بين الحراك والانتخابات.. هل هو أسبوع الحسم في الجزائر؟

محتجون في الجزائر يرفضون إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر

عاش الجزائريون أسبوعا تاريخيا وحافلا بالأحداث، انطلاقًا من محاكمة بعض رموز نظام بوتفليقة، ولأول مرة مترشّحون للانتخابات الرئاسية وجها لوجه في مناظرة تلفزيونية.

كل ذلك، والحراك في الشارع يتسارع إيقاعه باقتراب موعد الاقتراع المقرر يوم الخميس المقبل.

ويبدو الانقسام واضحًا بخصوص ورقة النظام “التاريخية”، كما يصفها من رأوا في مثول وزراء سابقين أمام العدالة تأكيدًا على النية الصادقة للسلطة الفعلية في محاربة الفساد وبناء نظام جديد، وشارع غاضب وصف ما يحدث بالمسرحية الفاشلة وأنها لا تعدو أن تكون مراوغة جديدة من نظام يسعى لتغيير جلده.

وبدخول الحملة الانتخابية أسبوعها الأخير، تطرح أسئلة جوهرية، حول طبيعة ما يحصل؟ وهل تجاوزت الأحداث الحراك؟ وهل خرج النظام من منطقة الخطر؟ وهل سيكون الأسبوع الأخير حاسمًا؟

الحراك والحملة الانتخابية.. وجهًا لوجه
  • بعد بداية “متحفظة” للحملة الانتخابية في أسبوعها الأول، سجل الأسبوع الثاني تحررًا وقليلًا من الجرأة لدى بعض المترشحين وأنصارهم فيما يبدو أنهم تجاوزوا رهاب الشارع ولو بالقدر اليسير.
  • عدة فلاحي، برلماني سابق وأحد النشطاء في الحملة الانتخابية قال في تصريح لموقع الجزيرة مباشر، إن الأسبوع الثاني من الحملة تميز بنوع من التحرر من الخوف وردود فعل المقاطعين، وحاول المترشحون والمساندون لهم المكلفون بالحملة، النزول إلى الشارع ومحاولة إقناع الرافضين.
  • غير أن الناشط في الحراك منذ أيامه الأولى، حمزة بركاني، لا يرى أن الحملة الانتخابية قد أثرت على الحراك، وقال لموقع الجزيرة مباشر “الأسبوع الثاني من الحملة كان باهتًا من ناحية حضور المواطنين، إضافة للإحراج الذي سببته الوقفات الاحتجاجية أثناء المهرجانات الدعائية للمترشحين ومسانديهم، ناهيك على كون خطاب المترشحين بسيطا وغير مقنع.
  • أستاذ القانون مختار خميلي، يرى أن “هناك عدم إقبال من المواطنين على الحملة وأن خطاب المترشحين لم يكن مقنعًا كثيرًا”.
  • المحلل والباحث السياسي عبدالوهاب جعيجع، يعتقد أن الأسبوع الثاني من الحملة عرف بعض الديناميكية مقارنة بالجمود الذي ميز الأسبوع الأول، خاصة في رجوع المترشحين الى المناطق الشمالية، لكنه أكد أن هذه الديناميكية يقابلها استمرار الرفض الذي يبديه الشباب المتمسك بالحراك والرافض للانتخابات.
حافظ الحراك الشعبي في الجزائر على زخمه بخروج حشود كبيرة من المواطنين (رويترز)
محاكمات “تاريخية”.. وحكم “الشارع”
  • بعد جدل كبير حول إمكانية محاكمة رموز نظام بوتفليقة في غياب المحكمة المختصة بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، التي ينص عليها الدستور الجزائري في مادته 177، حسم الأمر وأعطي الضوء الأخضر لانطلاق محاكمة مجموعة من الوزراء ورجال الأعمال بمحكمة سيدي امحمد بتهم فساد ثقيلة.
  • الشارع انقسم بخصوص مدى تأثير هذه الخطوة على المشككين في نوايا النظام القائم، ومدى إمكانية إقناع المترددين في الإدلاء بأصواتهم يوم الاقتراع.
  • عبدالوهاب جعيجع يعتقد أنه سيكون للمحاكمة تأثير إيجابي على زحزحة الكثير من المترددين نحو المشاركة في الانتخابات، خاصة وأن وجود أسماء ثقيلة يجعل الكثير من الناخبين يأملون في تحقيق تغيير ما.
  • المحلل السياسي يضيف أن بعض الذين يمثلون أمام المحكمة تربطهم علاقات مباشرة مع مترشحين ما سيعطي الانطباع بانعدام المحاباة باتجاه أي مترشح من قبل السلطة القائمة.
  • غير أن عدة فلاحي يرى أن محاكمة رموز النظام السابق أعطت قليلًا من المصداقية للسلطة القائمة، إلا أنه يعتقد أن حراك الجمعة الـ 42 كان قويًا وأرسل رسالة شديدة للسلطة مفادها، أنه مهما فعلت لا يمكن أن يثق فيها وفي إجراءاتها.
  • الحراك بحسب فلاحي ينظر للمحاكمة على أنها مجرد سيناريو لتجديد النظام لنفسه ويعلل ذلك بكون بعض المترشحين للانتخابات الرئاسية كانوا جزءًا من “العصابة”.
  • أما مختار خميلي فيرى أن محاكمة رموز النظام السابق محطة فارقة سواء في إنقاص عدد المتظاهرين أو في زيادة عدد المشاركين في العملية الانتخابية، وحجته في ذلك كما قال “نحن في النهاية شعب عاطفي”.
مظاهرات الجزائر ترفض انتخابات الرئاسة (رويترز)
المناظرة “التاريخية” وأسبوع الحسم
  • يوم الجمعة الماضي عاشت الجزائر على وقع مناظرة تلفزيونية للمترشحين الخمسة، في سابقة هي الأولى في الجزائر، إذ ولمدة ثلاث ساعات متواصلة، حاول كل مترشح شرح برنامجه للمشاهدين.
  •  المتابعون للمناظرة اختلفوا بين مستحسن ومتهكم، كما أن العديد من المختصين يرون أنه في ظل غياب مراكز سبر للآراء لن يتمكن الجزائريون من معرفة مدى تأثير هذه المناظرة على مزاج وخيارات الناخب.
  • عدة فلاحي “لا يجب تحميل المترشحين المشاركين في المناظرة أكثر مما يمكن تحمله، لأنهم لم يتعودوا على هذا السلوك السياسي، ولهذا ظهر عليهم الارتباك، ويجب تثمين المناظرة وإن كان مطعون فيها عند المعترضين من حيث المبدأ”.
  • عبدالوهاب جعيجع “إن لم يتم التطرق لأسئلة الشارع الضاغطة حول تزوير الانتخابات وحقيقة التغيير ودور المؤسسة العسكرية وحقيقة اختراق الحراك، فإنه وبالرغم من كل هذا فإن هذه المناظرة هي سابقة وخطوة ايجابية تستحق كل التشجيع”.
  • أما مختار خميلي فيرى أن أداء المترشحين في المناظرة هي الأولى من نوعهاكان متباينا ، بين مخيب للآمال ومقبول بالرغم من أن بعض المترشحين حاول كسب جولة المناظرة.
  • غير أن الناشط حمزة بركاني يرى أن المناظرة لم تف بالغرض المطلوب منها وسينساها الكثيرون بعد يوم أو يومين ولن تؤثر في المشهد الانتخابي.
في أي اتجاه ستكون الانعطافة؟
  • بالرغم من أن المشهد العام في الجزائر لا يوحي بإمكانية تأجيل الانتخابات خاصة مع اقتراب موعد الاقتراع، إلا أن هناك مؤشرات ترقب حول ظروف سير يوم الاقتراع.
  •  بيانات رسمية للسلطة تحدثت عن إفشالها لمخطط تخريبي نسبته لحركة “الماك” الانفصالية، وعملية احباط اختراق لقوى أجنبية استهدفت حملة المترشح علي بن فليس حسب الأجهزة الأمنية الجزائرية.
  • عدم تنظيم أي تجمعات انتخابية في ولايتي تيزي وزو وبجاية حتى الآن، بالإضافة إلى زخم الحراك في جمعته الثانية والأربعين التي ردت على تصريح، وصف بالمنحاز، أدلى به رئيس السلطة المشرفة على الانتخابات، محمد شرفي.

هي ملامح أسبوع حاسم وساخن سيكشف هل سيكون يوم الاقتراع نقطة انعطاف نحو التهدئة أم بداية مرحلة “كسر العظام” بين حراك مصّر على رفض الانتخابات ونظام يراهن على شرعية “ولو معطوبة” لرئيس الأمر الواقع تفرزه انتخابات بمن حضر.

المصدر : الجزيرة مباشر