بعد دعم الانقلاب.. هل تقرر الشرعية اليمنية الاستغناء عن قوات التحالف؟

مراقبون قالوا إن المطالبة بالاستغناء عن الإمارات في مشاركتها في العملية في اليمن أمر غير كافٍ وأن المطلوب هو الاستغناء عن التحالف بقيادة الرياض

بدأ فصيل من الحكومة الشرعية اليمنية بإعادة النظر في بقاء القوات الإماراتية، ضمن قوات التحالف في اليمن.

يأتي ذلك بعد الأحداث الأخيرة التي دعمت فيها دولة الإمارات المجلس الانتقالي ومولته للقيام بعملية انقلاب ضد الحكومة المعترف بها دوليا في مدينة عدن جنوب اليمن.

وكان 9 من أعضاء مجلس النواب اليمني أصدروا بيانا دعوا فيه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي إلى استخدام صلاحياته للاستغناء عن الإمارات، ودورها في اليمن ضمن قوات التحالف العربي، ومطالبتها بالخروج الفوري من كافة أراضي الجمهورية اليمنية.

ومع أن هذه الخطوة لم تجد حتى الآن استجابة من الرئيس هادي، إلا أن مراقبين قالوا إن المطالبة بالاستغناء عن الإمارات في مشاركتها في العملية في اليمن أمر غير كافٍ، وأن المطلوب هو الاستغناء عن التحالف العربي بقيادة الرياض، بعد أن فقد اليمنيون ثقتهم بالتحالف، واتضح أن الرياض وأبوظبي تتقاسمان الأدوار في اليمن، وأن لهما أجندة لا تتعلق باستعادة الشرعية أو بالقضاء على الانقلاب الذي قادته جماعة الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وكان فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن، قد أشار في تقريره، في فبراير/شباط 2019، إلى أن دول التحالف لا توجد لها أهداف مشتركة في اليمن، وقال التقرير “إن انعدام وجود مصالح مشتركة، داخل التحالف، ضد الحوثيين فاقم من تقسيم البلد، وجعل من استعادة سلطة الحكومة على جميع أرجاء اليمن أمرا بعيد المنال”.

وفي الوقت الذي ازدادت فيه المطالب بضرورة الاستغناء عن تحالف الرياض أبوظبي، والبحث عن شركاء دوليين جدد، وتشكيل خريطة تحالفات جديدة، مقابل مزايا اقتصادية بعقود سيادية، شكك آخرون من جدوى تلك المطالبات ومن قابليتها للتطبيق، خصوصا وأن الشرعية تعيش أضعف حالاتها، والحتمية الجغرافية تقضي بأن السعودية هي المعني الأول بالقضية اليمنية، ومن الصعب التخلص من دور السعودية.

قوات الحزام الأمني وما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا في شوارع مدينة عدن
المحلل السياسي ياسين التميمي للجزيرة مباشر:
  • لا تستطيع السلطة الشرعية في وضعها الحالي أن تتخذ قرارات حاسمة مثل طرد الإمارات من التحالف وإنهاء دورها في اليمن؛ لأن أي قرار من هذا النوع سيكون متأخراً، ما لم تتمكن السلطة الشرعية من تجميع قواها المتاحة؛ لجعله ممكنا رغم التجهيزات التي أعدتها الإمارات لمواجهة ميدانية ضد قرار كهذا عبر أدواتها الخشنة.
  • تواجه السلطة الشرعية إشكالية التفاهم الدولي حول مهمة السعودية والإمارات في اليمن على نحو يصعب معه البحث عن حلفاء جدد قادرين على تغيير المعادلة، لكن الحكومة لم تفقد أوراقها بعد، إذ تستطيع أن تستجمع القوى الوطنية والمقاومة والجيش لمواجهة خطر تفكيك الدولة اليمنية، إن توفرت النوايا الصادقة لدى رأس الدولة، ومن ثم الاستفادة من أي مستوى متاح من الدعم السياسي واللوجيستي الذي يمكن أن توفره دول تشعر بقلق شديد حيال المخططات التوسعية للرياض وابوظبي.
مشكلة الشرعية:
  • تكمن مشكلة الشرعية، وفق مراقبين، إلى أنها مازالت، حتى هذه اللحظة، تثمن دور السعودية في دعم الحكومة الشرعية، في الوقت الذي تطالب فيه بالاستغناء عن دور الإمارات، مع أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن السعودية هي الداعم الأول للتحركات الإماراتية.
  • كانت الرياض قد أعلنت عقب انقلاب المجلس الانتقالي على الشرعية في عدن، أنها أرسلت لجنة عسكرية إلى المدينة، أسفرت عن انسحاب وحدات المجلس الانتقالي والعودة إلى مواقعها السابقة، إلا أن قوات المجلس الانتقالي قامت، بعد زيارة اللجنة، بالهجوم على مدينة أبين، معقل الرئيس هادي، والسيطرة على المدينة، ما يؤكد عدم مصداقية الرواية السعودية، ويشير في ذات الوقت إلى أن السعودية لا تبذل جهدا حقيقيا يفضي لإنهاء الانقلاب وإعادة تمكين الشرعية.
الانقلاب المدعوم إماراتيا يحاول السيطرة على مدن جديدة
المحلل السياسي محمد الأحمدي للجزيرة مباشر:
  • على الحكومة الشرعية أن تدرك أن العمل تحت مظلة التحالف لم يعد مجديا، وأنه لا قيمة للتفريق بين الرياض وأبوظبي في هذا السياق، فالاعتراف الدولي بالحكومة الشرعية ليس رهنا بتحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية، والتدخل العسكري في اليمن جاء بغطاء سياسي وقانوني من الشرعية، وليس العكس، وبالتالي يجب على الحكومة الشرعية التخلص من الارتهان للرياض بشكل تدريجي، والبحث عن تحالفات جديدة، وصولا إلى الاستغناء الكامل عنها، ثم الإعلان عن ذلك بوضوح.
تصفية الشرعية:
  • عقب المطالبات التي أطلقها مسؤولون من الحكومة الشرعية بضرورة الاستغناء الفوري عن دور الإمارات في اليمن، جرى الحديث عن ترتيبات سعودية لتشكيل حكومة جديدة، وتقصي الحكومة الحالية.
  • نقلت رويترز عن مسؤول يمني، لم تكشف عن اسمه، أن التحالف أيد مقترحا بتشكيل حكومة جديدة، تضم المجلس الانتقالي الجنوبي، مقابل انسحابه من الأماكن التي سيطر عليها، وأضاف المسؤول للوكالة أن الرئيس هادي قد يتم تحييده، إذا ما تم اختيار نائب جديد له.
  • أوضحت الوكالة نقلا عن المسؤول اليمني، أن أحد الخيارات التي يجري بحثها يتمثل في نقل صلاحيات رئاسية إلى نائب جديد للرئيس، ليصبح هادي شخصية رمزية.
  • يأتي هذا المقترح في وقت يحذر فيه مسؤولون حكوميون من أن المخطط أكبر من مقترح تغيير الحكومة الشرعية، وأن المراد هو تصفية الحكومة الشرعية، والتخلص منها تماما.
  • كتب عضو مجلس النواب اليمني عبد الكريم الأسلمي منشورا على صفحته في فيسبوك حذر فيه من الترتيبات الحالية، وقال “ما يجري الآن، على أرض الواقع، هو التصفية النهائية للشرعية، وهذا إما أن يكون بعلم الرئيس ورضاه، ومشاركته، وهذا يعد خيانة، أو بدون رضاه، ولكنه غير قادر على فعل شيء، وهذا يعد عجزا عن أداء واجباته الدستورية، وفي كلا الحالتين؛ الخيانة أو العجز، يتطلب الأمر التدخل السريع من مجلس النواب؛ لأنه هو المؤسسة الشرعية الوحيدة القادرة على التعامل مع هذا الوضع”.
  • دعا الأسلمي أعضاء مجلس النواب الآخرين إلى سرعة التعامل مع هذا الوضع بحسب الدستور.
المصدر : الجزيرة مباشر