السودان: حرب متصاعدة بين الجنرالات و5 أسباب للاعتقالات الأخيرة

صورة للمجلس العسكري السوداني بتشكيلته في أبريل الماضي عقب عزل البشير

كادت العاصمة الخرطوم أن تتحول لساحة قتال بين قوات الدعم السريع وسلاح المدرعات، على خلفية توترات لم تخمد منذ ليلة 10 أبريل/نيسان الماضي التي سبقت الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير.

توجهت قوة من قوات الدعم السريع صوب قيادة سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم، لإكمال عملية السيطرة عليها، بعد أن نشرت وحداتها في أرجاء العاصمة، وسيطرت على معظم معاقل الجيش، بما في ذلك مباني وزارة الدفاع وهيئات الأركان الملحقة بها، فتصدى ضباط المدرعات لتلك القوة وطردوها خارج المنطقة العسكرية.

خارج السيطرة
  • منذ تلك اللحظة أدرك قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان حميدتي، أن اثنين من أهم القوات بالجيش وهما المدرعات والمدفعية خارج نطاق سيطرته، لكن التوترات التي كانت على مستوى أدنى يتم السيطرة عليها.
  • حملت تلك الخلافات بوادر انفجار كبير بين قادة تلك الأسلحة وقائد الدعم السريع، وهو ما حدث بالفعل، حينما توجه الفريق محمد حمدان حميدتي، لتقديم خطاب في الأسبوع الماضي لقادة سلاح المدرعات عن الأوضاع السياسية في البلاد.
  • وفقاً لمصدر عسكري موثوق لموقع “الجزيرة مباشر” تحدث حميدتي عن ضعف الجيش، ليقاطع حديثه قائد سلاح المدرعات اللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح، موجهاً له تحذيرا شديد اللهجة من مغبة الإساءة للجيش أو اعتبار أن قوات الدعم السريع ستكون بديلاً للقوات المسلحة.
  • تلك الواقعة أكدها عضو المجلس العسكري الفريق ياسر العطا في حوار مع صحيفة الانتباه السودانية الصادرة الاثنين الماضي بقوله إن ما حدث يعتبر سوء فهم بين قائد الدعم السريع وقائد سلاح المدرعات، حيث استفسر الأخير عن مقاصد حديث حميدتي، وأنه تم توضيح الأمر وانتهت الواقعة على ذلك .
وضع خطير
  • يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد فضل الله اسماعيل في تصريح لموقع “الجزيرة مباشر” إن ما أدى لحملة الاعتقالات في صفوف الجيش، لم يكن انقلاباً عسكرياً، بقدر ما أنه “تمرد” داخل وحدات مفصلية وهامة بالجيش السوداني هي سلاح المدرعات والمدفعية والفرقة التاسعة المحمولة جواً، والتي تضم بداخلها نخبة من قوات المهام الخاصة عالية التدريب البدني والعسكري.
  • يعتقد فضل الله أن سبب هذا التمرد هو احتجاج ضباط الجيش بالرتب المختلفة، على تمدد قوات الدعم السريع، ويصف الوضع الآن بـ”المحتقن داخل الجيش”، مؤكداً أن نذر مواجهة دامية ومحتملة ما يزال يخيم على أجواء البلاد وخاصة العاصمة الخرطوم .
     

    نائب رئيس المجلس الانتقالي العسكري محمد حمدان دقلو "حميدتي"
خمسة أسباب

تفيد معلومات متطابقة حصل عليها موقع “الجزيرة مباشر”، أن الأزمة بين الجيش والدعم السريع تطورت لخمسة أسباب بينها الخلاف بين الفريق حميدتي وقائد سلاح المدرعات، وهي كالتالي:

(1) نتائج التحقيقات:

التحقيق الذي أجراه المجلس العسكري الانتقالي حول تجاوزات عملية فض الاعتصام أمام القيادة العامة 3 يونيو/حزيران الماضي، عن تورط قائد منطقة الخرطوم العسكرية اللواء ركن بحر محمد بحر، الأمر الذي أثار حفيظة رئيس أركان الجيش المعتقل الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب، الذي طالب بإحضار قائد ثاني قوات الدعم السريع وشقيق الفريق حميدتي، اللواء عبد الرحيم حمدان دقلو، مثلما تم إحضار اسم قائد منطقة الخرطوم المركزية.

  • كشف مصدر عسكري لموقع “الجزيرة مباشر” أن رئيس الأركان استخدم عبارة: “إما أن تاتوا بالذين وقفوا حقيقة وراء عملية فض الاعتصام وإلا سنقلب عاليها واطيها”.
  • المصدر قال إن رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان فشل في إقناع ابن دفعته العسكرية رئيس الأركان الفريق أول هاشم عبدالمطلب بتجاوز الأمر.
    رئيس أركان الجيش المعتقل الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب
 (2) صفقة الدبابات الروسية:
  • النقطة الثانية التي اشعلت الخلاف بين الجيش والدعم السريع، هي صفقة الدبابات الروسية، التي أبرمتها قوات الدعم السريع مع الجانب الروسي، وحسب معلومات خاصة فان عدد هذه الدبابات (100) دبابة، الأمر الذي أحدث موجة احتجاج واسعة وسط قادة أركان الجيش ،الذين رفضوا حصول الدعم السريع على أسلحة ثقيلة.
(3) عزل حميدتي:
  • تسريبات واسعة بالقوات النظامية عن نية الجيش عزل الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، من قيادة قوات الدعم السريع عبر عملية دقيقة أعدتها هيئة الاستخبارات، لكن تفاصيلها وصلت بصورة ما للفريق حميدتي، الذي ألمح لتفاصيلها خلال حديث جماهيري له هذا الأسبوع في مدينة أم درمان قال فيه: “قلنا زمن الغطغطة انتهى ولكنها موجودة وهناك شغل يجري بالداخل”، في إشارة إلى ترتيبات معينة تجري ضده سيتم كشفها.
 (4) هيكلة جهاز الأمن:
  • الفريق أول محمد حمدان كان قد استبق اجتماعه مع قادة سلاح المدرعات، بخطاب لقيادات جهاز الأمن الوطني، وفقاً لتسريبات من ذلك اللقاء أبلغ حميدتي قادة الجهاز باتجاه المجلس العسكري لإعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني، وتحويله لجهاز خاص بجمع المعلومات دون أي مهام أخرى.
  • بحسب مصدر أمني لموقع “الجزيرة مباشر” فإن عملية الهيكلة بدأت فعليا بحل هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والتي يبلغ عددها نحو ثلاثة عشر ألف عنصر، سيتم استيعاب جزء منهم بإدارات الجهاز المختلفة.
  • أكد المصدر أن القرار أحدث تذمرا واسعا وسط القوات الأمنية خاصة مع دخوله حيز التنفيذ بالشروع في تسليم مقار الهيئة لقوات الدعم السريع وصدور قرار بنقل مدير الهيئة اللواء الفاضل الجزولي واللواء أسامة محمد عثمان لإدارة شؤون الضباط بالجهاز.
(5) منصب وزير الدفاع:
  • تسابق وصراع بين قيادات الجيش حول منصب وزير الدفاع، خلال المرحلة الانتقالية، حيث يرغب حميدتي في إعادة اللواء ركن المتقاعد عثمان عبد العزيز للخدمة العسكرية ليتولى حقيبة الدفاع الوطني، فيما يتنافس اثنان من أعضاء المجلس العسكري للظفر بالمنصب وهما رئيس اللجنة الأمنية الفريق أول ركن جمال عمر ونائب رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الفريق ياسر العطا.
محاولة إنقاذ
  • الخبير العسكري الفريق عثمان عبدالرحمن حذر في حديثه لموقع الجزيرة مباشر من أي مواجهة مسلحة بين الجيش والدعم السريع، وقال إن أي مواجهة مسلحة ستفقد السودان استقراره إلى الأبد، وأشار لكلفة عالية على صعيد الأرواح والممتلكات حال اندلاع المواجهة المسلحة بالعاصمة الخرطوم.
  • عثمان أضاف أن أثر ذلك سينعكس سريعاً على الأوضاع الأمنية في دارفور التي تنتشر في أجزاء واسعة من مدنها قوات الدعم السريع، ويرى أن المخرج لهذه الأزمة يتطلب أولا قادة على قدر من المسؤولية والتجرد لإنقاذ البلاد من مصير دام.
المصدر : الجزيرة مباشر