“الحياة محاولة”.. شاب فلسطيني فقَد ذراعه وساقه لكن لم يفقد حلمه

الشاب الفلسطيني عبدالرحمن أبو رواع

بذراع وساق وحيدين، يقود الشاب الفلسطيني عبدالرحمن أبو رواع دراجته الهوائية بكل سهولة على طول شوارع غزة الرملية، مؤمنًا بأن “الحياة دائمًا عبارة عن محاولة”.

لم يفقد أبو رواع (23 عامًا) الأمل أبدًا في أن يعيش حياته بشكل طبيعي، فهو يملك إرادة منقطعة النظير لا يملكها كثير من الأصحاء، ودائمًا ما يقول: “لقد بُترت ساقي، وليس حلمي”. ومن له حلم لا يمكن أن تهزمه العقبات.

الحياة دائمًا محاولة:
  • لأنه ولد بدون ذراع ثم فقد ساقه بعد عمليتين جراحيتين، لم يسمح “أبو رواع” لإعاقته الجسدية بمنعه من “محاولة” العيش على أكمل وجه.
  • أبو رواع تحدى سخرية أقرانه في قريته البدوية شمالي قطاع غزة، عندما أخبروه بأنه لن ينجح أبدًا في ركوب الدراجة أو قيادتها بمفرده دون مساعدة.
  • الشاب العشريني صاحب الروح القوية أثبت لكل أصدقائه وأقاربه، بكل إيجابية وإرادة قوية، خطأ اعتقادهم.
  • أبو رواع ضبط دراجته بشكل بسيط يناسب احتياجاته واستطاع أن يوازن جسده فوقها، ودفع نفسه إلى الأمام بكل سهولة، ليقود دراجته بمفرده ويتجول بها داخل الحي كأي شخص صحيح.
  • الشاب الفلسطيني قال “إن تعلم كيفية ركوب الدراجة كان أعظم إنجاز لي. قد لا يبدو الأمر كذلك، لكنه الحقيقة”.
  • أبو رواع تابع “أخبرني الجميع أن الأمر خطير؛ بعض الناس انتقدوا حتى فكرة المحاولة، وسخروا مني في البداية. لكنني تحديت كل ذلك. لقد أثبتت لنفسي وللآخرين أن إعاقتي لن تعطل قدراتي في الواقع”.
إرادة قوية بلا نَصير:
  • الإثنين الماضي، صادف “اليوم الدولي لذوي الإعاقة”، وعلى الرغم من العقبات الهائلة، أظهر الفلسطينيون في غزة إرادة قوية لهزيمة إعاقتهم وتحقيق أحلامهم.
  • بالنسبة لمليوني فلسطيني يعيشون في غزة تحت الحصار الإسرائيلي، فإن الحياة صعبة بالفعل. لكن بالنسبة لذوي الإعاقات الجسدية، فإنهم يواجهون تحديات إضافية، مثل الانتقال من حي إلى آخر في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم وهو تحد هائل.
  • معظم المباني غير مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، فلا توجد علامات برايل للمكفوفين. ومع الوضع الاقتصادي الرهيب، هناك القليل أو لا توجد موارد لمساعدتهم.
  • عادة ما تكون الأطراف الصناعية المصنعة في غزة ذات نوعية رديئة لأن الحصار عطل استيراد الأطراف الصناعية والمواد الخام المستخدمة في صنعها.
  • الأطراف تصنع من مئات الأجزاء المختلفة، ولكن حتى إذا كان جزء واحد مفقودًا، فمن الصعب أن يعمل الطرف. وبالتالي، بالنسبة لكثيرين في غزة، فإنهم يستخدمونها لأغراض جمالية، كالتقاط الصور أثناء المناسبات الخاصة.
أبو رواع يصلح دراجته بنفسه ويقودها بمفرده في شوارع قريته بغزة (الجزيرة)
قصة الدراجة:
  • أبو رواع حاول ارتداء الطرف الاصطناعي، لكنه كان غير مناسب وسبب خدوشًا في الجلد وكان من المستحيل السير به، بالإضافة إلى تكلفته التي تعدت ألفي دولار، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للأسر العادية في غزة.
  • حينما كان في الصف الأول، حاول أبو رواع استخدام الكرسي المتحرك، لكنه كان غير مُجد أيضًا، وكان يسقط على الأرض مما اضطره إلى دفع صدره ضد مقعد الكرسي لدفعه إلى الأمام والتحرك.
  • في الصف الرابع، شاهد أبو رواع شقيقه طارق ذات مرة يستقل دراجته وطلب منه السماح له بأن يحاول. كانت محاولة جيدة رغم سقوطه من فوقها.
  • والد أبو رواع، أعجب بالمحاولة وأخبر ابنه بأنه يستطيع موازنة نفسه على الدراجة “إذا أراد ذلك”، فطلب منه أن يشتري له واحدة، وبعد محاولات نجح في قيادتها دون سقوط.
  • في الصف السادس أصبح أبو رواع يعتمد على دراجته بشكل كلي في الذهاب إلى المدرسة التي تبعد حوالي كيلومترين عن المنزل.
الأسئلة الغريبة:
  • أبو رواع ينتقد قلة معرفة الناس حول الإعاقات المستمرة في غزة، رافضًا “وصمة العار” التي تلاحق المعاقين بالنظرات قبل الكلام.
  • بعض الناس يسألون “أبو رواع” كيف يمكنك إصلاح دراجتك من تلقاء نفسك. هذه أسئلة غريبة بالنسبة له، فهو يعتمد كليًا على نفسه.
  • أبو رواع يقول “عندما تنكسر دراجتي، فأنا من يصلحها. بعض الناس يقولون لا يمكنك ذلك!.. على الفور، أقول لهم لماذا لا تحاولوا ذلك؟ قد ينجح، وقد لا، لكن على الأقل حاول”.
  • الشاب الفلسطيني أضاف “إذا كنت ترغب في المحاولة، ستنجح بطريقة أو بأخرى. يجب أن يكون لدى الجميع الإرادة للمحاولة. الحياة هي كل شيء عن المحاولة “.
ذوو الإعاقة بغزة أحلامهم بسيطة لكن من ينصرهم؟ (المركز الفلسطيني للإعلام)
بُترت ساقه وليس حلمه:
  • أبو رواع يقوم حاليًا بتربية الدجاج في الفناء الخلفي لمنزله المتواضع. ويرغب في الحصول على منزل جديد في نهاية المطاف حيث يغرق منزل عائلته في الشتاء.
  • في محاولة للعثور على تمويل لتوسيع مشروعه تربية الدجاج الخاص به، تقرّب أبو رواع من عدة مؤسسات وقدم اقتراحه، لكنه لم يجد الدعم بعد، لكنه قال إنه سيواصل المحاولة.
  • أبو رواع يؤكد: “لا تدع أي شخص أو أي شيء يظل في طريقك. إذا كنت تعتقد أنك لا تستطيع أن تصعد السلالم بنفسك، اسأل نفسك: هل جربت؟ يمكنك دائمًا إيجاد الطرق. قم بإنشاء الحل الخاص بك”.
  • الشاب الفلسطيني أضاف “ينبغي للمرء دائمًا أن يكون لديه الأمل والشجاعة للقفز فوق تحديات الحياة- في محاولة على الأقل”.
المشهد المألوف:
  • رغم أن المفاهيم الخاطئة حول الأشخاص المعاقين لا تزال قائمة، يعتقد أبو رواع أنها قد تراجعت على مر السنين بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ثلاث مرات، بالإضافة إلى قمع الاحتلال مسيرات العودة السلمية، ما أدى لوقوع إصابات معظمها تسبب بإعاقات دائمة لمتظاهرين عزل.
  • وفقًا لوزارة الصحة في غزة، أصيب ما لا يقل عن 5300 فلسطيني برصاص الاحتلال منذ بدء المظاهرات في 30 مارس/آذار. وتم بتر ساقي ما لا يقل عن 68 فلسطينيًا، بحيث أصبح من المشاهد المألوفة اليوم في شوارع غزة رؤية الفلسطينيين ذوي الأطراف المفقودة.
  • على عكس أبو رواع الذي ولد معاقًا وتكيف مع عجزه، فإن من فقدوا أطرافهم أثناء الاشتباكات يواجهون امتحانًا قاسيًا ليتعلموا التكيف مع حياتهم الجديدة.
المصدر : الجزيرة