تجدد المظاهرات والاشتباكات في لبنان وسط أزمة معيشية خانقة

متظاهرون خلال احتجاج على أداء الحكومة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية في بيروت

عاد مئات المتظاهرين اللبنانيين إلى الشارع السبت احتجاجاً على أداء السلطات العاجزة عن وضع حدّ للانهيار الاقتصادي المتسارع، فيما أثار رفع بعض المجموعات شعار نزع سلاح حزب الله توتراً.

ويعدّ التحرّك في وسط بيروت الأول بعد تخفيف السلطات مطلع الأسبوع الحالي قيود الإغلاق العام التي فرضتها منذ منتصف آذار/مارس لمكافحة وباء كورونا، وأدت الى تراجع وتيرة التحركات المناوئة للسلطة.

نزع سلاح حزب الله

ورفعت بعض المجموعات عناوين خلافية بينها نزع سلاح حزب الله، وهو شعار لم تتطرق له غالبية مجموعات الحراك الشعبي غير المسبوق الذي شهده لبنان منذ نحو ثمانية أشهر.

وأصيب 48 شخصا بجروح بينهم 37 جرت معالجتهم في المكان بحسب الصليب الأحمر اللبناني.

وتخلّل التجمّع في ساحة الشهداء توتراً بين متظاهرين ردّدوا شعارات مناوئة لحزب الله وآخرين قدموا من حي قريب موالين للحزب مرددين “شيعة شيعة” حاولوا التقدّم نحوهم، إلا أن قوات الجيش شكلت جداراً بشرياً للفصل بينهم.

مؤيدوا الجماعات الشيعية اللبنانية حزب الله وأمل يرددون شعارات ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة (رويترز)

وقالت سناء (57 سنة) وهي متظاهرة من مدينة النبطية “جئت لأطالب بحقوقنا وأولها لا لسلاح حزب الله، السلاح يجب أن يكون فقط بيد الجيش.. حتى نعيش بكرامة”.

وأضافت بينما رفعت لافتة كتب عليها “لا لحزب الله ولا لسلاحه”، “السلاح والجوع يأتيان معاً.. علينا أن نستعيد كرامتنا أولاً وبعدها نطالب بحقوقنا”.

أسوأ أزمة

ويشهد لبنان منذ أشهر أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975- 1990) تخطى معها سعر صرف الليرة عتبةـ 4 آلاف مقابل الدولار في شهر نيسان/أبريل، بينما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات.

وقال أحد المتظاهرين من منطقة الضنية شمالاً “آخر همنا سلاح حزب الله طالما أنّه متجه الى الخارج”، موضحاً أن الحكومة “طلبت فرصة والفرصة انتهت.. نحن في الشارع من أجل لقمة عيشنا”.

ولطالما شكل نزع سلاح حزب الله الذي يعد لاعباً رئيسياً في لبنان، عنواناً خلافياً بين القوى السياسية.

وتشارك في المظاهرات التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر، (مروحة) واسعة من المجموعات الناشطة سياسياً ومدنياً، ترفع غالبيتها مطالب اقتصادية واجتماعية ومدنية وشعارات مناوئة للفساد ويطالب بعضها بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

الحصول على حقوقنا

وعمد متظاهرون غاضبون في وسط بيروت إلى تكسير واجهات متاجر ورمي حجارة باتجاه قوات الأمن التي ردّت بإطلاق غاز مسيل للدموع.

وأحرق محتجون حاويات نفايات على طريق في وسط بيروت وتراجعوا أمام قوات مكافحة الشغب التي كانت تتقدم باتجاههم.

متظاهر يعيد إلقاء علبة غاز مسيل للدموع بمضرب تنس وسط سحابة من الغاز المسيل للدموع خلال الاحتجاجات (رويترز)

وقالت الطالبة الجامعية كريستنيا حداد (21 عاماً) “نزلنا من أجل تحصيل حقوقنا الأساسية كالطبابة (العلاج) والتعليم والعمل وهي أبسط الحقوق التي على الإنسان أن يتمتع بها ليبقى على قيد الحياة”.

وأفاد مندوب “الوكالة الوطنية للاعلام”أن إشكالا وقع بين شبان من عين الرمانة وآخرين من الشياح، تخلله رشق بالحجارة. وعلى الفور، وفق المصدر نفسه، وصلت قوة كبيرة من الجيش ومن الأمن العام، وفصلت بينهم، وأعادت الهدوء.

ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في تشرين الأول/أكتوبر 2019، نزل مئات آلاف اللبنانيين إلى الشارع احتجاجا على أوضاع البلاد الاقتصادية.

الإساءة للسيدة عائشة

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر قيام مجموعات بترديد هتافات مسيئة تتعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خلال مظاهرات في البلاد، السبت.

ومساء، حصل تبادل لإطلاق النار في العاصمة، بين سكان منطقة ذات غالبية سنية، معقل رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وسكان منطقة مجاورة ذات غالبية شيعية هي معقل حركة أمل.

وقد انتشر الجيش اللبناني وعمل على إعادة الهدوء بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام التي أشارت إلى إصابة شخصين بجروح.

ونددت جهات دينية رفيعة عدة، وكذلك الحريري وحزب الله، بالتعرض للسيدة عائشة.

وأثار التعرض للسيدة عائشة التوتر في طرابلس (شمال) حيث أقدم متظاهرون على رمي حجارة على القوى الأمنية التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص المطاطي.

ودان رئيس الوزراء حسان دياب عبر تويتر التعرض للسيدة عائشة، داعياً اللبنانيين إلى التحلي بـ”الحكمة”.

أزمة خانقة

ورغم تشكيل حكومة جديدة منذ مطلع العام، ثمّ وضعها خطة اصلاحية اقتصادية، طلبت على أساسها الشهر الماضي مساعدة صندوق النقد الدولي لإنقاذ الاقتصاد المتداعي، إلا أنها لم تتمكن بعد من اتخاذ أي اجراءات عملية.

ويعيش اللبنانيون أزمة خانقة انعكست ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والسلع كافة، بينما خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم بسبب الأزمة.

ويعيش أكثر من 45% من السكان تحت خط الفقر، بينما ارتفعت البطالة الى أكثر من 35%، وفق تقديرات لوزارة المالية. وتتوقّع الحكومة نمواً اقتصادياً سلبياً بنسبة 13%.

المصدر : الفرنسية