٦٠٠ مليار في جبل الحلال !

بلا مصدر موثوق انتشرت منشورات متفرقة تتحدث عن مصادرة الجيش لمبالغ ضخمة وصلت في منشورات بعض مؤيدي السيسي إلى ٦٠٠ مليار دولار.

على الفور بدأت تدوينات معاكسة في الظهور تتحدث عن خيالية المبلغ وتسخر مما وصفته بـ ” مغارة علي بابا”. 
بمجهود قليل يتبين أن الخبر فضلا عن عدم معقوليته هو بلا مصدر موثوق وبالتالي فالأغلب هو ابن لقيط ألقته علينا “الكتائب الإلكترونية” التي بشر بها السيسي من قبل حين قال إن بإمكانه نشر كتيبتين على الانترنت تحوله لدائرة مغلقة!

المهم في هذا الخبر وما وراءه هو فهمنا لدور مثل تلك الأخبار التي نراها ساخرة وغير منطقية في تأجيل وربما منع لحظة الانهيار الكبرى التي سيخرج فيها المعدمون المحبطون ينتقمون من الجميع بلا خطة ولا هدف سوى (فش الغل) وهو ما قد يكون بداية للانطلاق من جديد للأمام بدلا من الرجوع للخلف كل يوم.  

لن يثور الناس ولن يعميهم الغضب إلا إذا جمعوا بين الفقر المدقع وفقدان الأمل في تحسن الأوضاع !

الفقير الجائع لو كان لديه بصيص أمل في تحسن الوضع ولو مستقبلا سيبحث لمن أفقره عن مبرر وسيصدق كل ما يقال له لأنه خائف من المواجهة، سيتعاطى ٦٠٠ مليار الحلال كما تعاطى من قبل جهاز الكفتة وقناة السويس الجديدة والمليون فدان والعاصمة الإدراية وأم الدنيا بل وسيصم آذانه عن مؤشرات الفشل كلها.  

لن تقرأ عيناه عداد التسعين يوما على بدء تخزين مياه النيل خلف سد أثيوبيا في أول يونيو من العام الجاري على سبيل المثال.

يفهم السيسي هذه المعادلة جيدا فيشغل إعلاميي عباس كامل على وضعية “دهب ياقوت مرجان أحمدك يارب” بين حين وآخر.

وتزداد شائعات الانفراجات كلما وصل لمكتبه مؤشرات مخابراته الحربية بأن بقعة الضوء الضيقة الأخيرة تكاد تنسد فيخرج هو بنفسه بخطاب “أحسن من سوريا والعراق ” تارة و “إدوني فرصة” تارة أخرى.  

هو يعلم أن الجميع يشكك، على الأقل بعدما فشلت مشاريعه لكنه يدرك أن القمع المفرط الذي يمارسه ويتفاخر به بل ويسوق له كفيل بأن لا تكون هناك نقطة أمان ينساب فيها الناس للميادين لأنهم يحسبون المكسب والخسارة.  

يعلم أن الحسابات كلها تتلاشى إذا جمع على الناس الفقر والقنوط !! فلا يسند ظهرهم للحائط هو لا يترك لهم المجال ليخرجوا ولا يزيل الحائط من وراءهم لكنه يسلط الضوء على بقعة من الجدار يحسبها الظمآن ثقبا يوشك أن يتوسع فيفجر الحاجز.
يُحَول الجنرال نظر الناس من النظر لوجهه إلى الجهة الأخرى، المستقبل الذي من الواضح أنه لن يأتي !

تذكروا لو أردتم أخبار اللقاءات المزعومة بين مناهضي الانقلاب وأطراف من السلطة قبل كل موجة وذكرى !تذكروا أخبار العفو الرئاسي الزائفة واغتيال السيسي وإصابته والبحث له عن بديل .. من أين بدأت تلك الأخبار وإلى ما انتهت؟

وكيف احتوت غضبة بعض من لا يجدون قوت يومهم “إذا كنت جائعا اليوم فغدا ستمتليء البطون” يقول لنفسه.  

لا يعني هذا بالتأكيد أن كل تلك الأخبار بالضرورة زائفة تماما لكنه يعني أنه جرى “تخليقها” ورميها واستغلالها لتأجيل الغضب بعد أن أمن الانقلاب غضبة من يحسبون الحسابات ويبحثون عن نقطة أمان تثور فيها مجاميع يناير.  

هل استنتجتم ما سيجري في ٢٠١٨؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها