اختفاء جمال خاشقجي.. الدلالات والسيناريوهات

-
نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين كبار في الحكومة التركية اليوم الأربعاء إن المعلومات التي بحوزتهم تفيد بأن خاشقجي لا يزال في القنصلية السعودية بإسطنبول.
- كانت خطيبة خاشقجي قد قالت إنه دخل إلى القنصلية السعودية في إسطنبول الساعة الواحدة ظهرا، إلا أنه لم يخرج.
- مراسل الجزيرة أكد أن الشرطة التركية تأكدت من خروج خاشقجي من مبنى القنصلية بعد دخوله بنحو 20 دقيقة، بعد فحص كاميرات المراقبة حول المبنى.
- نشر حساب معتقلي الرأي في السعودية على تويتر تغريدة قال فيها إن خاشقجي تعرض لاختطاف ووصل بالفعل إلى السعودية، لكن الحساب ألغى التغريدة بعد فترة.
ويطرح هذا التضارب في الأنباء عددا من السيناريوهات التي من المرجح حدوث أي منها خلال الساعات الماضية، وهي:
توجد عدة أسباب قد ترجح تورط السلطات السعودية في الحادث، وهي:
- معارضة خاشقجي للنظام السعودي وحديثه في عدة محافل دولية عن التغييرات داخل السعودية، وانتقاداته المستمرة لبعض سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخصوصا أنه ظل ممنوعا لفترة من الكتابة والظهور الإعلامي وأي أنشطة علنية قبل خروجه من المملكة العام الماضي.
- يرجح هذه الفرضية أيضا الكشف قبل يومين عن قيام السلطات السعودية بالتجسس الإلكتروني على مواطن سعودي يعيش في كندا، هو الناشط "عمر عبد العزيز" بواسطة تقنيات إسرائيلية، كما تعرض المعارض السعودي غانم الدوسري لمحاولة اعتداء في العاصمة البريطانية لندن قبل نحو أسبوعين، وهو ما يؤشر على توجه سعودي لملاحقة المعارضين في الخارج.
- ملاحقة المعارضين في الخارج ليست أمرا جديدا على السعودية، فقد سبق أن قامت السلطات باختطاف عدد من المعارضين، منهم أفراد من العائلة المالكة، مثل الأمير سلطان بن تركي، والأمير تركي بن بندر، وغيرهما من الشخصيات.
- نشرت وكالة الأنباء السعودية "واس" خبرا عن استرداد السلطات مواطنا من الخارج في قضية شيكات بدون رصيد، إلا أن الخبر المنشور لم يوضح أي تفاصيل عن المواطن أو الدولة التي تم استرداده منها.
-
ألمح الأمير السعودي خالد بن عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود، إلى اختطاف خاشقجي من قبل السلطات السعودية، بعد أن قال للأكاديمي السعودي المعروف بمواقفه المعارضة لسياسة بن سلمان والمقيم في إسطنبول أحمد بن راشد بن سعيد "ما ودك تمر على السفارة السعودية؟" (ألا ترغب في المرور على السفارة السعودية)؟
-
في حالة صحة خبر قيام الشرطة التركية بالتأكد من خروج خاشقجي من مبنى القنصلية بعد خروجه منها، فمن المرجح تعرضه لعملية اختطاف بعد خروجه مباشرة. وفي هذه الحالة قد تكون السلطات السعودية متورطة في الحادث لكنها قامت بعملية الاختطاف خارج مبنى القنصلية بغرض إبعاد الشبهات عنها. لكن هذا السيناريو لا يستبعد أيضا احتمالية تورط جهات أخرى في العملية، سواء لصالح السلطات السعودية، أو بهدف توريطها في العملية عبر الإيحاء بوقوفها وراء الحادث، أو لأغراض أخرى لا يمكن التوصل إلى تفاصيلها حتى الآن.
-
أما إذا لم يخرج خاشقجي من مبنى القنصلية، فإنه يثبت بما لا يدع مجالا للشك وجود تخطيط مسبق لاختطافه، وخصوصا أن مسؤولي القنصلية كانوا على علم مسبق بقدومه، وقد يكون تصريح مسؤولين أمنيين أتراك أنهم تأكدوا من خروج خاشقجي تسريبا متعمدا بهدف دفع مسؤولي القنصلية للاطمئنان وإخراج الكاتب السعودي من المبنى تمهيدا لترحيله إلى الرياض.
-
من اللافت أن المسؤولين الأتراك لم يدلوا بأي تصريح رسمي حتى الآن حول الحادث، وهو ما يرجح تأكدهم من بقاء خاشقجي داخل مبنى القنصلية لكنهم لا يريدون تصعيد الأمور حتى الآن وإعطاء الفرصة للسعوديين للخروج من المأزق بعد اكتشاف محاولة الاختطاف في مرحلة مبكرة.
يفيد هذا السيناريو باحتمالية وجود اتفاق مسبق بين الحكومتين التركية والسعودية حول "تسليم" خاشقجي للرياض. لكن هذا السيناريو قد يكون مستبعدا لعدة أسباب:
- وجود خلافات كبيرة بين تركيا والسعودية في عدد من الملفات الإقليمية، مثل أزمة حصار قطر والملف السوري، وملف القدس وصفقة القرن، وملف الحركات الإسلامية، والموقف من إيران، بالإضافة إلى توجه المملكة لدعم الأكراد في سوريا، كما تشهد وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تراشقا بين إعلاميين ونشطاء من البلدين، وإن كانت لم تتخذ أي أبعاد رسمية حتى الآن.
- سيمثل هذا الاتفاق المزعوم إحراجا بالغا للسلطات التركية، لأنه يرسل برسالة سلبية إلى جميع المعارضين الذين يعيشون هناك بأنهم ليسوا في مأمن، وهو ما يؤثر على الآلاف من أطياف المعارضة العربية التي وجدت في تركيا مستقرا لها بعد تعرضها للمطاردة من أنظمتها. كما نقلت مصادر وتقارير إعلامية أن السلطات التركية تتابع الأمر على أعلى المستويات.