الانتخابات الإسرائيلية.. كيف تجري وسيناريوهات ما بعد التصويت

تشير الاستطلاعات إلى تقارب كبير بين الليكود بزعامة نتنياهو، وحزب أزرق أبيض، بزعامة بيني غانتز.

يصوت الناخبون الإسرائيليون اليوم الثلاثاء في واحدة من أهم الانتخابات الإسرائيلية خلال عقود.

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الفوز بفترة ولاية رابعة على التوالي في هذه الانتخابات التي تعد أصعب انتخابات خاضها خلال مسيرته السياسية.

وفيما يلي أبرز أربعة أشياء تتسم بها هذه الانتخابات:

1- يخوض نتنياهو هذه الانتخابات دفاعا عن منصبه ومسيرته السياسية:

دخل نتنياهو الانتخابات محملا بعدد من فضائح الفساد التي يبدو أنها لن تفارقه.

خلال العام الماضي كان نتنياهو محور ثلاثة تحقيقات مختلفة في مزاعم فساد من بينها جرائم احتيال، وتقديم خدمات سياسية في مقابل تغطية إعلامية إيجابية بحقه، ضمن تهم أخرى.

في أواخر فبراير/شباط، أعلن المدعي العام الإسرائيلي أنه يعتزم توجيه الاتهام إلى نتنياهو على الجرائم المتعلقة بالفساد، لكن لم تتحدد جلسة لذلك.

هذا يضع الكثير من الضغط على نتنياهو وحزبه لتقديم أداء جيد في صناديق الاقتراع.

إذا تمكن نتنياهو من الاحتفاظ بمنصبه كرئيس للوزراء، فهناك فرصة في أن يتمكن من تمرير قانون يحميه بشكل أساسي من المثول أمام المحاكمة.

رغم أن بعض الناخبين صرفوا أنظارهم عن انتخاب نتنياهو بسبب مزاعم الفساد، لا يزال الكثير من الإسرائيليين يرون أن نتنياهو هو المرشح المناسب لهذا المنصب.

يرى الفريق الثاني أن اقتصاد إسرائيل قد شهد ازدهارا خلال العقد الماضي، الذي حكم فيه نتنياهو، كما يدعمون موقف نتنياهو الصارم حيال إيران.

ينظر كثيرون إلى علاقة نتنياهو الوثيقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب كنقطة أخرى لصالحه.

ساهم الرئيس الأمريكي في دعم نتنياهو من خلال عدد من القرارات، أهمها قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وموقفه الأكثر تشدداً تجاه إيران.

في انتخابات أخرى كانت هذه الأمثلة ستكون كافية لمواجهة مزاعم الفساد، لكن الأمر ليس بهذه البساطة هذا العام، حيث يواجه نتنياهو خصما قويا.

2. بيني غانتز يقدم نفسه باعتباره النقيض لنتنياهو:

دخل غانتز، وهو رئيس سابق لهيئة الأركان الإسرائيلية، معترك السياسة حديثا باعتباره يقدم نفسا جديدا في الساحة السياسية الإسرائيلية.

يدعو غانتز، وهو مرشح ائتلاف “أزرق وأبيض”، إلى “وحدة” إسرائيل ويتحدث عن التطوير المستمر وتقوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية” كما يدعو إلى التركيز على قضايا التعليم والزراعة والأمن الداخلي.

وجه غانتز انتقادات حادة لنتنياهو بالقول إنه سيحارب الفساد ويفرض قيوداً على مدة بقاء رئيس الوزراء في منصبه.

لكن غانتز لا يختلف كثيرا عن نتنياهو في مجالات أخرى، مثل سياسته تجاه الفلسطينيين، حيث تحالف مع عدد من السياسيين المتشدّدين في الكنيست.

باختصار، يقول البعض إن غانتز يحاول أن يكون كل شيء لجميع الناس، أي أنه يقول لكل طرف ما يرضيه، لكنه يقدم بشكل أساسي بديلاً لنتنياهو الذي تحاصره اتهامات الفساد.

في الانتخابات الماضية كان نتنياهو يقدم نفسه باعتباره صارما أكثر من منافسيه في القضايا الأمنية، لكنه لا يستطيع أن يصف منافسه هذه المرة بالضعف في هذا الجانب حيث كان غانتز رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي، وقاد عمليات الاحتلال العسكرية خلال العدوان على غزة عام 2014.

3. مستقبل الضفة الغربية واحتمالات السلام على المحك خلال هذه الانتخابات:

في محاولة لكسب دعم اليمين الإسرائيلي أعلن نتنياهو الأسبوع الماضي أنه سيضم نحو 130 كتلة استيطانية يهودية في الضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية إذا فاز في الانتخابات.

إذا أصبحت هذه الكتل الاستيطانية رسميا ضمن أراضي إسرائيل فهذا يعني أن الأراضي المتبقية للدولة الفلسطينية المستقبلية ستصبح مثل قطعة الجبن السويسري، مجرد قطع متناثرة من الأراضي غير المتصلة التي تقطعها أراض تخضع للسيادة الإسرائيلية.

هذا يعني عمليا حرمان الفلسطينيين من أن تكون لهم دولة ذات سيادة يمكن أن يعيشوا فيها بسلام.

4. يتمتع عرب الداخل في هذه الانتخابات بفرصة أن يرجحوا كفة أحد الفريقين:

يشكل العرب في إسرائيل، أو عرب الداخل، نحو خُمس الناخبين في إسرائيل.

يتشكل هؤلاء العرب من مسلمين ومسيحيين ودروز. ويشعر العديد منهم بالإحباط وخيبة الأمل من العملية السياسية، بسبب عقود من التمييز المنهجي ضدهم.

قبيل انتخابات عام 2015 جرى تغيير قانون الانتخابات بشكل يتطلب أن تحصل الأحزاب السياسية على 3.25٪ من إجمالي الأصوات كي تتمكن من دخول الكنيست.

هذا القانون جعل من الصعب على بعض الأقليات أن تكون ممثلة تمثيلا صحيحا.

أدار نتنياهو حملته الانتخابية بشكل معاد للعرب بشكل واضح، أكثر من الانتخابات السابقة.

انضم نتنياهو مؤخراً إلى حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف الذي كان محظورًا في السابق، وهي خطوة جلبت له انتقادات نادرة من إيباك وغيرها من الجماعات المؤيدة لإسرائيل.

يمكن أن يدفع أسلوب  نتنياهو المزيد من العرب في إسرائيل إلى الإدلاء بأصواتهم.

وفقا لاستطلاعات رأي أجريت مؤخرا فإن نحو 50٪ فقط من العرب في إسرائيل قالوا إنهم سيصوتون في الانتخابات.

إذا حدث هذا فإن العرب يمكن أن يمثلوا رقما يغير قواعد اللعبة، حيث يمكنهم أن يقدموا دعما يكفي لتفوق كتلة غانتز على نتنياهو، حسبما ذكرت صحيفة هاآرتس.

إذا قرر العرب عدم المشاركة إلى حد كبير، فإنه سيكون لدى نتنياهو فرصة أفضل للفوز.

حتى لو فاز حزب نتنياهو بالانتخابات فإن هذا لا يضمن بالضرورة بقاءه في السلطة.

وفقًا لبعض الاستطلاعات، فإن حزب الليكود بزعامة نتنياهو لديه تفوق بسيط في الانتخابات، لكن تعقيدات النظام الانتخابي الإسرائيلي، تعني أن النتيجة لن تكون واضحة تماما.

يتألف البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) من 120 مقعدًا.

لا يصوت الإسرائيليون للأفراد، بل يختارون الأحزاب.

هناك العشرات من الأحزاب التي تتنافس للفوز بمقاعد في الكنيست، لكن الليكود (بزعامة نتنياهو) وائتلاف “أزرق وأبيض” (بزعامة غانتز) يحظيان بأكبر قدر من الدعم حتى الآن.

نظرا لعدم فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة للمقاعد، يتعين على حزبي غانتز ونتنياهو التحالف مع بعض الأحزاب الأصغر لتشكيل ائتلاف يسمح لكل منهما بالحكم.

لكن بعض هذه الأحزاب قد لا تفوز بما يكفي من الأصوات لتحقيق الحد الأدنى لدخول الكنيست (3.25٪) من الأصوات، أو حوالي 4 مقاعد، مما يعني أنه من الصعب التنبؤ بمن سوف يصل للقمة في نهاية المطاف.

هناك عامل معقد آخر، وهو أن زعيم الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات لا يصبح رئيسا للوزراء بمجرد فوزه، بل إن الرئيس الإسرائيلي (الذي ينتخب لمدة سبع سنوات بالأغلبية المطلقة في الكنيست) هو من يقرر في النهاية من سيشكل الحكومة المقبلة.

بعد فرز جميع الأصوات، سيتشاور الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين مع قادة الأحزاب الفائزة ويتخذ قرارا بشأن من سيقع عليه الاختيار ليكون رئيس الوزراء القادم.

قد تستغرق هذه العملية نحو أسبوع، وسيكون أمام زعيم الحزب الذي وقع عليه الاختيار ستة أسابيع لتشكيل ائتلاف حاكم.

وإذا فشل في تشكيل الحكومة سيتولى زعيم حزب آخر زمام الأمور.

باختصار، هناك الكثير من السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تحدث عقب الانتخابات، ما سيجعل لهذه الانتخابات تداعيات قد يظل أثرها لعقود قادمة.

المصدر : الجزيرة مباشر + موقع فوكس الأمريكي