الهند.. كيف تدير حكومة مودي أزمة كشمير لصالحها؟

متظاهرون في حيدر أباد يحرقون صورًا لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعد قرار نيودلهي ضم كشمير

اعتمد رئيس الوزراء الهندي المنتخب حديثا ناريندرا مودي، بعض القرارات الصعبة على أصعدة مختلفة، تنوعت ما بين الضربات العسكرية الحدودية، وحملات العزلة ضد من تصفهم بـ “رعاة الإرهاب”.

ودافعت قرارات مودي، بطريقة مختلفة عن سابقاتها من الحكومات عن مصالح الهند. في هذا الإطار، وظفت حكومة مودي قوتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي لمناوشة الدول غير المتناغمة مع مصالح نيودلهي واهتماماتها الرئيسية.

مصالح نيودلهي
  • في الخامس من أغسطس/آب الماضي، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من القانون الهندي، والخاصة بالاستقلال الدستوري لإقليم جامو وكشمير في الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان، وأعلنت أنه أصبح باطلًا، ترتبت على ذلك أصداء محلية ودولية، منها انتقاد تركيا وماليزيا إلغاء المادة المذكورة أعلاه.

الموقف من تركيا:

  • في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، وخلال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن ثمانية ملايين كشميري يعانون بسبب حظر التجوال الذي فرضته عليهم الحكومة الهندية، ما عدته الهند تجاوزًا لا يغتفر.
  • جاءت ردود الأفعال الهندية في سلسلة هجمات مرتدة؛ فألغى مودي زيارته إلى تركيا باعتبارها خطوة رمزية، ولوّح بفسخ عقد قيمته 2.3 مليار دولار مع شركة سفن تركية تدعى (Anadolu Shipyard)، لبناء سفن دعم للبحرية الهندية.
  • تزامن هذا التلويح مع تنفيذ تركيا عملية “نبع السلام” ضد المسلحين الأكراد شمالي سوريا في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
  • في صبيحة اليوم التالي أدانت الخارجية الهندية بصراحة غير معهودة الهجوم التركي ووصفته بـ “غير القانوني”، وأعربت عن قلقها الشديد إزاء الضائقة الإنسانية والمدنية التي نجمت عن العملية التركية على مناطق الوحدات الكردية، كما منعت شركة دفاع تركية من العمل في الهند، وفق صحيفة “تايمز أوف إنديا”.
رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد (رويترز)

بالنسبة لماليزيا:

  • لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة إلى ماليزيا؛ ففي الدورة 74 للأمم المتحدة، اتهم رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، الهند بغزو واحتلال جامو وكشمير، وطالب نيودلهي بالعمل مع باكستان لحل هذه المشكلة.
  • نيودلهي ردت بمقاطعة واردات زيت النخيل الماليزي، وتوفير حصتها من إندونيسيا، وهي ضربة قوية للاقتصاد الماليزي، إذ تعد الهند أكبر مستورد لزيت النخيل الماليزي، وبلغت قيمة وارداتها منه عام 2018 ما يصل إلى 1.63 مليار دولار.
  •  انخفض سوق العقود الآجلة لزيت النخيل الماليزي، وصرح مهاتير بأنه “من السيئ أن تصل الأمور إلى مستوى الحرب التجارية مع الهند”.
  • مودي يحاول الضغط بثلاث أوراق (الديمقراطية، الديموغرافيا، والطلب) لتحييد الخطاب الماليزي أو تخفيف نبرته على الأقل فيما يتعلق بقضية كشمير.
مودي وأوراق الضغط
  • من غير المتوقع أن يعتذر مهاتير محمد للهند أو يتخلى عن باكستان، لكن الرؤية الاقتصادية تقول إن كوالالمبور تحقق فائضًا تجاريًا جيدًا بقيمة 4.4 مليار دولار من الواردات الهندية، ومن ثم فإن خسائر ماليزيا ستكون فادحة على المدى البعيد جراء “مضايقاتها” للهند.
  • يختلف المنظور الاقتصادي بالنسبة لأنقرة، فلديها عجز تجاري مع الهند، ما يجعل الضغوط الهندية التجارية على تركيا غير ذات جدوى.
  • لكن تراجع الاقتصاد التركي وضعف عملته في الفترة الأخيرة، يجعل من حاجة أنقرة لإبرام عقود بناء السفن بقيمة مليارات الدولارات وشراء متفجرات ومفجرات مزدوجة حساسة الاستخدام تعتمد عليها الشركات العسكرية التركية، وهما ورقتا ضغط قويتان في يد نيودلهي.
  • هذا يعني أن الهند تنتهج استراتيجية الإكراه لتغيير سلوك الدول “المعادية”، وقد بدأت تطبيق تلك الاستراتيجية ضد تركيا وماليزيا.
ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند (الأوربية)
منظمة التعاون الإسلامي
  • في حقبة سابقة، تضامنت دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، بما فيها تركيا وماليزيا مع باكستان على أساس ديني، ولم تجد نيودلهي سبيلًا سوى التذمر.
  • أما اليوم فقد تغيرت الاستراتيجية كثيرًا، إذ يتحدى مودي داعمي إسلام أباد بأوراق اقتصادية وقد يجبرهم على التراجع.
الصين.. العقبة الأصعب
  • تبقى الصين العقبة الأصعب في طريق مودي، إذ تعد بيجين حليفًا قويًا لإسلام أباد في الأمم المتحدة، وأدانت بشدة إقدام نيودلهي على “تغييرات من جانب واحد” في كشمير.
  • تاريخيًا فإن القوى العظمى تعتمد على استعراض عضلاتها لاحتواء الدول المعارضة.
  • لكن على العكس من تركيا أو ماليزيا الضعيفتين نسبيًا، لا يمكن للهند المخاطرة بتهديد الصين لكونها قوة متفوقة على الهند، وبينهما حدود متنازع عليها بشكل مباشر.
  • لذلك يسعى مودي جاهدًا لإدارة الخلافات الثنائية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، بطرق بديلة.
المصدر : ذا إيكونوميك تايمز