انقلاب بريطاني على الإخوان المسلمين

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في البرلمان- رويترز

انقلبت الحكومة البريطانية  على نتائج تقرير خلصت اليه لجنة السير جون حينكينز حول نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، تبرئ الجماعة  من الإرهاب والتطرف، وعمدت إلى إخفائه بسبب ضغوط مارستها دول تدعم الانقلاب في مصر، ولكن وبعد قرابة عام من الصمت، قررت حكومة المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون نشر التقرير

تحقيق عاجل

وكان كاميرون قد أمر بتحقيق عاجل عن الحركة الإسلامية قبل قرابة السنة، إلا أن هذا الأمر تعطل مرارا بسبب الخلافات بين الحكومة والمسؤولين حول نتائجه. وواجه رئيس الوزراء اتهاما بأنه أمر بالتحقيق تحت ضغوط من دول خليجية تعارض الإخوان بشدة.

شكوك حول التقرير

وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية “أن توقيت الإعلان البريطاني، قبل يومين فقط من خطاب الميزانية الأخير للحكومة الائتلافية ، سيثير قدراً عالياً من الشكوك في أن حكومة كاميرون تسعى لتقليل حجم النقد الذي تواجهه قبيل الانتخابات العامة في ايار/ مايو المقبل، مع أن التقرير نفسه خضع لقدر كبير من التعديل والحذف.

مشاكل دبلوماسية

وعزا وزير الخارجية البريطاني السابق، السير مالكوم ريفكيند، تأجيل نشر التقرير إلى “مشاكل دبلوماسية” تتصل بنتائجه. وقال: “لدينا عدد كبير من الحكومات الصديقة التي تعارض “الإخوان المسلمين” وفي الوقت نفسه عدد آخر يدعمها”، كما قالت الصحيفة.

الجماعة ليست إرهابية

يذكر أن السفير البريطاني السابق لدى الرياض، السير جون جينكينز، هو الذي قاد الفريق الذي أعد التقرير، وخلص إلى أن “جماعية الإخوان المسلمين” ليست منظمة إرهابية. لكنه دعا الإخوان في الوقت نفسه لاتخاذ “مواقف أكثر شفافية” بخصوص علاقاتهم مع تجمعات أخرى تشمل جمعيات خيرية وأئمة مساجد. وقضى السير جون وفريقه ثلاثة أشهر في جمع المعلومات عن أنشطة الإخوان، وسلم تقريره إلى مكتب رئيس الوزراء في داوننغ ستريت في تموز/يوليو الماضي.
ويقول لورينزو فيدينو، الخبير في شؤون “الإخوان المسلمين”، والذي ساهم في إعداد تقرير السير جون، إن حكومة كاميرون تعمدت إرجاء نشر نتائجه لأنه “مسألة ساخنة وحساسة”.

لا حظر للإخوان في بريطانيا

ورغم تشكيكه بالجماعة استبعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حظر تنظيم الإخوان المسلمين في بريطانيا، وأشار إلى أن أي صلة بهذه الجماعة يمكن اعتبارها “مؤشرا على تطرف محتمل”،

علاقة غامضة بالتطرف

وجاء في خطاب كاميرون الموجّه لمجلس العموم البريطاني أن “هناك علاقة غامضة بين بعض أقسام جماعة الإخوان المسلمين والتطرف العنيف، وكان ذلك من ناحية عقيدتهم الفكرية كشبكة، منطلقا لبعض الأفراد والجماعات الذين انخرطوا في أعمال “كاميرون” العنف والإرهاب” بحسب التقرير.

شجب كتابات سيد قطب

وأشار “كاميرون” إلى أنه على الرغم من تصريح الإخوان بمعارضتهم لتنظيم القاعدة لكنهم لم يشجبوا بشكل مقنع استغلال بعض المنظمات الإرهابية لكتابات سيد قطب، وهو أحد أبرز مفكري الإخوان المسلمين.

تأييد عمليات حماس

وتابع التقرير أن “هناك أفرادا تربطهم روابط قوية بالإخوان المسلمين في المملكة المتحدة أيّدوا العمليات (الانتحارية) وغيرها من (الاعتداءات) التي نفذتها حركة حماس في إسرائيل”، لافتا إلى أن حماس حركة محظور جناحها العسكري في المملكة المتحدة منذ عام 2001 باعتبارها منظمة (إرهابية) وتعتبر نفسها الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين.

أقلية تمارس العنف

وجاء في التقرير: “إن تقارير إعلامية وأكاديمية ذات مصداقية تشير إلى مشاركة أقلية من مؤيدي الإخوان المسلمين في مِصْر، إلى جانب إسلاميين آخرين في أعمال عنف، في حين عاود بعض كبار قيادات الإخوان المسلمين التأكيد بشكل علني التزام الجماعة بعدم العنف، لكن هناك آخرين فشلوا في نبذ الدعوة للانتقام في بعض البيانات الصادرة مؤخرا عن الإخوان المسلمين”.

كاميرون: الإخوان تطرف محتمل

وتابع كاميرون: “إن الاستنتاجات الأساسية التي خرجت بها المراجعة تساند الاستنتاج باعتبار العضوية في الإخوان المسلمين أو الارتباط بهم أو التأثر بهم مؤشرا محتملا على التطرف”.

لا تأشيرات للإخوان

وفيما يتعلق بالإجراءات التي ستتخذها الحكومة  البريطانية قال كاميرون: “سوف نواصل رفض إصدار تأشيرات زيارة لأعضاء الإخوان المسلمين والمرتبطين بهم الذين كانوا قد أدلوا بتعليقات متطرفة، إضافة إلى السعي لضمان عدم إساءة استغلال الهيئات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين”، وتنفيذ قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد أرصدة حركة حماس، وإبقاء آراء وأنشطة الإخوان قيد المراجعة لمعرفة إذا كانت تستوفي معايير حظرها.

الجماعة ترد على كاميرون

وقال مكتب  المحاماة “آي تي إن” المكلف من قبل جماعة  الإخوان المسلمين، في بيان أصدره عقب اعلان كاميرون: “إن نشر التقرير أمام البرلمان يهدف لإحباط أي تقدم للمحكمة العليا لإصدار قرار بحظر النشر إلى أن تتمكن الجماعة من ممارسة حقها في الرد؛ لأن المحاكم لا تملك صلاحية إصدار قرار يمنع أعضاء البرلمان من الحديث تحت القبة أو البوح بمعلومات معينة”.

عدم التعامل بأريحية مع الإخوان

وأشار المكتب إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعاملت بكل أريحية وشفافية مع المراجعة التي أمرت بها الحكومة البريطانية، وإن من الإجحاف بحقها ألا يتم التعامل معها بالأسلوب نفسه.

 تقرير مليء بالأخطاء

وأعرب مكتب المحاماة عن قلقه إزاء ما قد يحتويه التقرير من أخطاء أو سوء فهم، خاصة بعد العلم بضلوع حكومات معادية للإخوان بممارسة ضغوط للتأثير على المراجعة في ظل عدم منح الجماعة فرصة الرد على التقرير أو التعليق عليه.

خبة أمل إخوانية

وقال المحامي طيب علي، وهو عضو فريق المحامين القانوني، الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين في هذه القضية-: “يشعر موكلونا بالخيبة إزاء الطريقة التي تعاملت من خلالها الحكومة مع هذه المراجعة.. لقد بات أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى أن تقوم الحكومات الديمقراطية الغربية بمساندة الجماعات والمنظمات التي تدعم وتشجع الديمقراطية وتشارك في العملية الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط”.

ارضاء حلفاء معادون للإخوان

وكان المحامون وجهوا رسالة إلى رئيس لجنة المراجعات عضو البرلمان البريطاني كريسبين بلانت، قالوا فيها “إننا نشعر بقلق شديد من أن المراجعة التي أخضع لها موكلونا لعدة شهور حتى الآن، قد لا تكون ناجمة عن وجود مخاوف أمنية حقيقية وإنما تم الإعلان عنها ببساطة في محاولة لإرضاء حلفاء الحكومة في منطقة الخليج من أجل ضمان مزيد من صفقات السلاح في المستقبل”.

جنيكينز: الإخوان لا يمثلون تهديدا

وأضافوا: “لعلكم قد أحطتم علما بالتقارير التي انتشرت على نطاق واسع ومفادها أن السير جون جينكينز قد خلص إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل تهديدا أمنيا حقيقيا في هذه البلاد، ومن المؤكد أنكم تعلمون أنه قد جرى لهذا السبب تأجيل إعلان رئيس الوزراء عن نتائج المراجعة عدة مرات”.

ضغوطات معادية للديمقراطية

وكانت صحيفة “الغارديان” نشرت تقارير تفيد بأن قرار الحكومة البريطانية بإجراء المراجعة بشأن جماعة الإخوان المسلمين، كان في الواقع قد اتخذ تحت تأثير ضغوط مارستها حكومات أجنبية تعادي التوجه الديمقراطي في الشرق الأوسط.

وكشفت التقارير النقاب عن أن دولة خليجية كانت تقف وراء قرار الحكومة إجراء المراجعة، وانها لوحت بإلغاء عقود شراء السلاح ما لم تغير بريطانيا تقريرها من الجماعة

وكشف “الغارديان” عن أن هذه الدولة الخليجية اشتكت إلى رئيس الوزراء البريطاني ضد جماعة الإخوان المسلمين في عام 2012، بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي، كأول رئيس اسلامي منتخب ديمقراطيا في مصر.

عقود سلاح ونفط واستثمارات

وأشارت الصحيفة إلى أنها اطلعت على وثائق تؤكد أن هذه الدولة عرضت على كاميرون إبرام صفقات مغرية في مجال السلاح والنفط، من شأنها أن تعود بمليارات الجنيهات على الشركة البريطانية لتقنيات الطيران والفضاء (بي إيه إي) وأن تسمح لشركة النفط البريطانية (بي بيه) بالمنافسة على التنقيب على النفط في منطقة الخليج.

وكان رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، قد أعلن عن المراجعة في شهر إبريل من عام 2014، وقال حينها إن تقرير اللجنة المكلفة بإعداده من المتوقع لها أن تنشره في شهر يوليو من نفس العام.

تهديد بوقف التعاون الأمني

وكشفت “الغارديان” البريطانية عن ضغوط الدولة الخليجية تواصلت وهددت بوقف الاستثمارات المالية داخل بريطانيا، ووقف التعاون الأمني معها، إن لم تقم الحكومة  البريطانية باتخاذ إجراءات ضد الإخوان المسلمين. وقالت الصحيفة: إن  دولة خليجية شكلت “لوبي” واسع للتأثير على رئيس الوزراء البريطاني والدبلوماسيين الكبار،

وأشارت الصحيفة، إلى أن مسؤولا في هذه الدولة الخليجية قال لسفير لندن في الرياض والمكلف بإعداد تقرير الإخوان “جون جينكنز” عام 2014، إن الثقة بين بريطانيا والدولة الخليجية قد “تأثرت بسبب موقف بريطانيا تجاه الإخوان”، ولأن “حليفنا لا يرى ما نراه، تهديدًا وجوديًّا للمنطقة كلها”.

جماعة الإخوان: اتهامات سياسية مبيتة

من جانبها اكدت جماعة الإخوان المسلمون في بيان أصدره محمد منتصر المتحدث الإعلامي باسم الجماعة: “أن ما صرح به رئيس الوزراء ديفيد كاميرون باتهام الجماعة بالتطرف أمر غير مقبول، ويمثل رغبة سياسية مبيتة ضد الجماعة.

الاخوان ركيزة اجتماعية

وأضاف: “إن الجماعة بتاريخها العريض تمثل ركيزة اجتماعية وفكرية ونضالية، ولا يمكن وصمها بالتطرف، فالتطرف سمة الحكومات والجماعة التي ترفض خيارات الشّعوب. وقال: “إن موقف بريطانيا من الإخوان يفهم في إطار حملات التحريض التي تقودها دولا وأنظمة تدعم الانقلاب العسكري المجرم في مصر، وعلاقة تلك الأنظمة بلندن، وهو الأمر الذي يسيء إلى لندن وليس الإخوان”.

بريطانيا لديها خلل

واكدت الجماعة أنه: ” إذا كانت بريطانيا ترى أن التظاهرات السلمية، والفعاليات الرافضة للانقلاب العسكري ولعمليات القتل ضد المدنيين والاعتقال والإخفاء القسري تطرفا فبالتأكيد أن بريطانيا لديها خلل وعليها أن تعالجه”.

انزلاق بريطاني في الشرك

وأعربت الجماعة عن أسفها “لانزلاق الحكومة البريطانية بمؤسساتها العريقة في شرك قد نصبه سفاح مجرم، فترحب بمن سفك الدماء وقتل الالاف على مرأى ومسمع من العالم اجمع في جريمة لم تتكرر كثيرا في التاريخ، وتتهم جماعة الإخوان بكل ما قدمته من تضحيات من أجل الوصول إلى مجتمعات حضارية أكثر تقدما وأكثر عدالة وأكثر حرية باتهامات باطلة خاوية من أي دلائل حقيقية”

اجتماعات بريطانية مع الإخوان

وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد أعلنت في إبريل 2014، بأنها على استعداد للتعاون والتواصل بنزاهة وصراحة مع رئيس اللجنة البريطاني السير جون جينكينز، وكلفت مؤسسة قانونية رائدة في مجال حقوق الإنسان، هي مكتب “آي تي إن” للمحاماة، وكذلك المدير السابق لدائرة الادعاء العام اللورد كين مكدونالد بالإشارة عليها وبتمثيلها أثناء إجراءات المراجعة. وأعقب ذلك التقدم بالتماس مكتوب إلى فريق المراجعة، وعقد اجتماعات على مستوى رفيع بين السير جون جينكينز وكبار قادة الإخوان المسلمين حول العالم.