إستراتيجية ناجحة في هونغ كونغ وسنغافورة لمواجهة كورونا.. ما هي؟

إجراءات احترازية جديدة بهونغ كونغ لمواجهة تفشي فيروس كورونا

استعرض مقال نشرته “مجلة ساينس” العلمية الأمريكية، إستراتيجيات هونغ كونغ وسنغافورة المستهدفة لمحاربة كوفيد-19، والتي ربما توفر نموذجًا للدول الأخرى الخارجة من موجة التفشي الأولى.

فقد تمكنت المدينتان، حتى وقت قريب، من إبقاء أعداد حالاتهما منخفضة بشكل ملحوظ مع تجنب عمليات الإغلاق المفرطة التي نفذت في الصين والعديد من البلدان الأخرى.

فكلاهما حارب تفشي المرض من خلال إجراء الاختبارات المكثفة، وعزل المصابين، وتتبع المخالطين وإخضاع الحالات الإيجابية للحجر الصحي. وبالنسبة إلى الأشخاص الآخرين، كانت الحياة شبه طبيعية مع القليل من إجراءات التباعد الاجتماعي.

غير أن أعداد الحالات ارتفعت في النصف الثاني من مارس/آذار الماضي، وخشي بعض المراقبين من فشل الإستراتيجية. ففي هونغ كونغ، كان عدد الحالات المؤكدة 149 فقط في 15 مارس/آذار، ليرتفع أمس الاثنين إلى 1010 حالة. 

وارتفع العدد في سنغافورة من 226 في 15 مارس/آذار إلى 2918 أمس. لكنهما لا يشهدان النمو الهائل الذي شهدته إيطاليا وإسبانيا والعديد من المناطق في الولايات المتحدة، ولم يثقل كاهل أنظمة الرعاية الصحية لدى أي منهما. 

ورغم ذلك فقد كثفت المدينتان من الإجراءات الاحترازية في الآونة الأخيرة، إذ فرضت هونغ كونغ قيودًا على المطاعم وأغلقت الحانات بالكامل. كما أغلقت سنغافورة المدارس والأعمال غير الأساسية وأوعزت إلى السكان بالبقاء في منازلهم، مما يعد تصعيدًا دراماتيكيًا.

إجراءات التباعد الاجتماعي بأحد مطاعم سنغافورة (غيتي)

 

وتباطأ معدل الحالات الجديدة بالفعل في هونغ كونغ. ويقول الدكتور غابرييل لونغ، أخصائي الصحة العامة في جامعة هونغ كونغ: إذا استمر هذا الاتجاه، ربما نتمكن من التنفس بشكل أسهل قليلاً ونخفف من الإجراءات الجديدة. 

ويعتقد الدكتور لونغ أن ما تمارسه هونغ كونغ وسنغافورة ربما يصبح الوضع الطبيعي الجديد في العديد من البلدان، ألا وهو استراتيجية “القمع والرفع” التي تهدف الحكومتان من خلالها إلى خفض الإصابات الجديدة، ثم تخفيف القيود، بينما تجري مراقبة أي عودة للتفشي.

وعندما ظهر الوباء لأول مرة، كانت لكل من هونغ كونغ وسنغافورة مزايا معينة. فبعد معاناتهما من تفشي متلازمة الجهاز التنفسي الحاد (سارس) في عام 2003، قامتا ببناء قدرات للاستجابة ووضعتا خططا للاستعداد.

واستندت المدينتان في سياساتهما إلى بيانات تفصيلية حول حالة الوباء لديهم، التي جمعت من خلال اختبارات مكثفة لمخالطي الحالات المؤكدة والأشخاص الذين يدخلون المستشفيات بأمراض غير مبررة بالجهاز التنفسي. 

ويستطيع الأطباء طلب اختبارات من مرضى آخرين بناءً على أحوالهم السريرية أو الوبائية. ونتيجة لذلك، أجرت سنغافورة ما يقرب من 12 ألف و800 اختبار لكل مليون نسمة، بينما أجرت هونج كونج 13 ألف و800 اختبار، وفقًا لإحصاءات السلطات الصحية – وهي من أعلى معدلات الاختبار في العالم.

أحد شوارع هونغ كونغ خلال إجازة عيد الفصح (رويترز)

 

ويدخل المستشفى هناك من ثبتت إصابتهم، بغض النظر عن أن كانت لديهم أعراض أم لا، لمنعهم من إصابة الآخرين. ويجب على كل المخالطين للحالات المؤكدة وجميع العائدين الجدد من المستشفى الخضوع للحجر الصحي المنزلي لمدة أسبوعين. 

ففي هونغ كونغ، يتم تزويد الأشخاص المعزولين بأسورة  إلكترونية تعمل مع الهواتف الذكية لتتبع أماكن وجودهم. وفي سنغافورة، يجب عليهم الرد على الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول للكشف عن موقعهم عدة مرات في اليوم الواحد. والمخالفون يتعرضون لعقوبات مالية وكذلك لقضاء فترات بالسِجن.

هذه الضوابط الصارمة سمحت للمدينتين بفرض قيود طفيفة نسبيًا على غير المصابين. وتحدت سنغافورة الإجراء التقليدي بإبقاء المدارس مفتوحة، وكذلك الحال بالنسبة إلى دور السينما والحانات، إذا حافظ الناس على مسافة متر واحد بين بعضهم بعضا. وفي هونغ كونغ، ظلت الحانات والمطاعم مفتوحة.

غير أن الارتفاع في الأرقام في أواخر مارس/ آذار كان بمثابة تحذير. فمنذ 28 من مارس/آذار الماضي، اقتصرت المطاعم في هونغ كونغ على 50٪ من السعة العادية، بما لا يزيد على  أربعة في الطاولة الواحدة، ويجب عليهم التحقق من درجات حرارة المرتادين عند الباب وتوفير معقم اليدين. كما تم إغلاق الحانات في 3 أبريل/نيسان الجاري.

وأغلقت سنغافورة مدارسها يوم 8 أبريل، وحظرت تناول الطعام داخل المطاعم. وأمرت جميع الشركات غير الضرورية بالإغلاق أو تشغيل الموظفين من المنزل، وطلبت من جميع السكان البقاء في منازلهم  قدر الإمكان، مما يشبه القيود التي تبنتها نيويورك والمملكة المتحدة.

المصدر : مجلة ساينس