السيناريوهات المتوقعة ما بعد وقف إطلاق النار شرق الفرات

قوات تركية في مدينة رأس العين السورية

ينتهي اليوم وقف إطلاق النار، بعد خمسة أيام اتفق عليها نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. 

و على الرغم من وقف إطلاق النار الهش، وخطر فرض عقوبات أمريكية على تركيا، وإدانة عالمية للهجوم التركي؛ فمن المرجح أن تبقى تركيا في الأراضي السورية لفترة طويلة.

من غير المرجح أن يتواصل الصدام المتوقع بين تركيا والنظام السوري لأسباب ثلاثة:
  • تتطلب الأهداف الرئيسة لأردوغان البقاء على الأراضي السورية لمدة طويلة.
  • تتداخل أهداف تركيا والنظام السوري شمالي سوريا بشكل معقد.
  • التنسيق الروسي يحول دون الصدام المباشر بين أردوغان والأسد في حرب مفتوحة.
هل حققت تركيا أهدافها؟
  • قوات حماية الشعب الكردية -حليف واشنطن، تعدها أنقرة منظمة إرهابية، أساءت تقدير موقف واشنطن، بظنهم أن ترمب لن يسمح لأردوغان بمهاجمة حلفائه الأكراد.
  • هرع الأكراد إلى ترمب طلبًا لاتفاق وقف إطلاق النار، والسماح للأكراد بالتراجع إلى منطقة آمنة في العمق السوري وفق شروط أردوغان.
  • تأسيسًا على ذلك، فمن المحتمل أن يتحقق هدف أردوغان في إنشاء منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترًا في الأراضي السورية، وعلى امتداد 444 كيلومترًا عبر الحدود التركية السورية.
  • تعد المنطقة الآمنة تمهيدًا لأهداف أردوغان بإعادة توطين ملايين اللاجئين من السوريين في هذه المنطقة ضمانًا لعدم إنشاء منطقة نفوذ كردي على الحدود التركية.
  • مثلث خسارة حزب العدالة والتنمية لإسطنبول -في الانتخابات الأخيرة- نقطة ارتكاز مهمة في تعامل أردوغان مع ملف اللاجئين السوريين، وإمعانًا في تنفيذ الأهداف التركية؛ فإن الأمر يستلزم البقاء على الأراضي السورية -على الأقل- لحين انتهاء الحرب الأهلية السورية، وهي مسألة قد تتطلب سنوات، ما يشير إلى أن الانسحاب التركي قبل تحقيق الأهداف المرجوة؛ سيفهم في الداخل التركي على أنه هزيمة ثانية لأردوغان بعد خسارة إسطنبول في يونيو/ حزيران الماضي، وهذا ما لا يريده أردوغان لا سيَّما مع عزمه خوض الانتخابات الرئاسية 2023.
جنود أتراك ينتشرون في منطقة رأس العين شمال سوريا
تداخل أهداف أردوغان والأسد
  • منذ اندلاع الثورة السورية 2011، وحتى الهجوم التركي على سوريا، كانت العلاقة بين الأسد والأكراد تتسم بتجنب النزاع، إذ لم يصطدما من قبل عسكريا، ما قد يترتب عليه لاحقًا توسّع النفوذ الكردي وإنشاء منطقة حكم ذاتي شمال شرقي البلاد، على غرار إقليم كردستان العراق.
  • للتمسك بالسلطة لم يجد بشار الأسد سوى ترك الأكراد.
  • فتح التدخل التركي أفاقًا جديدة في المعادلة السورية، وكسر شوكة الأكراد من منظور النظام السوري، وتنم الهرولة الكردية تجاه نظام الأسد عن موقف قوة للأسد، وفرصة يتحينها النظام دون أن يكشف أوراقه.
  • أتاح التحالف الجديد لقوات الأسد مناطق لم تجسر على دخولها قبلًا، ولم يضيّع الأسد وقتًا فعزز قواته في عين العرب (كوباني)، الواقعة في منتصف الحدود التركية السورية، ناهيك بأن إعادة توطين اللاجئين العرب في الشمال السوري سيضعف النفوذ الكردي في المنطقة ليصبح لقمة سائغة بين فكي الأسد، ويتسق مع آمال النظام في سوريا موحدة يحكمها منفردًا.
  • أما إدلب، فغنيمة باردة أخرى يحققها الأسد من الهجوم التركي، إذ إن المدينة الواقعة شمال غربي البلاد، وآخر معاقل المعارضة السورية، أعلنت ضمن مناطق خفض التوتر برعاية روسية إيرانية وتركية. أما الآن فيقع -في حيز التأكيد- أن يطلب النظام السوري من تركيا التخلي عن إدلب، على أن يقايض الأسد أردوغان بورقة البقاء المؤقت شمالي سوريا.
  • بالرغم من توقيع اتفاق كردي مع النظام، إلا أن المشهد الحالي لا يشي بنشوب حرب بين الأسد وأردوغان، إنما سيظل الوضع متوترًا بما يسمح لتركيا ونظام الأسد بتحقيق مكاسب على حساب الأكراد.
روسيا حائط الصد بين أنقرة ونظام الأسد
  • تحتفظ موسكو بعلاقات متينة مع طرفي النزاع، ومن غير المرجح أن تسمح لحليفيها بالاشتباك عسكريًا، فضلًا عن الجلوس معًا على طاولة مفاوضات واحدة، ما يؤهل الدب الروسي لتزعّم سلسلة المفاوضات المتوقعة.
  • يتناغم الموقف الروسي مع الصفقة غير المعلنة بين أردوغان ونظام الأسد، وتتحقق من خلاله أهدافا تضمن إبقاء الأسد في السلطة، والوصول الآمن إلى البحر الأبيض المتوسط، وإضعاف حلف الناتو بإبعاد تركيا عنه واستمالته إلى موسكو.
  • إذا تيقن الأكراد من عدم نية الأسد خوض حرب ضد تركيا؛ فقد يغامر الأكراد ويدخلون حرب عصابات مع القوات التركية شمالي سوريا، على الرغم أن الضربة ستوجع الأتراك، إلا أن أردوغان سيُحسن توظيفها في الترويج لفكرة أن المنظمات الكردية الناشطة على الحدود التركية “إرهابية”.
  • في المدى المنظور، وبقطع النظر عما يجري على الساحة حاليًا؛ فإن تركيا ستبقى في سوريا مهما بلغت تكاليف البقاء، ويضع الأسد نصب عينيه العودة لما قبل 2011، والسيطرة على الأراضي السورية دون منازع.
     
المصدر : الجزيرة مباشر