أسعار البترول بالسالب.. كيف؟ وهل يدفع منتجو النفط أموالا للمشترين؟

تحولت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي أمس الاثنين إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ لتنهي الجلسة عند ناقص 37.63 دولار للبرميل مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة.

ووصفت صحيفة وول ستريت جورنال تحول أسعار النفط الأمريكي إلى السالب للمرة الأولى في التاريخ بأنه “دليل فوضوي على عدم القدرة على تخزين إجمالي إنتاج النفط الذي كان من المفترض أن يستخدمه الاقتصاد العالمي الذي يعاني حاليا من الركود”.

حيث هوى الطلب العالمي على النفط بسبب توقف المصانع، والأنشطة الاقتصادية، والحجر الذي تفرضه كثير من الدول بسبب تفشي فيروس كورونا، ما أدى إلى زيادة كبيرة في المعروض من النفط.

هل يعني ذلك أن منتجي النفط سيدفعون أموالا للمشترين للتخلص منه؟

 نظريا نعم، لأن تراجع الطلب على النفط جراء أزمة كورونا، أدى إلى امتلاء مستودعات التخزين والتكرير، وفي الوقت نفسه، فإن منتجي النفط مضطرون إلى مواصلة ضخ إنتاجهم لأن غلق الآبار وإعادة تشغيلها لاحقا، باهظ التكلفة، ولهذا فإن منتجي النفط يتنافسون حاليا للحصول على أماكن تخزين جديدة.

لماذا حدث ذلك؟

تقوم مصافي التكرير بمعالجة كميات أقل كثيرا من المعتاد من الخام، لهذا فإن مئات الملايين من براميل الخام تذهب إلى منشآت التخزين حول العالم.

وقام تجار النفط باستئجار ناقلات النفط لاستخدامها فقط في تخزين فائض النفط، ويوجد حاليا نحو 160 مليون برميل، مخزنة في ناقلات حول العالم، وهو مستوى قياسي.

وفي ظل رغبة شركات الطاقة تسويق النفط الخام لديهم، لعدم قدرتهم على تحمل خسائر أكبر،

والتي تتمثل في كلفة التخزين، وكلفة التأمين، وكلفة النقل، وهي تكاليف قد تفوق 10 دولارات عن كل برميل بقي متراكما لديها.

وسارع المستثمرون إلى بيع عقود بيع النفط الآجلة التي يجب استلامها في مايو/ أيار، قبل انتهاء المدة المحددة لصلاحية العقود والتي تنتهي الاثنين في غياب طلب على النفط الفعلي.

وببساطة البترول في السفينة في عرض البحر، والتكلفة تزيد مع مرور الوقت، والسفن لا تجد مكانا لتفريغ حمولاتها، وعليه فالتاجر يريد التخلص من الشحنة حتى لا يتحمل خسارة أكبر بمرور الوقت.

هوى الطلب العالمي بحوالي 30% قبل أسابيع ما تسبب في امتلاء سريع لصهاريج التخزين في مصافي التكرير (رويترز)
إلى متى يستمر هذا الأمر؟

الأسعار السلبية هي لعقود تسليم الشهر المقبل والذي انتهى أجلها اليوم، ولكن العقود الآجلة تسليم شهر يونيو/حزيران تتداول عند سعر 20.43 دولار للبرميل، مما يجعل الهامش بين شهرين متتابعين هو 60.76 دولار، وهو أمر غير مسبوق.

وعند النظر إلى عقود تسليم شهر نوفمبر/تشرين ثاني القادم، فسنجد أن أسعارها تزيد عن أسعار عقود شهر مايو بـ 25 مرة، في إشارة إلى أن الأسواق تتوقع التغلب على وباء كورونا وتعافي أسعار النفط بحلول ذلك الوقت، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

هل سينعكس ذلك على المستهلك العادي؟

لم يتضح ما إذا كان ذلك سينعكس على المستهلكين الذين ينظرون في العادة إلى أن يترجم هبوط أسعار النفط إلى انخفاض في أسعار البنزين في محطات الوقود، أو الكهرباء والغاز المستخدم في المنازل.

هل انخفضت أسعار كافة أنواع الخام؟

هناك عدة أنواع من خام النفط منها خام غرب تكساس الذي هوت أسعاره أمس، وكما يدل اسمه، فان أغلبه ينتج في غرب تكساس، وهو إحدى خامات القياس العالمية التي تستخدم في تسعير الخامات الأخرى، خصوصا في أمريكا الشمالية.

 وهناك خام “سلة أوبك” وهي عبارة عن متوسط مرجح لأسعار الخامات البترولية التي ينتجها أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” ويتم استخدام هذا المعيار كمقياس مهم لأسعار النفط الخام.

ومنها خام القياس العالمي “مزيج برنت” وهو خام نفطي يستخدم كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي، خاصة في الأسواق الأوربية والأفريقية، ويتكون برنت من مزيج نفطي من 15 حقلا مختلفا في منطقتي برنت وتينيان (بعضها يقع في المملكة المتحدة والبعض الآخر في النرويج).

وقد تراجعت عقود خام برنت لكنها لم تصل بأي حال إلى تلك المستويات الضعيفة بفضل وجود المزيد من قدرات التخزين المتاحة حول العالم.

وأغلقت عقود برنت أمس الاثنين منخفضة 2.51 دولار، أو 9%، لتسجل عند التسوية 25.57 دولارا للبرميل.

(رويترز)
حرب الأسعار مستمرة

وتتعرض أسعار النفط لضغوط مع تضرر الطلب بشدة من تفشي فيروس كورونا، بينما خاضت السعودية وروسيا حرب أسعار عمدتا خلالها إلى ضخ المزيد من الخام.

وفيما سمي بـ “الاثنين الأسود”، في 9 مارس/آذار الماضي، انهارت أسعار البترول مسجلة أكبر هبوط لها في يوم واحد منذ حرب الخليج عام 1991.

جاء هذا بعد انهيار الاتفاق على خفض الإنتاج بين منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك والمنتجين من خارج المنظمة وعلى رأسهم روسيا والمعروف بتحالف أوبك بلس.

واستمر التدهور إلى اليوم مقارنة بسعر 70 دولارًا للبرميل في مطلع هذا العام، رغم الاتفاق الأخير لأوبك بلس على تخفيضات قياسية في الإنتاج والتي يبدو أنها لا تجاري الهبوط في الطلب بسبب وباء كورونا.

وخلف كواليس الهدنة السعودية الروسية لتحقيق الاستقرار بأسواق النفط من خلال اتفاق على خفض قياسي في الإنتاج، ترى أطراف فاعلة بالسوق أن المنتجين الكبيرين ما زالا يتبادلان الضربات في السوق الحاضرة.

ماذا قال الاقتصاديون العرب؟

مع الهبوط التاريخي لأسعار الخام الأمريكي شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعًا

ورجح البعض عودة الأمور إلى نصابها خلال الأيام القادمة، في حين اعتبر آخرون أن تبعات هذا الانخفاض ستقتصر على الاقتصاد الأمريكي فقط.. 

وسريعا تصدر وسم أسعار النفط OilPrice#  باللغة الإنجليزية التفاعل العالمي، بينما تصدر هاشتاغ #النفط التفاعل في المنصات العربية.

https://twitter.com/nayfcon/status/1252293596251856896?ref_src=twsrc%5Etfw

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات