المساعدات الإماراتية لمصر .. من المستفيد؟

محمد بن راشد

تضاربت الروايات بشأن حجم الأموال التي تلقتها مصر عقب الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو/تموز 2013، كما تعددت الروايات عن كيفية وأوجه التصرف فيها، والعائد على الاقتصاد المصري، ومستويات المعيشة للمواطن المصري.

فالرواية الأولى ومصدرها: وزير الاستثمار المصري السابق أشرف سالمان، الذي قدَّر هذه المساعدات بنحو 23 مليار دولار في الفترة من يوليو2013 وحتى نهاية 2014؛ إذ قال في مؤتمر اقتصادي عُقد في دبي في فبراير/شباط 2015: “مصر تلقَّت 23 مليار دولار من الكويت والسعودية والإمارات على مدى 18 شهرًا الماضية”. وإذا ما أضفنا لهذا الرقم 12.5 مليار دولار أخرى تعهدت دول الخليج بتقديمها لمصر خلال مؤتمر شرم الشيخ يرتفع رقم المساعدات إلى 35.5 مليار دولار.
أما الرواية الثانية فمصدرها: تسريبات مكتب السيسي التي تقول: إن المساعدات تجاوزت 30 مليار دولار دون إضافة تعهدات شرم الشيخ، حيث قال اللواء عباس كامل -مدير مكتب (وزير الدفاع حينها عبد الفتاح) السيسي- “علاوة عالمواد البترولية.. علاوة عالحاجات.. لما سيادتك تجمعها.. سيادتك والله معدي التلاتين مليار دولار”
وهناك الرواية الثالثة عن اقتصاديين ومتابعين تقول: إن حجم المساعدات الخليجية لمصر فاق 47.5 مليار دولار منذ يوليو وحتى نهاية عام 2014.
وقُبيل ترشُّحه للانتخابات الرئاسية، قال المرشح الرئاسي في حينه عبد الفتاح السيسي إن مساعدات الدول الخليجية لمصر تبلغ أكثر من 20 مليار دولار.
وقال السيسي في مقابلة تليفزيونية في مايو/أيار 2014: إن المساعدات الخليجية ليست “12 ولا 15 ولا 20 مليار دولار.. أتكلم عن أموال فقط.. أكثر من 20 مليار دولار الباقة كلها، وإن ما قُدِّم لمصر من المساعدات كثير، وما سيُقَدَّم لمصر مهم وقد يكون كثيرًا، أنا واثق”.

المساعدات الإماراتية
بعد أقل من أسبوعين من توقيع السعودية اتفاقات استثمارية مع مصر تبلغ قيمتها نحو 25 مليار دولار، أعلنت الإمارات الجمعة الماضية عن دعم مالي جديد لمصر بقيمة 4 مليارات دولار ، فقد ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، قدّم لمصر، 4 مليارات دولار، بواقع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطي النقدي، وملياري دولار للاستثمار في عدد من المجالات التنموية.
ووفق الإعلان الإماراتي، فإن إجمالي المساعدات التي قدمتها الإمارات للقاهرة منذ يوليو/تموز 2013 تتجاوز 20 مليار دولار.
كانت الإمارات أولى الدول الخليجية التي أعلنت عن تقديم دعم لمصر عقب انقلاب يوليو؛ حيث وافقت على تقديم منحة لا ترد بقيمة مليار دولار، وتقديم ملياري دولار أخرى كوديعة لدي البنك المركزي المصري.
وخلال كلمته بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ كشف حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الإمارات قدمت 14 مليار دولار لمصر منذ يوليو 2013 وحتى مارس/آذار 2015.
وأضاف آل مكتوم أن الإمارات ستدعم مصر بمساعدات جديدة بقيمة 4 مليارات دولار، منها ملياري دولار يتم إيداعهما في البنك المركزي، وتوظيف ملياري دولار لتنشيط الاقتصاد المصري عبر مبادرات.
وحسب الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التنمية والتعاون الدولي بالإمارات؛ فإن المساعدات التي قدمتها الجهات المانحة الإماراتية إلى مصر خلال عام 2013 وحده، بلغت 16.99 مليارات درهم إماراتي (4.6 مليار دولار)؛ تم إنفاقها على 54 مشروعًا تم تنفيذها في مصر، ويمثل هذا الرقم نسبة 78.57% من إجمالي التمويل الإماراتي المقدم خلال عام 2013، وقالت: إن حجم المساعدات الإماراتية لمصر منذ عام 1971 وحتى عام 2013 بلغ نحو 35.5 مليار درهم إماراتي( 9.7 مليار دولار).
وبالإضافة إلى المساعدات الاستثمارية قامت الإمارات بتزويد مصر بمساعدات نفطية مستمرة، مكنتها من احتواء أزمات الطاقة.

أين ذهبت الأموال؟
يقول برلماني سابق للجزيرة مباشر إن هناك مسارات رسمية لأي مبالغ تأتي من الخارج، لكنها جميعا يجب أن تتم عبر البنك المركزي، أولها المنح التي تثبت في الباب الثاني من الإيرادات في الموازنة العامة للدولة، والثاني الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تذهب لشراء أو إنشاء أصول، الثالث القروض والودائع التي يتم إضافتها إلى احتياطي البلاد لدى البنك المركزي؛ وتمثل دَيْنًا خارجيًّا على الدولة يتم سداده حسب مدة القرض أو الوديعة.
وأضاف البرلماني السابق أنه رغم ضخامة المساعدات الخليجية المعلن عنها، إلا أن البيان المالي للموازنة العامة للدولة عن العام المالي 2015-2016 أقر بنحو نصف ما تم الإعلان عنه، إذ جاء فيه أن إجمالي المنح قد بلغ 95.9 مليار جنيه ( 13.5 مليار دولار) عام 2013-2014 – العام الأول بعد الانقلاب- كما بلغت 25.7 مليار جنيه (3.5 مليار دولار) عام 2014-2015، ومن المتوقع أن تبلغ 2.2 مليار جنيه فقط ( 285 مليون دولار) للعام المالي الحالي.
يشار إلى أن التقرير المالي الشهري الصادر عن وزارة المالية المصرية لشهر فبراير الماضي، نقلا عن البنك المركزي المصري، ذكر أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدولة الإمارات العربية المتحدة قد بلغ 411 مليون دولار عام 2010-2011، وبلغ 560 مليون دولار عام 2011-2012، وبلغ 481 مليون دولار عام 2012-2013، وبلغ 401 مليون دولار عام 2013-2014، وبلغ 1383 مليون دولار عام 2014-2015، كما بلغ 146 مليون دولار خلال الربع الأول من العام 2015-2016.

وعلى الرغم من المساعدات الخليجية، فإن المؤشرات الرسمية في مصر تشير إلى تباطؤ الاقتصاد بشكل ملحوظ؛ حيث لم تنعكس المساعدات على أحوال المواطنين المعيشية، وذلك في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع معدلات التضخم
كما جفَّت الاستثمارات الأجنبية؛ التي كانت قد وصلت إلى 13 مليار دولار خلال العام المالي 2007/2008 لتصل إلى 4 مليارات دولار في العام المالي 2013-2014، فيما تراجعت معدلات النمو الاقتصادي السنوي من 7% في عام 2010، قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني، إلى 2.2% في عام 2014.

المصدر : الجزيرة مباشر