هل خان العرب الخلافة العثمانية؟

هل فكرتم لدقيقة واحدة، لدقيقة واحدة ليس أكثر وسألنا أنفسنا لماذا السلطان عبد الحميد لم يستغن عن شبر واحد من أراضي فلسطين لمؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة “تيودور هرتزل”؟

في بداية الأمر أريد أن أوضح أن مبدئي هو أن أتجنب قدر المستطاع ألا أعمم وضد كل من يعمم، ويقول إن العرب خونة.

سأذكر هنا بعض مواقف إخواننا العرب في شكل نقاط:  

1- عندما لم ينجح الإنجليز في تشتيت وإضعاف الخلافة العثمانية بدؤوا في استخدام رجلهم “جمال باشا” والذي يعتبر من زعماء جمعية الاتحاد والترقي.

قام عندها بقتل وظلم العشرات من الفلسطينيين لنشر الفتنة والحقد بين العرب والخلافة العثمانية، ولكن -مع ذلك- الفلسطينيين لم يتخلوا عن الخلافة العثمانية ولم يتركوها وحدها كي لا تضعف وحاربوا الإنجليز بقدر استطاعتهم.

2- من الأسباب الأساسية لظفر الكوت والعمارة أمام الإنجليز هم العرب أيضاً، عندما أغلقوا أبواب البصرة أمام التعزيزات التي أُرسلت للجيش الإنجليزي ومنعوه من التقدم لمدينة الكوت.

3- لا ننسى عرض إرسال قوة عسكرية عربية في حرب الاستقلال الذي قمنا به أمام الغرب في العام 1919من قبل اللجان العربية، ولكن حينها كان لا يوجد حاجة لهذا الأمر وتم تأجيل ذلك العرض.

4- عندما تَمَرد الشريف حسين وأشعل ما تسمى “الثورة العربية الكبرى” لم يفعلها وحده بكل تأكيد كان الدعم التام من طرف الإنجليز.

ولكن الشيء المهم الذي يجب أن نتنبه إليه هو تمركز المتمردين على خط مكة – معان، وفي حينها كانوا لا يمثلون أكثر من واحد في المئة.

الغرب من هذا الوقت وحتى الآن له غاية واحدة وهي تشتيت الأمة، في زمن الدولة العثمانية كان يوجد مركز واحد لاتخاذ القرارات بشكل عام، وهذا كله يعتبر قوة خارقة ضد الغرب ولكن نجحوا بتشتيت الأمة الإسلامية مع الأسف كأحجار المسبحة التي بنيت على مبدأ راية واحدة وأمة واحدة، ثم علموا أجيالنا في المناهج التعليمية بأن العرب خونة، وعلموا إخواننا العرب بأن الخلافة العثمانية احتلال.

عندما نحلل أوضاع ماضينا وحاضرنا يجب علينا تحليل المواقف بينهما ومن بعدها نستنتج ما إن كان ‎هناك احتلال بالفعل، وما إن كان العرب خونة.

هل فكرتم لدقيقة واحدة، لدقيقة واحدة ليس أكثر وسألنا أنفسنا لماذا السلطان عبد الحميد لم يستغن عن شبر واحد من أراضي فلسطين لمؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة “تيودور هرتزل”؟ عندما أتى إلى السلطان رحمه الله وعرض بيع أراضي فلسطين مقابل المال، أجاب السلطان عبد الحميد رحمه الله وقال:“الأرض التي أخذت بالدم لن تُباع بالمال”.  

فلماذا لم يبع شبرا واحدا من أراضي المسلمين مع العلم أن الدولة العثمانية كانت آنذاك في حاجة ماسة لزيادة مدخولها وتحسين اقتصادها؟

دعوني أكن  أول من يجب على هذا السؤال:  

– لأن الدولة الإسلامية كانت دولة واحدة.

– لأن الدولة الإسلامية كانت قوة واحدة.

– لأن مشكلة الحجاز كانت مشكلة القدس.

– لأن مشكلة عمان كانت مشكلة حلب.

– لأن مبدأ الدولة الإسلامية كان مأخوذا من سورة “آل عمران” آية (103)”واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا …”.

– ولأننا كنا يدٌا واحدة لا يمكن لأحدٍ أن يكسرها.

كما حاولنا تحليل الأمور في السابق دعونا نحاول تحليل الأمور في زماننا الحالي المعاصر والذي نعيشه اليوم بحرقة وحزن شديدين.

اليوم فلسطين تسلخ عن أمتنا، سوريا تحرق بشعبها، اليمن والعراق وأراكان، فلسطين وعلى وجه الخصوص غزة، سوريا، إدلب، معرة النعمان، وريف حلب ومعظم المناطق والبلدات أيضاً.

دول مسلمة نراها هي قدوتنا تقوم بمحاصرة دولة مسلمة جارة وتعاملها وكأنها إسرائيل، أو إحدى دول الغرب.

ألا ترون معي أن الزمان يعيد نفسه؟ ألا ترون أن الأمة الإسلامية وشعبها خرج من غفلته واستشعر خطر سياسة بعض حكامه الانهزامية والاستسلام الكامل للغرب وسياساته؟ 

في نهاية المقال أعيد وأقول إن الأكثرية من إخواننا العرب لم يخونوا الخلافة العثمانية، هذا أمر اخترعه الغرب لا غير.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها