تسريب صوتي لمعتقل مصري قبل إعدامه

المعتقل الراحل ياسر الأباصيري أعدمته السلطات المصرية مع 14 معتقلا آخرين
المعتقل الراحل ياسر الأباصيري أعدمته السلطات المصرية مع 14 معتقلا آخرين

نشر موقع عربي 21 الإخباري تسجيلا صوتيا مسربا لأحد المعتقلين المصريين الذين أعدموا أمس السبت، كان سجله منذ فترة ويصف فيه معاناته اليومية في السجن.

وتحدث المعتقل الراحل، ياسر الأباصيري، بشيء من التفصيل حول ظروف احتجازه والأحداث اليومية التي يمر بها المعتقلون السياسيون داخل سجن برج العرب بالغربانيات بمحافظة الإسكندرية.

ونفذت السلطات المصرية أمس السبت حكم الإعدام بحق الأباصيري و14 شخصا آخرين في قضيتي “أحداث مكتبة الإسكندرية” و”أجناد مصر 1″، بحسب منظمات حقوقية.

ويبدأ الأباصيري التسجيل بتعريف نفسه قائلا “أنا ياسر الأباصيري معتقل سياسي صدر ضدي حكم نهائي بالإعدام، بتهمة التظاهر والانضمام لجماعة. وأنا محبوس في زنزانة تبلغ مساحتها نحو مترين في مترين، ومعي فردين بداخلها”. 

وأضاف “كل منا معه أربع بطانيات نفرشها على الأرض، وكل شخص ينام على مساحة 65 سنتيمترا تقريبا، وأنا أنام في المنتصف، وأضع على يميني ويساري كرتونة ورقية حتى نتفادى الأمراض، خاصة أننا ننام جميعا ملتصقين مع ببعضنا البعض”.

وتابع “نقوم بتعليق ملابسنا وكل شيء يخصنا من أدوية وأدوات نظافة وطعام في أعلى الزنزانة على شيء اسمه (سحورة)، وهي عبارة عن ثقب في حائط الزنزانة ندخل فيه كيس، ونحن ثلاثة أشخاص في أعمار متقاربة، وكل فرد منا لديه طبيعة خاصة نحاول أن نتحمل بعضنا البعض، خاصة أننا نظل داخل الزنزانة لمدة 23 ساعة يوميا”.

ويوضح الأباصيري أنهم يخرجون للتريض ساعة واحدة فقط يوميا في مكان يُسمى “الأنبوبة”، وهو مكان مُغلق وضيق جدا طوله يبلغ نحو 24 مترا وعرضه نحو متر و60 سنتيمترا.

وعن هذا المكان يقول “نتنفس الصعداء عندما نخرج تلك الدقائق، وكأنك تعطي الأكسجين لشخص كاد أن يموت ليبقى على قيد الحياة، إلا أنك سرعان ما تحرمه من هذا الأكسجين”.

وبما أن عدد المحبوسين داخل السجن الذي يقبع فيه الأباصيري كبير جدا، سواء كانوا سياسيين أو جنائيين، فإن إدارة السجن تقوم بإخراج المحبوسين في ساعة التريض على مراحل وبالتناوب، حيث يخرج 24 معتقلا في كل مرة”.

وعن برنامجه اليومي داخل الزنزانة، يقول ياسر “نستيقظ في حوالي الساعة 8 أو 9 صباحا، ثم نصلي الضحى ونخرج للتريض، ثم نعود إلى الزنزانة لتناول الإفطار، وبعد ذلك نصلي الظهر، ونظل نقرأ القرآن أو نتناقش في أي موضوع حتى صلاة العصر، ونتسامر قليلا بيننا، وبعد ذلك نتناول وجبة الغذاء ثم ننتظر حتى تحين صلاة المغرب”.

وأوضح أن كل مُعتقل له وردا يوميا من القرآن الكريم، أو ربما نقرأ القرآن بشكل جماعي، وبعد ذلك يصلون العشاء ثم يعودون لقراءة القرآن، وهناك مَن يقوم بالحفظ وآخر يقوم بالتسميع.

ثم بعد ذلك يخلدون إلى النوم، ليستيقظوا قبل صلاة الفجر بقليل لصلاة القيام وتلاوة الأذكار حتى صلاة الفجر، وبعدها إلى النوم.

وعن زيارات الأهالي يقول الأباصيري “إذا ما سمحوا لنا بها نخرج لأهالينا ونحن مقيدو اليدين، ونجلس معهم نصف ساعة أو ساعة على الأكثر، ويكون هذا مرة واحدة شهريا أو مرتين على الأكثر على سبيل الاستثناء”.

وأضاف “ولكن لا نستطيع بالطبع أن نحضن أطفالنا أو أهالينا خلال دقائق الزيارة المعدودة بسبب القيود في أيدينا، والكل يعلم بكم المضايقات والإهانات التي نتعرض لها نحن وأهالينا خلال الزيارة”.

وأوضح قائلا إن “النساء اللائي يحضرن للزيارة يتعرضن أحيانا للتحرش اللفظي والجسدي من قبل أفراد الشرطة، خاصة بسبب التفتيش الذاتي الشديد لهن بالأيدي، فضلا عن منع إدخال الكثير من الأطعمة بزعم أن السجن يصرف لنا كل يوم تلك الأطعمة، التي غالبا ما تكون سيئة ولا تصلح للأكل”.

وعن علاج المرضى بالسجن، يقول الأباصيري إن طبيب السجن يمر عليهم كل فترة، وإذا ما وجد أن معتقلا تستدعي حالته الذهاب للمستشفى، يقوم بإخراجه للمستشفى ولكن بصعوبة كبيرة، ويذهب وهو مُقيد اليدين، وأحيانا لا يوجد أطباء داخل المستشفى من الأساس”.

وتابع “وإذا كان هناك سجين يعاني من وضع صحي سيء يقوم جميع المعتقلين بالطرق على أبواب الزنازين بشدة حتى يسمع حرّاس السجن ويستجيبوا لنداءاتنا بضرورة نقله إلى المستشفى، وأحيانا يتعمد الحراس تجاهل نداءاتنا”.

وعن التفتيش الذي يحدث داخل السجن، يقول “يتم هذا الأمر من حين إلى آخر على نحو مفاجئ، إذ ربما نفاجأ ذات صباح بفتح الزنزانة علينا، ويخبرنا الحراس بأن هناك تفتيشا، فنخرج من الزنزانة، ليتم تفتيشنا ذاتيا بالأيدي ثم يقوم أفراد الأمن بتفتيش الزنزانة وقلبها بحثا عن بطاطين أو ملابس أو أدوية أو هواتف محمولة أو أي نقود مالية أو ملابس مخالفة للسجن.

واستطرد قائلا “ويحدث دوريا أن يكون هناك تفتيش من مصلحة السجون، وهذا أمر مختلف تماما؛ فعندها يأخذون كل شيء داخل الزنزانة تقريبا ويتركون لنا أشياء بسيطة للغاية، وهذا يحدث كل ثلاثة أشهر تقريبا”.

أما عن التعامل مع الحرّاس، يقول الأباصيري إن “هناك مجموعة من المُخبرين يديرون كل شيء داخل السجن، وهؤلاء عبارة عن آلات لتنفيذ أوامر الضباط فقط، ومجردون من أي مشاعر إنسانية”.

وبالنسبة للتعامل النقدي داخل السجن قال “كل شيء هنا داخل السجن يتم تداوله بما يسمى (البونات) التي تحل محل النقود، ونضعها في الأمانات لنشتري بها أشياء من كافتيريا السجن، لكن الأسعار دائما تكون أغلى من الأسعار خارج السجن بـحوالي 25 بالمئة، كما أن كل ما هو موجود داخل الكافتيريا يُمنع إدخاله لنا تماما في الزيارة حتى نضطر لشرائه لاحقا من كافتيريا السجن”.

وأضاف “كما أن متطلبات الزنزانة تكون على حساب المعتقلين، فعلى سبيل المثال لو حدثت أي أعطال في السباكة أو الكهرباء أو أي عطل آخر فإنه يتم إصلاحه على حسابنا الشخصي، فلا شيء يحدث مجانا”.

وأوضح أن هناك تعنتا شديدا من قبل الضباط تجاه أي مطلب للمعتقلين السياسيين، فهم دائما يرجعون إلى ضابط الأمن الوطني في أي شيء يتعلق بهم، سواء فيما يخص الإجراءات القانونية أو نقلهم من زنزانة لأخرى أو ما شابه ذلك، لكن ضابط الأمن الوطني يرفض جميع الطلبات، فلا أحد يفعل شيئا بالنسبة للمعتقلين السياسيين”.

واختتم “الأباصيري” تسريبه قائلا “هذه هي حياتنا أو مواتنا داخل المعتقلات، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وندعو الله أن يفرج عنا قريبا”.

مجزرة الإعدامات

وتصدر وسم “مجزرة الإعدامات” قائمة الأعلى تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعدما أكدت مصادر حقوقية أن السلطات المصرية نفذت حكم الإعدام، أمس السبت، في خمسة عشر معتقلا سياسيا.

وقال ناشطون إن غياب المحاكمات العادلة في مصر هو أمر أشبه بالأسرى، الذين يتم إعدامهم في حالة الحرب.

وأضاف ناشطون أن فزع أهالي المعتقلين المستمر هو أمر غير مقبول، وعلى الأطراف السياسية البحث عن حلول لإنقاذهم.

واعتبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن النظام المصري نفذ ما سمتها مجزرة جديدة في 15 معتقلا بعد أحكام إعدام بنيت على تحريات مزورة واعترافات تحت التعذيب.

وأوضحت المنظمة في بيان أن السلطات المصرية أقدمت على تنفيذ الإعدامات، بعد محاكمات هزلية تفتقر إلى المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة، وعبر أجهزة قضائية مسيسة لا تتمتع بأي قدر من النزاهة أو الاستقلال.

وأشارت المنظمة إلى ارتفاع عدد المحتجزين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في ظل النظام الحالي إلى 74 شخصا.

وتعود أحداث القضية محل الاتهام إبان فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وهي في مضمونها تتشابه مع مئات القضايا التي تم الزج بآلاف المعارضين فيها بغرض التنكيل، حيث وُزعت الاتهامات بصورة جزافية، وخلت الأحكام الصادرة فيها من أي دليل سوى تحريات ورواية ملفقة لضباط الأمن الوطني واعترافات انتزعت من المتهمين تحت التعذيب.

وأضافت المنظمة في بيانها: “الأحراز التي وجدت مع المتهمين لم تكن تشكل أي جريمة أو إشارة لجريمة حيث لم تكن سوى كتب وبطاقات تموينية رسمية وهواتف نقالة، بالإضافة إلى أسطوانات مدمجة تم إرفاقها من قبل الجهات الأمنية ويظهر فيها بعض المتهمون بتمثيل الجرائم المتهمين بارتكابها في مسرح الجريمة وقد أبلغ المعتقلون المحكمة وجهات التحقيق أنهم أجبروا على ذلك من قبل الأجهزة الأمنية تحت التعذيب والتهديد.

بدورها قالت منظمة أفدي الدولية لحقوق الإنسان إن اقدام السلطات المصرية على إعدام المعتقلين السياسيين فيه إهدار للعدالة، وأكدت أن كل الأحكام الصادرة بالإعدام كانت بخلفيات سياسية وانتقامية ودعت الحكومة المصرية إلى تغليب لغة القانون على لغة الانتقام والتعدي، وأن تطلق سراح كل معتقلي الرأي.

اقرأ أيضا
بعد إعدام 15 معارضا في مصر.. وسم #مجزره_الإعدامات يتصدر التفاعلات
المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل