيناء دون الكشف عن هوياتهم يثير مخاوف السكان

المتحدث العسكري للجيش المصري أعلن تصفية أكثر من 5000 مسلح منذ انطلاق عمليات الحرب على الإرهاب في سيناء

أعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي قبل يومين تصفية 11 مسلحا في إحدى مزارع مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء.

بيان وزارة الداخلية لم يحدد أي بيانات عن هوية القتلى، كعادة البيانات الرسمية التي تعلن أعداد الذين تم تصفيتهم بالأرقام فقط، وأحيانا يتم نشر صور القتلى مع إخفاء وجوههم.

فارق ضخم
  • مجموع ما أعلنه المتحدث العسكري للجيش المصري للقتلى من المسلحين منذ انطلاق عمليات الحرب على الإرهاب في سيناء قبل خمس سنوات تجاوز 5000 شخص.
  • السيسي أقر بأن عدد المسلحين في سيناء لا يتجاوز 1000 مسلح فقط، وذلك في مقابلة مع تليفزيون قناة سي بي إس العام الماضي، بينما يقدر المتعاونون مع الجيش من السكان المحليين أعدادهم بحوالي 300 مسلح، في تصريحات أدلوا بها للصحافة المحلية.
  • الفارق الضخم بين التقديرات الرسمية لأعداد المسلحين وبين عدد من يتم الإعلان عن تصفيتهم من خلال بيانات المتحدث العسكري للجيش المصري وبيانات وزارة الداخلية أثار شكوك ومخاوف العديد من الحقوقيين حول هويات القتلى.
باحث حقوقي للجزيرة مباشر

هناك عدة احتمالات للفارق الشاسع بين التقديرات الرسمية لإعداد المسلحين ومجموع أرقام من أعلن عن تصفيتهم منذ بدء عمليات الحرب على الإرهاب:

  • الاحتمال الأول: “فبركة” عدد كبير من هذه العمليات. ووفقا لهذا الاحتمال فإن عددا من الأرقام التي يعلن عنها في البيانات الرسمية مزيفة، ومن المرجح أن الغرض وفق هذا الاحتمال هو التوظيف السياسي في حالات عديدة مثل مواجهة الغضب الجماهيري بإعلان النجاح في عملية ضد الإرهاب دون أن تكون هناك عملية بالفعل، وربما العملية الأخيرة في العريش التي تم الإعلان عنها الغرض منها مواجهة غضب السكان المحليين بسبب عمليات القتل العشوائي للمدنيين بالرصاص الميري (صادر من جهات رسمية)، وهم يريدون من ذلك أيضا توصيل رسالة للرأي العام كل فترة بأنهم في حرب حقيقية، وبالتالي على السكان أن يتحملوا خنق الحريات وضيق المعيشة، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة و هذه طريقة مجربة لتكريس الفساد والاستبداد.
  • الاحتمال الثاني: وهو الأخطر، أن عدد ممن يتم الإعلان عن تصفيتهم من المرجح أنهم إما أن يكونوا من المختفين قسريا بعد إلقاء القبض عليهم مسبقا بواسطة القوات الأمنية أو من المهاجرين غير القانونيين  الذين يتم إحباط عمليات هجرتهم سواء عبر البر أو البحر.
شبه جزيرة سيناء

الكشف عن أسماء وبيانات من يتم الإعلان عن تصفيتهم سيحسم أي جدل حول كل هذه الاحتمالات، وسيعطي مصداقية للحرب التي يتم شنها في سيناء، لأنه من الغريب أن كل العمليات يتم الإعلان فيها عن تصفية كل المسلحين من دون النجاح في إلقاء القبض على عدد منهم أو إصابة بعضهم بشكل لا يؤدي إلى الوفاة ومن ثم محاكمتهم بشكل عادل لمعرفة حقيقة ما يجري.

الباحث أحمد مولانا المتخصص في شئون الجماعات المسلحة قال للجزيرة مباشر
  • تقديرات الاستخبارات والخارجية الأمريكية لعدد المسلحين في سيناء تقول إنهم ألف شخص، بينما النظام أعلن حتى اليوم مقتل ما يزيد عن 7 آلاف مسلح.
  • السبب في ذلك التفاوت يعود إلى حرص النظام على إبراز إنجازات يحققها من خلال الزعم بالقضاء على أعداد ضخمة من المسلحين، فضلا عن استخدام تلك الأعداد لتبرير استمرار الأحداث في سيناء بذريعة أن مصر تواجه مؤامرة ضخمة وخطرا داهما.
  • عمليات التصفية هي قتل خارج القانون، لأن من يتعرضون للتصفية لا ينالون حقهم في الدفاع عن أنفسهم ضد الاتهامات الموجهة إليهم، كما أن التصفيات ليست من السياسات التي تنتهجها الأنظمة الحريصة على حياة مواطنيها.
  • تنظيم ولاية سيناء يتجاهل عادة الإعلان عن خسائره إلا في حالة القيادات البارزة فقط، كما أنه لا يعلق على حقيقة بيانات التصفيات الرسمية مما يجعل الحقيقة غائبة.
عمليات قتل خارج إطار القانون
  • عمرو مجدي الباحث بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” علق على مدى مشروعية التصفيات التي تقترفها القوات الأمنية بسيناء بالقول إن الكثير من الحوادث التي يعلن عنها هي عمليات قتل خارج إطار القانون لمعتقلين لدى الداخلية ولذلك لا تريد لأحد أن يعرف الحقيقة.
  • وفقا لمجدي فإن نظام السيسي أصدر العديد من القوانين التي تحصن وتحمي ضباط الجيش والشرطة من المساءلة عند استخدامهم للعنف ضد المواطنين وهي قوانين غير دستورية لكن السيسي وحكومته لا يهتمان بالدستور أو القانون حسب تعبيره.
  • فيما يتعلق بمسألة عدم كشف المتحدث العسكري المصري عن هويات وبيانات من يعلن تصفيتهم ومدى قانونية ذلك قال مجدي هناك التزام على الحكومة بإتاحة وصول المواطن للمعلومة، لكنها لا تفعل ذلك، بل بالعكس يتم تجهيل كل البيانات الرسمية وعدم إعلان أسماء القتلى، وإذا حاول صحفي أو باحث الحصول على معلومة أو إجراء مقابلات مع شهود عيان سيتم اعتقاله.
  • مجدي أوضح ماهية استخدام السلاح الناري من قبل قوات إنفاذ القانون والتي وصفها بالخطيرة، مؤكدا أن هناك قواعد إرشادية وشروحات كاملة من هيئات مختلفة في الأمم المتحدة بخصوص استخدام الأسلحة النارية خاصة حينما يترتب عليها قتل المتهمين، لما يسببه هذا القتل من صدمة لدى عائلة القتيل أو حتى الرأي العام، لذا توجب القواعد الدولية الحكومات إخبار أهل القتيل بمكان ووقت الحادث وإطلاع ذويه على التفاصيل الكاملة لواقعة القتل و كذلك مجريات التحقيق بها حتى يتسنى لهم الاطمئنان إلى رواية قوات الأمن والتأكد من أن قتله كان حتميا نتيجة ملابسات الاشتباك وأنه من غير الممكن وفق ظروف الواقعة اعتقاله أو إصابته فقط للإبقاء عليه حيا.
عبد الكريم السواركة (اسم مستعار) للجزيرة مباشر
  • نسمع عن قتل مئات الإرهابيين لكننا ندفن أطفالا ونساء نتيجة هذه العمليات.
  • في أحد البيانات التي أعلن فيها المتحدث العسكري عن قصف بؤر إرهابية كان القصف في الواقع على منزل عائلة الهبيدي من قبيلة السواركة ما أدى إلى مقتل كافة أفراد الأسرة.
  • في واقعة أخرى تعرض منزل عائلة أبو فريح للقصف الجوي ما أدى إلى مقتل 11 فردا كانوا بالمنزل أغلبهم أطفال ونساء، وبعد ذلك أعلن عن مقتل عشرين تكفيري.
  • نعم هناك قتلى من التكفيريين، لكن أكثر القتلى من المدنيين العزل نتيجة هذه الحرب، وللأسف لا يتم الاعتذار عن قتلهم بل تشملهم بيانات المتحدث العسكري باعتبارهم إرهابيين.
  • قبيلة السواركة: هل ستكون نتيجة الحرب على الإرهاب في سيناء القضاء على المدنيين؟
المصدر : الجزيرة مباشر