المنطقة الآمنة في شمال سوريا: الأهداف والمراحل

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتحدث إلى وزير دفاعه على الهاتف في أنقرة لمتابعة سير العملية العسكرية

بتوقيت أنقرة في الرابعة عصر الأربعاء الماضي أطلقت تركيا عملية عسكرية صوب الشمال السوري، معلنة بدء عملية “نبع السلام”.

حسمت تركيا الأمر وأخذت زمام المبادرة لحماية حدودها الجنوبية، لإنشاء منطقة آمنة تكون ملجأ للمهجرين السوريين في بلادهم، تقام لهم فيه وحدات سكنية، وتنشأ مشاريع اقتصادية تضمن لهم الحياة الكريمة في وطنهم، وتنهي أزمة أوربا معهم بعدما ضاقت بهم وأغلقت أبوابها في وجوههم.

رأت أنقرة أن هذه أفضل طريقة لتنفيذ تلك الأهداف، خاصة بعدما ماطلتها أوربا كثيرا في تنفيذ الاتفاقيات بشأن اللاجئين السوريين، وماطلتها الولايات المتحدة أكثر بشأن الشراكة للقيام بعملية في شرق الفرات، بعدما انسحبت القوات الأمريكية من هذه المنطقة.
فماذا يعني إنشاء تركيا منطقة آمنة في شمال سوريا؟ وما أهداف هذا المشروع؟ وكيف دفع بالعلاقات التركية الأمريكية حتى وصل الحليفان العضوان في حلف الناتو إلى الخلاف في هذا الملف؟

“سوريا” منطقة آمنة أو عازلة؟
  • طرحت تركيا مقترح إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا لأوّل مرة في مايو/آيار 2013، خلال زيارة لرئيسها رجب طيب أردوغان إلى واشنطن.
  • أوضحت أنقرة أن المقترح هدفه حماية المدنيين الفارين من النزاع السوري، وتوفير ملاذ آمن للاجئين من خلال منطقة آمنة وليس منطقة عسكرية عازلة.
  • أكدت تركيا أن غاية هذه المنطقة حماية حدودها وشعبها من التهديدات الأمنية، وتطهير المنطقة من وحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، المدعومة أمريكيا.
  • يندرج المقترح التركي ضمن مساع للتوصل إلى حّل سياسي للأزمة السورية يبدأ بوقف الحرب وعودة اللاجئين.
ملاذ للاجئين السوريين
  • الداخلية التركية أكدت أن المنطقة الآمنة ستسرّع العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا إلى ديارهم، وستوفر الظروف اللازمة لعودة حوالي 4 ملايين لاجئ سوري.
  • عاد حتى الآن 354 ألف سوري طوعيا إلى أرض الوطن، بفضل توفر الأجواء الآمنة، عقب عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، اللتين نفذتهما تركيا شمالي سوريا.
     

    أفراد من القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية خلال دورية بالقرب من الحدود التركية
التطلعات التركية
  • فكرة إنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري عادت من جديد إلى الساحة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد أن تجنبتها الولايات المتحدة لمدة ستة أعوام.
  • في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2018 ظهرت التساؤلات عن طبيعة هذه المنطقة وآلية تنفيذها وإدارتها.
  • حددت تركيا هذه المنطقة على طول حدودها مع سوريا لإخراج التنظيمات المصنفة لديها إرهابية ومُهدّدة لأمنها القومي من منطقة شرق الفرت.
  • حدّدت أنقرة امتدادها بـ460 كم وبعمق 32 كيلومترا، على طول الحدود التركية السورية، على أن تضم مدنا وبلدات تتبع ثلاث محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة، وأن تكون تحت سيطرة تركية كاملة على غرار ما حدث في مدينتي جرابلس والباب وعفرين.
  • تضم المنطقة الآمنة وفق الرؤية التركية المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة) إضافة إلى مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم كلا من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).
  • تركيا بدت عازمة على المضي في تنفيذ مقترحها بشأن شرق الفرات أمام المماطلة الأمريكية مع رفض تَكرار سيناريو اتفاق منبج الذي وقعته وواشنطن في يونيو/حزيران 2018 ويقضي بانسحاب ما سمته “العناصر الإرهابية” إلى شرق الفرات وتشكيل مجلس محلي من سكان المدينة.
  • لكن لا يبدو أن لدى الطرف الأمريكي الرغبة في منح تركيا هذا التفوق الاستراتيجي، إذ عرضت واشنطن على أنقرة مناطق منفصلة بعضها عن بعض، بذريعة أن سكان تلك المناطق عرب وتركمان، مثل مدينتي تل أبيض وعين العرب، وبعمق 6 كيلومترات فقط.
آليات عسكرية تركية وأمريكية تقوم بدورية مشتركة في الشمال السوري
هواجس أنقرة وواشنطن
  • تصاعدت الخلافات بين البلدين بسبب دعم واشنطن لتنظيمات تصنفها أنقرة إرهابية في الشمال السوري وتراها تمثل تهديدا حقيقيا لأمن تركيا القومي.
  • الطرفان اتفقا على المبدأ لكنهما اختلفا في تفاصيل إنشاء المنطقة الآمنة، فأنقرة طالبت بالإسراع في تنفيذ هذا الاتفاق، بينما بقيت واشنطن تؤكد أن التنفيذ سيكون بشكل تدريجي.
  • خطوات فعلية بدأت بوصول وفد أمريكي لإنشاء غرفة عمليات مشتركة، كما بدأت طائرات تركية مسيّرة تحلق في الشمال السوري، تمهيدا لإقامة هذه المنطقة.
  • تضمنت النقاط الخلافية بين أنقرة وواشنطن عمق المنطقة الآمنة ومن يسيطر عليها ويديرها، خاصة أن تركيا تشدد على أن تكون المنطقة تحت سيطرتها، بينما تتمسك واشنطن بضمانات وتسير بخطى بطيئة معتبرة الاتفاق بديلا لعملية عسكرية.
تركيا تتوعّد
  • الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدد إصرار بلاده في أكثر من مناسبة على بدء إقامة المنطقة الآمنة شرق الفرات قبل نهاية سبتمبر/أيلول الماضي بشكل انفرادي في حال عدم التوصل إلى توافق.
  • الرئيس التركي حذّر مرارا من أن بلاده قد تعيد فتح الأبواب للاجئين السوريين لدخول أوربا، إذا لم تحصل على مزيد من الدعم الدولي لإنشاء المنطقة الآمنة.
  • الرئاسة التركية شددت أيضا على ضرورة جعل المنطقة برمتها آمنة بشكل فعلي بمُدُنها وريفها حتى يتسنى توطين ملايين السكان في هذه المنطقة.
تشمل المنطقة الآمنة مدن أهمها عين العرب وتل أبيض ورأس العين والقامشلي
اتفاق مؤقت ينزع فتيل الأزمة
  • بعد مباحثات ماراثونية استمرت لأسابيع بدأت تفاصيل المنطقة تتضح شيئا فشيئا إثر الغموض الذي كان يحيط بها.
  • توصلت أنقرة وواشنطن إلى حل وسط بشأن عمق المنطقة الآمنة، وتوافقا على عمق 20 ميلا، رغم اقتراح الولايات المتحدة عمقا أقل، على أن تمتدّ بطول 460 كيلومترا على الحدود التركية السورية.
  • المنطقة ستمتد من نهر الساجور إلى مدينة المالكية السورية غربا، وستضم مدينتي عين العرب وتل أبيض إلى جانب 8 أقضية في محافظتي الحسكة والرقة.
  • اتفق الطرفان على إقامة مركز عمليات مشترك في تركيا لتنسيق وإدارة تطبيق المنطقة الآمنة بالاشتراك مع الولايات المتحدة.
  • ميدانيا واصل الجيش التركي إرسال تعزيزات عسكرية إلى الوحدات المنتشرة على الحدود التركية السورية.
  • الجانب التركي أصر على ضرورة مراقبة عمليات الانسحاب بنفسه، فيما تنفذ مروحيات تركية وأمريكية جولاتِ استطلاع فوق المنطقة الآمنة ودوريات برية مشتركة قرب الشريط الحدودي.
  • هذا الخطوات لم تكن على مستوى آمال أنقرة التي تضع قدما في الميدان ويدها على الزناد حتى بدأت عملية عسكرية أنهت دواعي المماطلة الأمريكية والمراوغة الأوربية.
الإدارة التركية للمناطق الآمنة
  • تركيا دعت إلى إعادة طرح تنفيذ اتفاقية أضنة التي وقعتها أنقرة مع دمشق عام 1998.
  • هذه الاتفاقية تتيح للجانب التركي الدخول بمسافة نحو خمسة كليو مترات في العمق السوري.
  • أعطت اتفاقية 1998 أنقرة حق الدفاع عن الأمن القومي التركي إذا تخلت دمشق عن منع الأعمال الإرهابية انطلاقا من الأراضي السورية.
المصدر : الجزيرة مباشر