نظرة على الحافة

بوطني لا شيء يعجبنا، بينما نحن  علة كل شيء، نرتكب الأخطاء ونتهم الآخرين، نشارك في جريمة قتل البسمة، حيث تتعالى أصوات وصحون الأول في السماء.

على مقربة من الحافة، حيث نقف جميعا، نهمس في آذان بعضنا “حذار من السقوط”، نستنشق رائحة شيء من الحريق في كل الأمكنة، نتحسس الفشل العام للمنظومة الأخلاقية عندما تتهاوى القيم، وتتصاعد أصوات النشاز والحقد.

بوطني لا شيء يعجبنا، بدءا بالسياسات مرورا بالاقتصاد وصولا إلى الثقافة فالرياضة، وقس على ذلك كل شيء. 

نغير البقعة لأخرى فنجد أشقاءنا يعيشون أسوأ منا بكثير، نغير اتجاه البوصلة إلى الشمال، حيث الغرب مرادف الحضارة والثقافة، فنجد الأمر أسوأ كذلك، فعلى الأقل نحن نمارس الديمقراطية بالشكل الذي يوافقنا، بينما هم يستحوذون عليها فيمنعون عنا هواءها تحت مسميات من قبيل الفيتو وغيره.

بوطني لا شيء يعجبنا، تتكاثر التساؤلات وتتعالى الصيحات، تتناسل الويلات، تقل مشاعر الإنسان إذ لا صوت فوق صوت الدماء ولوبيات السلاح والمال، نسأل البشرية حينا ونشتاق للإنسان فينا كل لحظة، ذاك الأخير التائه وسط مخططات المتحكمين في مصير العالم.

بوطني لا شيء يعجبنا، بينما نحن  علة كل شيء، نرتكب الأخطاء ونتهم الآخرين، نشارك في جريمة قتل البسمة، إذ تتعالى أصوات وصحون الأول في السماء، ونسكت عن اختراق  الثاني للديمقراطية التي  بها نحلم، بإجهازه على القانون وتشبثه بالكرسي  للمرة الثالثة، برؤية شعبوية فضفاضة، بينما نرقب سائق جرار بعجلات معطوبة يوهم الملأ  بعلاقته غير الشرعية بـ “المحيط” الأقوى من المحيط الأطلسي بذاته، ولا يغيب عنا تمادي الرابع في  تقمص دور الحمامة المسالمة، وهو الناهب  لخيرات وطن  جريح، أما الخامس فاختار أن يغير وردته لصبار يصيب شوكه كل الفرقاء، ليغتال في مناضلي الأمس  شرف انتمائهم .

بوطني لا شيء يعجبنا، إذ استقالت النخبة عن القرار تاركة مصيرنا منذورا لليتم، وللبشاعة القصوى لبشر مفرغين من الحس الإنساني.

إنهم المتلاعبون بمصير وطن، المسيطرون على القرار، الطاردون لكل من له نخوة، الجامعون لقطيع الرعاع المهلل بزعامات صنعت للعب دور كومبارس في مسلسل ذلقراطي.

بوطني لا شيء يعجبنا، فالكل يقترح وصفات لإسعاف تعليم أرادوه في مؤخرة الركب، بتقارير دولية وهمية مسيسة، وبمساومات مشروطة ظاهرها جرعات دعم وباطنها حقنات سم.

بوطني لا شيء يعجبنا، الكثير من مشرعينا ليسوا كالمشرعين، فلا هم من الدارسين ولا هم من الوطنيين، فقط هم صنيعة صناديق ديمقراطية حربائية استغلت فقر البعض، فدست أيادي الشر للعبث بمستقبل وطن يتطلع للخير. ويصير الأسف خانقا حين نلفي برلمانيين لا يفرقون بين مشاريع القوانين ووصفات زيجاتهم لصنع الكيك.

بوطني لا شيء يعجبنا، وقد بعنا وطننا للبعض ليعيث فيه فسادا، بينما خيراتنا تتقاسمها جهات أخرى كرها لا طواعية، إذ تختلط الميزانية العامة بميزانيات مجهولة النسب، فنبتسم ببلاهة علنا ننجو من جبروت قوى الظلام.

بوطني لا شيء يعجبنا، حيث تكريس الجهل بكل مكان ومَأْسَسَتُهُ، يحتفون بالتفاهة وينبذون الغيورين الحاملين لِهَمِّ مشروع وطني، الحالمين بوطن في منأى عن تهديد الحافة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها