تركيا: الأحكام في قضية مقتل خاشقجي “لا تحقق العدالة”

الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي

انتقدت تركيا، الإثنين، الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، معتبرة أنها “لا تحقق العدالة”.

وقالت الخارجية التركية في بيان إن الأحكام التي قضت بإعدام خمسة أشخاص وبرأت اثنين من المشتبه بهم الرئيسيين “لا تلبي رغبة بلادنا والمجتمع الدولي في الإضاءة على كل جوانب هذه الجريمة وإحقاق العدالة”.

وأضافت الوزارة أن “مصير جثة خاشقجي وتحديد هوية المحرضين على القتل والمتعاونين المحليين المحتملين، كلها أسئلة لا تزال بدون أجوبة، وهذا يشكل فجوة أساسية في مسار العدالة”.

وفي وقت سابق، الإثنين، أصدرت محكمة سعودية، حكمًا أوليا بإعدام 5 أشخاص (لم تسمهم) من بين 11 متهما، رغم اعتبارها أنّ الجريمة المروعة، التي تخلّلها تقطيع جسد الضحية، لم تتم بنية مسبقة، بل كانت وليدة اللحظة.

كما عاقبت 3 مدانين منهم بأحكام سجن متفاوتة تبلغ في مجملها 24 عامًا، وقضت بعقوبة تعزيرية على 3 مدانين آخرين لعدم ثبوت إدانتهم، ما يعني تبرئتهم.

وأعلنت النيابة السعودية، خلال مؤتمر صحفي، أن المحكمة الجزائية بالرياض برأت القحطاني لعدم توجيه تهم إليه، وعسيري لعدم ثبوت تهم عليه، والعتيبي الذي أثبت تواجده في مكان آخر وقت مقتل خاشقجي.

ولم يصدر تعليق من أسرة جمال خاشقجي حول الحكم الأولى.

وبعد أكثر من عام على مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في جريمة أثارت ردود فعل دولية مندّدة، فاجأت السلطات المراقبين بإعلان تبرئة اثنين من كبار مساعدي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

جمال خاشقجي بين سعود القحطاني وولي العهد السعودي محمد بن سلمان
مسرحية هزلية

وانتقد تجمع حقوقي في السعودية تبرئة المسؤولين البارزين من الاتهام في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

جاء ذلك في تغريدة لحساب “معتقلي الرأي” عبر “تويتر”، تعقيبا على إعلان النيابة السعودية صدور حكم أولي بإعدام 5 أشخاص، ليس من بينهم المسؤولين البارزين، أبرزهم سعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد محمد بن سلمان.

وقال حساب “معتقلي الرأي”: “قبل عام تمامًا نشرت الاستخبارات الأمريكية تقريرًا يكشف وجود مراسلات بين سعود القحطاني وبن سلمان قبل وأثناء وبعد عملية اغتيال خاشقجي”.

وأضاف: “اليوم يزعم القضاء السعودي أن الجريمة تمت من دون تخطيط مسبق ويبرئ سعود القحطاني! أي قضاء مستقل هذا؟”.

وانتقد الحساب السعودي المعارض مسار محاكمة قتلة خاشقجي، قائلًا: “النيابة العامة تعيد ملف خاشقجي إلى المُربع الأول متجاهلة جميع التقارير الدولية والتسجيلات المتعلقة بالجريمة”.

وتابع مستنكرًا: “النيابة تعلن أن قتل خاشقجي لم يكن بنية مسبقة، وتبرئ كلا من القحطاني، وأحمد عسيري (نائب رئيس الاستخبارات السابق)، والقنصل السعودي السابق محمد العتيبي”.

وأكد الحساب المعارض “رفضه التام للمسرحية الهزلية التي سمّتها السلطات محاكمة قتلة جمال خاشقجي، والتي نتج عنها تبرئة كل من القحطاني وعسيري والعتيبي من تلك الجريمة!”.

وتابع: “لا بديل عن المحاسبة الحقيقية لكل من أمر بالقتل ولكل من شارك فيه!”.

وقال: “مع انعدام الشفافية في الإجراءات القضائية، واستمرار انتهاك النيابة للقوانين، فإن السلطات ستبقى تتحكم كما تشاء بمصير معتقلي الرأي، وتبرئ أمثال سعود القحطاني من جريمة لا شك في تورطه بها حسب التقارير التي نشرت منذ عدة شهور”.

وفي ديسمبر/كانون أول 2018، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مضمون 11 رسالة مشفّرة اعترضتها وكالة المخابرات الأمريكية “CIA” كان قد أرسلها ولي العهد السعودي، إلى مستشاره القحطاني، قبل مقتل خاشقجي.

وحسب الصحيفة الأمريكية آنذاك، أرسل بن سلمان 11 رسالة على الأقل إلى القحطاني” في ساعات قليلة سبقت وتلت عملية قتل خاشقجي، وفقا لتقييم سري للغاية لوكالة الاستخبارات المركزي، “سي آي إيه”.

وكان ولي العهد السعودي أخبر معاونيه في أغسطس/آب 2017، أنه إذا لم تنجح جهود إقناع خاشقجي بالعودة إلى السعودية “فمن الممكن إغراؤه خارج المملكة واتخاذ الترتيبات”، ما مثل إنذارا حول “بدء العملية السعودية لاستهداف خاشقجي”، وفق ما أوردته “وول ستريت جورنال” عن تقرير وكالة المخابرات الأمريكية.

وفي ديسمبر/ كانون أول 2018، أصدرت محكمة تركية، مذكرة توقيف بحق عسيري والقحطاني، مؤكدة وجود أدلة على اتهامها بالمشاركة بـ”القتل المتعمد بطريقة وحشية أو عبر التعذيب مع سابق الإصرار والترصد”.

وقبل 3 أشهر، وثق تقرير أممي أعدته المقررة عن القتل خارج نطاق القضاء أغنيس كالامارد، تورط أولي لولي العهد محمد بن سلمان، مشيرة لوجود أدلة على ذلك تحتاج لمزيد من التحقيق.

وقتل خاشقجي، في 2 من أكتوبر/ تشرين أول 2018، داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي.

وبعد 18 يوما من الإنكار والتفسيرات المتضاربة، أعلنت الرياض مقتله داخل القنصلية، إثر “شجار” مع أشخاص سعوديين، وأوقفت 18 مواطنا ضمن التحقيقات، من دون كشف المسؤولين عن الجريمة ولا مكان الجثة.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات