باحث مصري: احتجاجات لبنان ومصر نتيجة لحرمان اقتصادي وسياسي

المظاهرات التي يشهدها لبنان تأتي ضمن سياق من الحرمان السياسي والاقتصادي التي تشهده دول أخرى مثل مصر والعراق

قال الباحث الاقتصادي المصري عمرو عدلي في تحليل نشرته وكالة بلومبيرغ إن المظاهرات التي يشهدها لبنان تأتي ضمن سياق من الحرمان السياسي والاقتصادي تشهده دول أخرى مثل مصر والعراق.

أبرز ما جاء في مقال عمرو عدلي، الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية في القاهرة

حرمان اقتصادي وسياسي
  • المتظاهرون في دول المنطقة لديهم العديد من المظالم المشتركة، مثل تفشي الفساد، وتدهور الخدمات العامة، ومعاناة المواطنين من برامج التقشف الحكومية وارتفاع الضرائب.
  • البلدان التي اندلعت فيها الاحتجاجات لديها نخبة سياسية واقتصادية شرعيتها محل نزاع، كما أنها فشلت بشكل واضح في توفير التنمية لأغلبية المواطنين.
  • الشباب في هذه البلدان يشكون من استبعادهم من التنمية الاقتصادية وحرمانهم من المشاركة السياسية.
  • المستثمرون الأجانب الذين يتساءلون ماذا يفعلون حيال هذه الاحتجاجات ينبغي أن ينظروا في أعباء الدين العام لهذه البلدان.
  • منذ سنوات وحتى الآن كان الدين العام عامل الجذب الرئيسي للمستثمرين في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في المقابل شهد صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ركودا أو تراجعا.
  • أصبحت حكومات المنطقة تعتمد على الاقتراض الخارجي والمحلي لتحقيق الاستدامة المالية، بسبب معاناتها من إيرادات ضريبية منخفضة تاريخيا وعجز مستمر في ميزان المدفوعات.
تجربة القروض في مصر ولبنان
  • مصر ولبنان مثالان بارزان على هذا، ففي مصر، أدى الاقتراض الأجنبي الضخم إلى انتعاش اقتصادي، لكن تدابير التقشف القاسية التي طبقتها الحكومة، ضمن اتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، أدت إلى ارتفاع مستويات الفقر وتراجع عام في القوة الشرائية للمصريين من الطبقة المتوسطة والفقراء.
  • لبنان أيضا لديه تاريخ طويل من الاعتماد على الديون، فالدولة لديها قدرة محدودة على فرض الضرائب على القطاعات الإنتاجية، التي انكمشت منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990، ما جعل الاقتصاد يعتمد على الديون والتحويلات الخارجية.
  • ينعكس هذا في أنشطة المضاربة والأنشطة القائمة على الإيجار في قطاعي العقارات والخدمات المالية.
  • بالتالي فإن الحصول على القروض الأجنبية يشكل أمرا أساسيا لكلا الاقتصادين.
  • يستند هذا إلى قدرة الدولة على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي عن طريق خفض النفقات ورفع إيرادات الضرائب، وعادة ما يكون هذا عن طريق فرض ضريبة القيمة المضافة وضرائب المبيعات. لكن هذا أصبح من الصعب الحفاظ عليه لأسباب سياسية.
  • في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، قدمت حكومتا البلدين بالفعل تنازلات، من خلال التراجع عن خطط فرض المزيد من إجراءات التقشف أو زيادة الضرائب.
  • في مصر جمدت الحكومة تنفيذ المزيد من التخفيضات في دعم الوقود كما خفضت أسعار البنزين.
  • أعادت الحكومة إدراج 1.8 مليون مواطن ضمن برنامج دعم الغذاء بعد إزالة أسمائهم قبل بضعة أشهر.
  • في لبنان تراجعت الحكومة عن تطبيق ما يسمى “ضريبة الإنترنت”، التي أشعلت الاحتجاجات الأخيرة، كما أعلنت الحكومة تجميد خطط لرفع ضرائب الاستهلاك.
متظاهرون يطالبون برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
دروس مستفادة
  • الدرس الذي يتعين على الحكومات الاستفادة منه هو أنه أصبح من الصعب معالجة المشكلات المالية عن طريق الوسائل التقليدية، التي تقوم بكبح الإنفاق العام ورفع الضرائب غير المباشرة.
  • قد ينتج عن هذه الوسائل انضباط أقل للاقتصاد الكلي في المستقبل القريب، بينما يزيد من المخاطر بالنسبة للذين يستثمرون في الدين العام، ويرفع تكاليف الاقتراض بالنسبة للحكومات.
  • هذا بدوره سيؤدي إلى مزيد من التدهور في أوضاع الحكومات المالية، داخليًا وخارجيًا.
  • تثبت الاحتجاجات أن بلدان المنطقة لا يمكنها استمرار السير في طريق يعتمد على الديون من أجل النمو.
  • الحكومات بحاجة إلى معالجة المشاكل المالية الهيكلية من خلال رفع نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي
  • ينبغي على الحكومات أيضا زيادة الإيرادات من خلال الضرائب المباشرة، خصوصا الضرائب على الثروة مثل الممتلكات، فهي ضرائب أسهل في التسجيل والتحصيل، ولا تؤثر سلبًا على الاستثمار أو النمو أو التوظيف.
  • الضرائب المباشرة تحد أيضا من المضاربة وتحفز استخدام الأصول للاستثمار في الأنشطة الإنتاجية، التي يمكنها خلق فرص عمل وتوليد نمو حقيقي.
  • تخفيض الاعتماد على الديون من شأنه أيضا أن يحرر رأس المال كي يتمكن من الاستثمار في القطاع الخاص الإنتاجي، وهو نموذج أفضل من نمط إقراض البنوك للحكومات التي تسعى لتمويل النفقات.
  • من الأفضل وضع هذه الموارد في القطاعات القابلة للتداول مثل التصنيع والزراعة والخدمات التي تتطلب عمالة ماهرة، وهذا لا يؤدي فقط إلى توليد فرص عمل، بل يؤدي أيضا إلى تحسين أوضاع ميزان المدفوعات في هذه الاقتصادات.
  • على المدى الطويل سوف يقلل هذا أيضا من اعتماد الحكومات بشكل كبير على الاستدانة من الخارج للحفاظ على اقتصاداتها.
المصدر : بلومبرغ