“بويصير” يكشف حقيقة دعم ترمب لحفتر ودور السيسي وابن زايد

المحلل السياسي الليبي محمد بويصير

كشف المحلل السياسي الليبي والمستشار السابق للواء خليفة حفتر، محمد بويصير طبيعة الدور الأمريكي في ليبيا ومدى أهمية هذا الملف لإدارة الرئيس دونالد ترمب.

كما كشف “بويصير” المقيم في ولاية تكساس الأمريكية، في مقابلة خاصة مع “الجزيرة مباشر”، مدى واقعية وإمكانية التدخل العسكري لحسم الأزمة لصالح طرف وتحقيق الاستقرار في ليبيا.

وأكد “بويصير” أن حفتر وعائلته يتعاملون مع ثلاثة مكاتب ترويج في أمريكا تعمل داخل النظام السياسي هناك، لكن تأثيرها محدود حتى الآن.

وأوضح أن واشنطن أقرب الآن إلى حكومة الوفاق الليبية وأنها تدعم العملية السياسية لكنها قد تكون راغبة في أن تترك للميدان فرصته كما فعلت مثلًا في حرب 1973.. وإلى المقابلة:

حوار/ علاء فاروق

بداية كيف تنظر إدارة ترمب الحالية للأزمة الليبية بشكل عام؟

ليبيا جزء من منطقة الـ”MENA” (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، بالنسبة لأمريكا، وهناك أربعة أسس للسياسة الأمريكية تجاهها: محاربة الاٍرهاب، واستمرار تدفق النفط، ودعم جهود تكوين حكومة واحدة مستقرة، وملاحقة كل من ارتكب أعمال ضد المصالح الأمريكية، وهذه تبقى أسس رؤية ترمب وإدارته لليبيا وأزماتها.

هل هذا يعني أن الملف الليبي ليس هاما للأمريكان مثلًا؟

ليس هكذا تحديدًا، لكن الملف الليبي ليس من أهم عشرة موضوعات لدى واشنطن باعتبار أنه ملف مزمن ولا يمس الأمن القومي الأمريكي مباشرة مثل الصين وإيران وحتى فنزويلا.

وما رؤية واشنطن للحل السياسي في ليبيا؟

هي تدعم قيام حكومة موحدة، ولكن دون الرغبة في الدخول في التفاصيل.

مكالمة “ترمب” لحفتر لاقت ردود فعل غاضبة وتم تسويقها من طرف الجنرال أنها دعم أمريكي له.. ما تعليقك؟

المكالمة جاءت خارج السياق وقد جاءت في الأساس في مجال الإعداد للمواجهة مع إيران وبناء على ما طرحه كل من محمد بن زايد وعبدالفتاح السيسي من أن “حفتر” شريك في الحرب ضد “الاٍرهاب”، أما أهميتها فهي لم تصنع سياقًا جديدًا، بل أعيد الملف الليبي إلى الخارجية الأمريكية.

لوحظ مؤخرًا حراكًا ليبيًا من قبل بعض المنظمات الحقوقية الليبية والجالية هناك والعائلات لتقديم دعاوى وشكاوى ضد المشير “حفتر”.. كيف تابعت الأمر؟

بالفعل هناك قضايا مدنية ودعاوى رفعت من قبل عائلات أمريكية من أصل ليبي ضد جرائم ارتكبها “حفتر” وقواته وأبنائه وهناك أيضًا ملفات لدى المدعي العام بالإضافة إلى مطالبة من أعضاء في الكونغرس لفتح تحقيق معه، كما أن اختفاء النائبة عن بنغازي، سهام سرقيوة يلقى صدى هنا وتساؤلات.

وهل لهذه الخطوات أي فائدة أو دور؟

طبعًا، هذه خطوات هامة جدًا، فالولايات المتحدة تقوم على القانون والرئيس نفسه يخضع له، كما أؤكد لك أن “حفتر” سيلقى استقبالًا مناسبًا به إذا جاء لأمريكا وهو شخصيًا يعلم ذلك جيدًا.

وكيف ينظر الرأي العام الأمريكي لهذه الشكاوى والدعاوي؟

الحقيقة رغم أهميتها لكنها ليست بدرجة أنها تشغل الرأي العام فهي ليست من قضاياه، لكنها مهمة جدًا للمتخصصين والمتابعين فقط.

وهل يملك “حفتر” بالفعل شركات دعاية وضغط على الجانب الأمريكي؟

هناك 12 شركة علاقات عامة تروج لأطراف ليبية موجودة في المشهد الحالي والقائمة بهذه الشركات ليست سرية فهي موجودة ومنشورة على موقع الخارجية الأمريكية، ثلاث شركات منها يتعاقد معها حفتر وعائلته، وهي شركات تعمل داخل النظام السياسي الأمريكي، لكن تأثيرها محدود ولا يمكن أن تحيد بالسياسات العامة عن مسارها.

هناك معلومات تقول إن السعودية والإمارات تمتلكان شبكة كثيفة من شركات الضغط ومراكز الأبحاث وعلاقات تجارية مع شركات أمريكية ضخمة يستغلونها في حشد الدعم لحفتر.. ما صحة ذلك؟

هم لا يمتلكون كون القانون الأمريكي يمنع ذلك، لكنهم بالفعل يتعاقدون مع شركات هناك، لكن الرأي العام والذي يتجمع ضد مغامرة اليمن وكذلك اغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجى، لا يسمح لهذه الشركات أن تمتلك مساحة واسعة، وتستطيع أن ترى ذلك من الصحافة وتعاطي الكونغرس الأمريكي، والحقيقة فإن الإمارات والسعودية ليستا في وضع جيد في واشنطن.

وكيف تتابع إدارة ترمب التدخل الفرنسي في ليبيا ودعمها لحفتر؟

الإعلام الأمريكي ينتقد هذا التدخل، لكن القضية ليست على رأس العلاقات الأمريكية الفرنسية، إيران هي القضية الرئيسية بين الحكومتين حتى الآن.

بقربك فترة من الجنرال الليبي.. هل رصدت أي تواصل أمريكي رسمي معه لدعمه ودعم مشروعه كما يسوق مؤيدوه؟

حفتر بدأ يتصرف معزولًا عن سياق التصور العام حتى لحلفائه، ومع الأيام يتضح أنه يحرق فرصه السياسية مرة تلو الأخرى، وسيثبت أن السيف الذي يشهره من زعم دعمه هو سلاح ذو حدين.

بخصوص ورقة النفط الليبي.. هل بالفعل ورد تحذير قوي وتهديد من قبل واشنطن لحفتر بعدم الاقتراب منه؟

استمرار تدفق النفط يحافظ على مستوى الأسعار وهذا أمر جوهري للأمريكيين كون أسعار النفط موحدة عالميًا، وبالتالي غير مسموح المساس بتدفقه، وفي الحالة الليبية يوجد طبعًا تحذير بعدم المساس بالنفط وهذا يعتبر مصدر قوة للمؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق ورئيسها، مصطفى صنع الله.

رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج التقى السفير الأمريكي مؤخرًا في تونس.. وأكد له الأخير دعم واشنطن للعملية السياسية.. ألا ترى تناقضًا في الموقف الأمريكي؟

لا يوجد أي تناقض، الجميع مع العملية السياسية ولكن الولايات المتحدة قد تكون راغبة في أن تترك للميدان فرصته، كما فعلت مثلًا في حرب 1973، وبعدها يمكن أن تكون عملية سياسية ناجحة.

وما طبيعة العلاقة بين “الوفاق” والإدارة الأمريكية؟

علاقة جيدة وممكن أن تكون أفضل.

تواردت أنباء عن وصول قوات من “الأفريكوم” (القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا) إلى الغرب الليبي.. هل للموضوع علاقة بحفتر وعدوانه على العاصمة؟

لا ليست هناك علاقة، فهذه القوات موجودة لملاحقة “الاٍرهاب” وهناك قوات أيضًا تابعة لها في الشرق الليبي ولا يملك حفتر ولا السراج رفض وجودها.

وهل تشك واشنطن في وجود “إرهابيين” بالفعل في الغرب الليبي بناء على تصريحات حفتر ومموليه؟

الحقيقة ادعاء أن حفتر يقاتل “الإرهابيين” في طرابلس سقطت بعد أن أرسلت واشنطن فريقًا من ضباط استخباراتها لخطوط التماس واستطلعوا بأنفسهم وتحدثوا مع المقاتلين هناك، ولم يجدوا أثرًا لهؤلاء الإرهابيين المزعومين.

إذًا.. لماذا لم تتحرك واشنطن لردع حفتر ومموليه إقليميًا ودوليًا؟

لأن هذا الأمر ليس من أولويات الأمريكان في هذه الفترة.

البعض قال إن اليمين المتطرف في أمريكا يؤمن بأن الحكم العسكري في الشرق الأوسط هو خير ضمان لتحجيم العملية الديمقراطية التي قد تنتج حكومة لها طابع إسلامي.. لذا يدعمون المشروع العسكري في ليبيا.. ما تعليقك؟

هذا كلام غير دقيق، فشعارات اليمين تجاه “فنزويلا وإيران” مثلًا تستند إلى معاداة الديكتاتورية، فلا يمكن أن يحمل هذا اليمين منطقًا مختلفًا تجاه كل قضية، هم يقولون الاستقرار أولًا، فإن نجحت “الوفاق” في تحقيق ذلك تكون قد حققت الهدف، أما الفشل فهو ما سيطرح أي بديل آخر.

وبحكم إقامتك في أمريكا.. هل يمكن أن تتدخل واشنطن بالقوة لحسم الأزمة أم تراهن على الطرف الأقوى؟

صناعة القرار في أمريكا عملية معقدة، لكني لا أعتقد حدوث تدخل أمريكي حاسم في الشأن الليبي في أي وقت قريب.

هل فعلا تحولت الأزمة الليبية إلى حرب بالوكالة إقليميًا ودوليًا؟

ليبيا معطياتها الاستراتيجية وثرواتها أكبر كثيرًا من قدرات أهلها، وهي الآن دخلت بامتياز مرحلة الصراع الإقليمي والمرحلة القادمة هي مرحلة نزال “تركي- مصري”، والولايات المتحدة على ما أرى تعتقد أن ذلك قد يبلور الحالة ويسمح بعد ذلك بحلول سياسية حقيقية، تركيا ترى أن موقع قدم اقتصادي سياسي في ليبيا يدعمها بشكل كبير، ومصر تعتقد ذلك أيضًا، ويقف معهما “قطر والإمارات”، وعسكريًا هي منازلة بين أحد جيوش “الناتو” (تركيا) وجيش كبير ولكنه محلى (مصر)، جيش يصنع سلاحه وجيش يشترى سلاحه.

نبذة عن “محمد بويصير”:
  • معارض وسياسي سابق وكاتب ومحلل سياسي ليبي مقيم في ولاية تكساس الأمريكية.
  • عمل مستشارًا سياسيًا لحفتر ثم استقال من مهمته.
  • النجل الأكبر لوزير الخارجية الليبي الأسبق صالح بويصير.
  • مشارك في العمل من أجل الديمقراطية في ليبيا منذ السبعينيات
  • معتقل سابق في السجن الحربي في طرابلس.
  • أحد مؤسسي أقدم فصيل معارض للقذافي عام 1980.
  • له أكثر من 500 مقالة تدعو للديمقراطية في ليبيا، منها ما نشر في “واشنطن بوست” و “وول ستريت جورنال” ومقابلات حول الأوضاع السياسية في ليبيا مع العديد من القنوات والصحف العالمية مثل لوموند وليز بايي.
  • مقيم في الولايات المتحدة وعضو في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري وعضو مشارك في لجان إعادة انتخاب الرئيس ترمب في 2020.
المصدر : الجزيرة مباشر