اللحظات الأخيرة في حياة صالح.. رواية مختلفة

الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح

كشف قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن رواية مختلفة عن تلك التي روجها الحوثيون للساعات الأخيرة في حياة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والتي انتهت بمقتله.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الأناضول للأنباء، إن الرئيس المخلوع قتل في الحقيقة ليل يوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، وليس ظهر يوم الإثنين، كما تقول الرواية التي أعلنتها جماعة الحوثي.

وكانت جماعة الحوثي قد أشاعت أن صالح قتل أثناء فراره من صنعاء باتجاه مسقط رأسه في مديرية سنحان، لكن الحوثيين أوقفوا موكبه على بعد 40 كيلومترا جنوبي صنعاء، وأعدموه رميا بالرصاص مع عدد من قيادات الحزب الذين كانوا برفقته.

وبحسب القيادي في حزب المؤتمر الشعبي في تصريحاته لوكالة الأناضول فإن الحوثيين أجّلوا إعلان مقتل صالح إلى اليوم الثاني، بعد أن نفذوا ما سمها “مسرحية” هروبه إلى مديرية سنحان ومقتله هناك، لكي يظهر لأنصاره بأنه كان يريد التوجه إلى مأرب، والالتحاق بالقوات الحكومية.

وأوضح القيادي بالحزب أن الأمر بقتل صالح جاء من عبد الملك الحوثي، زعيم مليشيا الحوثي، بعدما وجهوا له إهانة لفظية، واعتدوا عليه بالضرب، عقب السيطرة على منزل صالح.

ويضيف القيادي أن صالح كان قرر القتال مع المئات من القوات الموالية له، في منزل بحي الكميم في الحي السياسي، جنوبي العاصمة صنعاء، في الوقت الذي كان المسلحون الحوثيون يتقدمون بدباباتهم وعرباتهم المدرعة نحو المنزل.

وظلت المدفعية الثقيلة والدبابات تضرب بعنف أسوار المنزل والمنازل المحيطة به، وكان العشرات من حراسة صالح الشخصية الذين يقاتلون بالرشاشات يسقطون قتلى، واحداً تلو الآخر، حسبما يفيد المصدر.

ومع مرور الساعات كان الحوثيون يضيقون الخناق على المنزل أكثر فأكثر، بإسناد كثيف من الدبابات وصواريخ الكتف، في الوقت الذي كان العشرات من حول صالح، يستميتون في الدفاع عن معقلهم الأخير.

وبحسب القيادي في الحزب فإن الحوثيين كانوا يُحكمون الحصار على آخر المنازل المحيطة بمنزل صالح، وفرضوا عدة أطواق أمنية، بينما كانت الدبابات ترسل قذائفها باتجاه القلعة الأخيرة لصالح.

وقال بموازاة ذلك كان المئات من المسلحين الحوثيين يقودهم عدد من القيادات الميدانية، يُعتقد أن القيادي البارز أبو علي الحاكم (رئيس الاستخبارات في حكومة الحوثيين) كان أحد قادة الهجوم.

ورغم شراسة الهجوم، كان حراس صالح يشكلون حائط صد منيع، إثر ذلك سقط العشرات من الحوثيين قتلى، لكن نقطة التحول في سير المعارك كانت مقتل قائد المقاومة في المنزل، العميد طارق صالح، نجل شقيق صالح.

في جامع المنزل، اصطف صالح مع الأمين العام لحزبه (الجناح الموالي له بحزب المؤتمر الشعبي) عارف الزوكا وآخرين للصلاة على جنازة طارق، والأخير كان مضرج بدمائه، طبقاً للمصدر.

بعد أقل من نصف ساعة، أُصيب شقيق طارق، العقيد محمد صالح، بشظية قذيفة، إلى جانب العقيد أحمد صالح الرحبي الحارس الشخصي لصالح.

بدأ خط المقاومة في الانهيار، مع مقتل قائد المقاومة طارق ونائبه محمد، ومعها تجاوز المسلحون الحوثيون أسوار المنزل، وسط مقاومة شرسة من صالح الذي كان ما يزال يرتدي بزته المدنية، بالإضافة إلى حراسه المعدودين.

استمرت المعارك إلى فصلها الأخير، واقتحم المسلحون الحوثيون المنزل الذي كان يصطف أمامه العشرات من الحراس قرابة 4 عقود، وللمرة الأولى كان المسلحون بسحنتهم القبلية يقفون أمام المشير الذي كان جريحاً، وتنزف منه الدماء بإحدى ردهات المنزل، وفق حديث المصدر.

وأضاف أن مسلحي الحوثيين بدأوا في إهانة صالح، والاعتداء عليه بالضرب، فيما كان هو خائر القوى أمامهم، ولذلك أظهرت الصور التي أوردها الحوثيون، آثار تعذيب وكدمات على وجهه، وخاصة جمجمته.

وتابع كتفوا يديه ورجليه إلى الخلف والدماء تنزف منه، وبدأ القائد الذي اقتحم المنزل بإجراء اتصال مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وبعد حديث مقتضب بين الاثنين، وجه الحوثي القائد الميداني بإعدام صالح.

وأضاف أن أحد المسلحين وجه السلاح إلى رأس صالح، وأطلق عليه النار.

وبحسب المصدر فإن الحوثيين أجّلوا إعلان مقتل صالح إلى اليوم الثاني، كما نشروا معلومات بأن صالح قُتل مع عارف الزوكا وحراسه الشخصيين، وهو يحاول مغادرة صنعاء.

 كما روّجوا لاتصال هاتفي بين شخصين من القرية، أحدهما يؤكد أن الحوثيين اعترضوا موكبه، وأطلقوا عليه النيران هناك. ومن بين الشهود على اللحظات الأخيرة لصالح، كان الزوكا، الذي أُصيب هو الآخر خلال عملية اقتحام المنزل، وجرى نقله من قِبل الحوثيين إلى مستشفى 48، جنوب العاصمة صنعاء.

ووفق المصدر هناك في المستشفى، صفّى الحوثيون الزوكا كونه كان شاهداً على تفاصيل كل ما حصل.

وأضاف بأن الحوثيين نقلوا أيضاً العقيد محمد صالح والعقيد الرحبي إلى المستشفى الألماني، شمالي صنعاء، وبعد تقديم الإسعافات اللازمة لهما، تم أخذهما من قبل الحوثيين إلى منطقة مجهولة.

ورجح المصدر وفاة الرحبي كون إصابته كانت خطيرة.

وحول أبناء صالح الذين كانوا معه، قال المصدر إنه كان هناك اثنان من أبناء صالح معه في ساعاته الأخيرة، هما ريدان، النجل الأصغر، وجرى خطفه من قِبل الحوثيين، فيما يزال مصير صلاح مجهولاً حتى اللحظة.

وأضاف أن وزير الداخلية بالحكومة التي كانت مشكلة بين الحوثيين وصالح، اللواء محمد القوسي، أيضاً ما يزال مصيره مجهولاً، فيما العشرات من الجثث كانت تملأ المكان.

وطبقاً لرواية المصدر فإن من تبقى من حراسة صالح الذين كانوا على قيد الحياة في الهجوم، جرى تصفيتهم بالكامل من قِبل المسلحين الحوثيين، في المنزل الذي كان شاهداً على نهاية حقبة زمنية من تاريخ اليمن الحديث.

وحتى اللحظة ما تزال جثة صالح مع الحوثيين، ووفق مصدر آخر في حزب المؤتمر، فإن الحوثيين اشترطوا عدم تشريح الجثة مقابل تسليمها، كما اشترطوا أيضًا عدم الإعلان عن موعد دفن صالح، وألا تكون جنازته شعبية، بحيث تقتصر فقط على أقاربه.

وقال المصدر للأناضول إن الحوثيين اشترطوا أيضًا عدم دفنه في حديقة جامع الصالح بصنعاء، خلافاً لوصية سابقة له.

وكان محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثي، قد قال في وقت سابق إن عددًا من أبناء صالح موجودون في المستشفى لتلقي العلاج.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر