المجتمع الدولي يقف عاجزا أمام مأساة الغوطة الشرقية

قتلى وجرحى بالمئات جراء غارات النظام السوري على أحياء الغوطة الشرقية

يبدي المجتمع الدولي تأثرا كبيرا إزاء تعرض الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لوابل من قنابل النظام السوري، إلا أنه يعجز عن تبني موقف موحد يضع حدا للقصف الذي يطال المدنيين.

وقال مصدر في الدفاع المدني في غوطة دمشق الشرقية إن أكثر من 480 شخصا سقطوا بين قتيل وجريح أمس الثلاثاء جراء قصف قوات النظام لمدن وبلدات الغوطة.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الأنباء الألمانية “سقط أكثر من 122 قتيلا أغلبهم نساء وأطفال في القصف الجوي والصاروخي والمدفعي على بلدات الغوطة الشرقية”.

وأكد المصدر “وجود عشرات الجثث والجرحى تحت الأنقاض في المباني التي تعرضت للقصف، وفرق الدفاع المدني لا تستطيع تقديم المساعدات وإنقاذ كل المناطق نظرا للعدد الكبير من المواقع المستهدفة ونقص المعدات والآليات ومواد الإسعاف وما يحصل في الغوطة فوق قدراتنا”.

وتدين العديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، التي لا تتمتع بسلطات سياسية، العملية العسكرية التي بدأها النظام السوري في 5 فبراير/ شباط، وأدت منذ الأحد إلى مقتل أكثر من 250 شخصا، ويبدو أنها مقدمة لهجوم بري ضد آخر معاقل الفصائل المعارضة في ريف دمشق.

وقال أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه “يشعر بانزعاج عميق إزاء تصاعد الحالة في الغوطة الشرقية وآثارها المدمرة على المدنيين”.

وقال بيان أصدره استيفان دوغريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، الثلاثاء، إن “ما يقرب من 400 ألف شخص في الغوطة الشرقية يتعرضون لضربات وقصف جوي”.

وأضاف “نتيجة حصار قوات الحكومة السورية للمنطقة، يعيش السكان هناك في ظروف بالغة الصعوبة، بما في ذلك سوء التغذية”.

ولفت أن “هناك أيضا تقارير عن مقتل أكثر من 100 شخص في الغوطة الشرقية منذ يوم الاثنين، بينهم 13 طفلا على الأقل”.

وذكر أنه “قد أصيبت خمس مستشفيات أو عيادات طبية في الغوطة الشرقية بضربات جوية”.

وتابع “ويحتاج أكثر من 700 شخص إلى الإجلاء الطبي الفوري من الغوطة الشرقية التي هي جزء من اتفاق تخفيف التصعيد الذي تم التوصل إليه في أستانا”.

كما أكد الأمين العام ضرورة “تذكير جميع الأطراف، ولا سيما الضامنين لاتفاقات أستانا، بالتزاماتها في هذا الصدد”.

من جانبها، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، الثلاثاء، بيانًا بلا كلمات، تعليقًا على هجمات النظام السوري على غوطة دمشق الشرقية، وجاء فيه: “لا توجد كلمات يمكنها أن تنصف الأطفال القتلى وأمهاتهم وآبائهم وأحبائهم”.

ونسب البيان، الأول من نوعه، التعليق إلى “خيرت كابالاري” مدير المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع ترك بقية صفحة البيان فارغة بدون أي كلمات.

في المقابل تقف القوى الكبرى عاجزة بسبب انقساماتها، مشرعة الأبواب أمام عمليات النظام السوري.

واكتفى عدد قليل من الدول والمنظمات الدولية بإصدار بيانات تنديد، وصفها نشطاء حقوقيون بـ”الخجولة”، وسط عجز دولي من إنقاذ المدنيين العزّل أو وقف آلة القتل.

وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء عن “بالغ قلقها” إزاء الوضع وقالت المتحدثة باسمها هيذر نويرت للصحفيين إن “وقف العنف يجب أن يبدأ الآن”، منتقدة ما وصفته بـ”سياسة الحصار والتجويع” التي يمارسها الأسد.

وأضافت “التقارير الأخيرة توضح أن الغارات الجوية تستهدف مباشرة المناطق التي بها المستشفيات والمدنيون في الغوطة الشرقية، ما نتج عنه مقتل أكثر من 100 شخص خلال آخر 48 ساعة”.

ولفتت المسؤولة الأمريكية أن الهجمات التي تستهدف الغوطة الشرقية زادت خلال الأيام الأخيرة، مبينة أن “نظام الأسد يطبق تكتيكًا لدفع الناس إلى المجاعة بما يطبقه من حصار للمنطقة”.

وتابعت في ذات السياق قائلة “هذه كارثة إنسانية، تعتبر تكرارًا لكارثة مماثلة شهدتها حلب الشرقية”، وشددت على ضرورة استخدام روسيا لتأثيرها على النظام السوري لوقف الهجمات، مشيدة بالدور الذي يقوم به المتطوعون لإنقاذ المدنيين بعد وقوع الهجمات.

أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فقد صرح بأن “الوضع في سوريا يتدهور بشكل ملحوظ”، وحذر من أنه “إذا لم يطرأ عنصر جديد فإننا نتجه نحو فاجعة إنسانية”.

من جهتها، اعتبرت موسكو بلسان سفيرها لدى الأمم المتحدة أن “الهدنة الانسانية” لمدة شهر التي اقترحها منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس “غير واقعية”، معطيا بذلك دمشق الضوء الأخضر لمواصلة قصفها العنيف بالطائرات والمدفعية.

والاثنين قال مومتزيس في بيان إن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق “يجب أن يتوقف حالاً” في حين “يخرج الوضع الإنساني عن السيطرة”.

وتابع مومتزيس “لا بد من إنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها الآن”.

ويقول المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث “لا يجوز الادعاء، في حين يحاصر الأسد المدنيين في الغوطة الشرقية ويقصفهم بلا هوادة، ويقصف أيضا مستشفياتهم، إن هذه حرب: إنها مجزرة. وبوتين يجعل ذلك ممكنا”.

والثلاثاء تساءل روث في تغريديتين على تويتر “هل إيران شريكة في جرائم الحرب هذه؟”.

وتقع الغوطة الشرقية ضمن مناطق “خفض التوتر” التي تم الاتفاق عليها في مباحثات أستانة عام 2017، بضمانة من تركيا وروسيا وإيران، وهي آخر معقل للمعارضة قرب العاصمة، وتحاصرها قوات النظام منذ 2012.

وتتعرض الغوطة الشرقية في محيط دمشق لقصف متواصل جوي وبري من قبل قوات النظام منذ أشهر، ما أسفر عن مئات القتلى.

المصدر : وكالات