احتجاجات السودان تعرقل مسعى البشير للحصول على دعم مالي

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير

تهدد الاحتجاجات التي يشهدها السودان حاليا والمندلعة منذ أسبوعين بدفع البلاد إلى أزمة عميقة بعرقلتها محاولة البشير منع حدوث انهيار مالي وزعزعة استقرار بلد تحدق به صراعات داخلية.

وأفاد تقرير لـ “رويترز” أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير استقل طائرة روسية في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأصبح أول زعيم عربي يزور دمشق منذ 2011، ما اعتُبر مسعى من أجل الحصول على دعم مالي يحتاجه للبقاء في السلطة بينما يداهمه الوقت لإنقاذ اقتصاد بلاده.

لكن الأحداث في الداخل كانت أسرع خطى منه، فبعد يومين أحرق متظاهرون غاضبون من ارتفاع أسعار الخبز مقار الحزب الحاكم في مدينة عطبرة مطلقين شرارة أسبوعين من الاحتجاجات التي سرعان ما امتدت إلى باقي أنحاء البلاد مع مطالبة الحشود البشير بالتنحي.

الرئيس السوداني عمر حسن البشير (يسار) ورئيس النظام السوري بشار الأسد

 

أكبر تحد يواجه البشير منذ 29 عاما:
  • الاحتجاجات هي أكبر تحد يواجه البشير منذ توليه السلطة في انقلاب سانده الإسلاميون قبل نحو 30 عاما، وهي أوسع نطاقا وأطول مدة من موجتي احتجاج في سبتمبر/ أيلول 2013 ويناير كانون/ الثاني 2018.
  • المحلل المستقل محمد عثمان قال: “ما نشاهده هي الموجة الثانية والأقوى للاحتجاجات التي اجتاحت السودان في سبتمبر 2013. الإحباط من ارتفاع كلفة المعيشة يتصاعد وهو الآن يخرج عن نطاق السيطرة مجددا”.
  • أقرّ مسؤولون حكوميون بمقتل 19 شخصا في المظاهرات، فيما قالت منظمة العفو الدولية الأسبوع الماضي بأن لديها تقارير موثقة عن مقتل 37 محتجا بالرصاص.. وقال عثمان “البشير ودائرته المقربة لن يسقطوا دون قتال”.
  • البشير من أطول زعماء المنطقة بقاء في السلطة، وخرج خلال سني حكمه التي تجاوزت الثلاثين، سالما من عقوبات أمريكية استمرت 20 عاما وتجاهل إدانة من المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات بجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور.
  • تأتي الاحتجاجات بينما يسعى الزعيم البالغ من العمر 75 عاما جاهدا لدعم وضعه اقتصاديا وسياسيا، ويضغط لرفعه من قائمة دول تشمل سوريا وإيران وكوريا الشمالية تعتبرها الولايات المتحدة راعية للإرهاب.
  • يقول خبراء اقتصاديون إن إدراج السودان على تلك القائمة يمنع تدفق الاستثمارات التي كان يأمل اجتذابها والدعم المالي الذي أراد الحصول عليه عندما رفعت العقوبات الأمريكية في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
السياسة الخارجية السودانية.. تحالفات معقدة:

 

وزير الخارجية المصري زار السودان ونقل رسالة دعم من السيسي إلى البشير-27 ديسمبر
  • في ظل غياب الاستثمارات والدعم المالي يزيد السودان على نحو سريع من المعروض النقدي لتمويل عجز الميزانية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في التضخم الذي بلغ رسميا نحو 70 % وتراجع حاد في قيمة عملته.
  • محللون قالوا إن البشير بزيارته لدمشق كان يخطب ود الروس بالمساعدة في تحسين صورة حليفهم بشار الأسد بعد الحرب الأهلية السورية كي يفوز بالدعم المالي أو يستخدمهم حائط صد ضد الولايات المتحدة.
  • سعى البشير إلى أن ينال حظوة لدى دول الخليج العربية ومنها السعودية والإمارات، فقطع العلاقات مع إيران في 2016 وشارك بقوات في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، محتفظا في الوقت نفسه بعلاقات وثيقة مع اثنتين من منافساتها الإقليمية قطر وتركيا.
  • الصحفي والمحلل السياسي فيصل محمد صالح قال: “الارتباك في السياسة السودانية الخارجية والانتقال من حلف لآخر، هو بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد والرئيس البشير يريد الحصول على عون اقتصادي سريع”.
  • تسارعت تلك المشكلات الاقتصادية، وهي من الأسباب الرئيسية في حالة الاستياء والسخط التي تعتمل منذ سنوات، بعدما فقد السودان ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط بعد انفصال الجنوب عام 2011.
  • أمجد فريد الطيب الناشط والمتحدث باسم حركة التغيير الآن السودانية، قال، إن المشكلات الاقتصادية مرتبطة ارتباطا وثيقا في أعين المحتجين بالفساد وسوء الإدارة في النخبة الحاكمة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم.
  • أمجد: “حزب المؤتمر الوطني وجّه معظم الميزانية الوطنية خلال الثلاثين عاما الماضية نحو جهاز الأمن والجيش وقلص التمويل للخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة”.
  • أمجد: “هؤلاء الأشخاص الموجودون حاليا في الشوارع ليس لديهم شبكات حماية اجتماعية وهم عزل في معركة مع المصير… وليس لديهم ما يخسروه”.
احتجاجات بلا قائد.. الأحزاب تحاول اللحاق بالشارع:

 

سوداني يحمل هاتفه.. مع تقييد الحكومة الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي
  • في ظل ما تعانيه الأحزاب السياسية السودانية من ضعف وعجز لا يوجد قائد للاحتجاجات، بحسب تقرير “رويترز” فالمتظاهرون يتجمعون في بلدات وأحياء منفردة ويلتفون على الحظر المفروض على وسائل التواصل الاجتماعي لتبادل المعلومات على الإنترنت.
  • المحتجون يواصلون الاحتشاد مرددين شعار انتفاضات الربيع العربي الأثير “الشعب يريد إسقاط النظام” على الرغم من استخدام قوات الأمن شتى الوسائل لتفريقهم.
  • الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم قال: “مرور السودان بأسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلاله عام 1956 يهدد البشير بأن يواجه مصير حكام شموليين آخرين أطيح بهم قبل ثمانية أعوام”.
  • زين العابدين، أوضح أن “الأزمة الاقتصادية والسخط الشعبي تقلل من فرص البشير للترشح لانتخابات 2020 وأن الأفضل للحزب الحاكم أن يبحث عن مرشح آخر، كما ينبغي على الحزب الحاكم أن يقوم بتسوية سياسية مع المعارضة لأن هذا هو الخيار الوحيد لكي يستمر بقاء الحزب في المعادلة السياسية في البلاد حتى لا يلقى مصير الأحزاب الحاكمة في دول الربيع العربي”.
فرص التنحي:
  • البشير، بحسب تقرير “رويترز” لا يُظهر أي إشارة على التنحي، واقترح نواب في برلمان الخرطوم، الذي يهيمن عليه حزب البشير، تعديلا دستوريا الشهر الماضي لمد فترات الرئاسة.
  • على الرغم من تعهداته بإجراء إصلاحات اقتصادية ودعوته لضبط النفس والإعلان عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق فإن المحتجين يرون ذلك خطوات رمزية.
  • البشير قال، الإثنين، “ملتزمون بإجراء الانتخابات في 2020 في أجواء حرة نزيهة… ندعو كافة القوى السياسية إلى الإعداد الجاد للمشاركة فيها”.
المصدر : الجزيرة مباشر + رويترز