مصطفي جميل يكتب: أن تصبح صديقا للمجرمين

مرت سنوات وأنا أفضحهم وأندم على كل لحظة قضيتها مع هؤلاء المجرمين الذبن لا يملون من تمثيل دور البراءة والظلم والضحية. يتبع

 مصطفي جميل / مدون مصري

أن تستيقظ فجأة لتكتشف أنك كنت محاطاً بالمجرمين ثم تكتشف فجأة أنك أمضيت سنين من حياتك مع مجرمين.

ذكريات الطفولة، الشباب، الرحلات، من وقفوا بجانبك عند وفاة والدك، من أضحكوك عندما حزنت، من تبرعوا لك بالدم لينقذوا حياتك، من علمك فنون وظيفتك ووقف بجانبك.

تغلق عينيك وتفتحهما عشرات المرات لتتأكد أنك لست في حلم، وأن ما يحدث واقعي وليس مقلباً سخيفاً من مقالب الكاميرا الخفية. فلا توجد شركة قادرة على إنتاج برنامج مقالب يستمر لسنوات.

فصديقي الذي كنا نحضِّر سويا سلال رمضان ونراجع أسماء العائلات المستحقة لهذه السلال، اسمه وصورته في الجريدة منتمياً لجماعة إرهابية وأنه خطط للتفجير الفلاني. ممكن أن يتغير فكر الشخص نتيجة لأسباب كثيرة إلى فكر عدائي وإرهابي. أقنعت نفسي بهذا الكلام.

لم يكد يمرُّ شهر حتى وجدتُ مجموعة من الأصدقاء متهمين بشراء سلاح بتمويل من جهات أجنبية لبث الفوضى في البلد وترويع الناس والتخطيط لعمليات إرهابية.

ولكن لم يكد يمرُّ شهر حتى وجدتُ مجموعة من الأصدقاء متهمين بشراء سلاح بتمويل من جهات أجنبية لبث الفوضى في البلد وترويع الناس والتخطيط لعمليات إرهابية.

هذه المرة مستحيل فهذا الصديق أعرفه جيداً لا يستطيع رؤية شخص يضرب! وذاك الدكتور هو من كان يعلمنا أن الإرهاب لا دين له ، وأن حرمة دم المسلم أقدس من حرمة الكعبة.

هذه المرة شككت؛ ولكنهم قاموا بتصويرهم بالأسلحة حتى إن الشرطة قتلت صديقاً غير مقرب لي بتهمة أنه تبادل معها إطلاق النار! الأدلة واضحة ودامغة لا يمكن لعاقل إنكارها؛ فهو تصوير فيديو ليس صورة فقط، وهم يعترفون بألسنتهم أنهم فعلوا هذا بالتفاصيل والأسماء!

 وصديق تعرفت عليه أيام ثورة 25 من يناير اكتشفت أنه كان يخدعني بفكرة العدالة والمساواة ولا يسعى إلا لنشر الماسونية والشذوذ بين شبابنا. كيف خدعوني كل هذه السنوات؟ لقد خانوني قبل أن يخونوا وطنهم ودينهم، لا أستطيع أن أصدق أني كنت مغفَّلاً لهذه الدرجة!

 وقررت أن أعيد تقييم الأشخاص المحيطين بي والاستغناء وتجنب كلِّ من على شاكلة هؤلاء المجرمين الذين كانوا يخدعوني طوال هذه السنوات.

حتى كانت الصدمة الكبرى بالفتاة التي أحببتها تتهم نظام بلدها أنه اغتصبها! عندها كنت بين خيارين أن أصدقها فإنها لم تكذب أبداً؛ ولكن في الوقت نفسه هي ما زالت تصادق المجرمين وتخالطهم، وهذا ما كان سبباً لقراري أن أبتعد عنها، إنها حيرة لم يحسمها ويطمئن قلبي إلا عندما رأيتها نادمة باكية على شاشات التلفاز تعترف بتلفيقها تهمة الاغتصاب وأنها تقاضت أموالاً من المجرمين الذين حذرتُها منهم.

ليتها استمعت لنصائحي قبل فوات الأوان! كم أكره أصدقائي ومَنْ على شاكلتهم. لا ليسوا أصدقاء فهم حفنة من المجرمين إلى حدِّ أنهم قتلوا صديقنا في مظاهرة ليثبتوا أن النظام يقتل.

ليتها استمعت لنصائحي قبل فوات الأوان! كم أكره أصدقائي ومَنْ على شاكلتهم. لا ليسوا أصدقاء فهم حفنة من المجرمين إلى حدِّ أنهم قتلوا صديقنا في مظاهرة ليثبتوا أن النظام يقتل

 

 لا تصدقني أنا تابعت أوراق القضية بنفسي، وهذا ما تقوله النيابة بالأدلة واعترافاتهم، عشرة من الأصدقاء اتفقوا على قتل صديقهم فقط للتشويه الإعلامي. كيف وصلتم لهذا الحد من الإجرام؟

 ومرت سنوات وأنا أفضحهم وأندم على كل لحظة قضيتها مع هؤلاء المجرمين وبدلت أصدقاء أخرين بصداقتهم، نتشارك في نظرتنا لهؤلاء المجرمين. ولم يملوا من تمثيل دور البراءة والظلم والضحية.

ولم أنتبه إلى المجرم الحقيقي وراء كل هذا إلا عندما سمعتني بأذني أعترف على نفسي بقتل مسؤول كبير في الدولة لم أره من قبل!

 وأرى بطرف عيني الدامية من كثرة الضرب سلاحاً لي على طاولة في غرفة صغيرة، لم انتبه حتى انتهيت من قراءة الورقة المكتوبة أمامي ورجل وراء الكاميرا بلباس أبيض و 3 نجوم على كتفه ويصرخ: (ستوب)…
ضحكت ضحكة لم أضحكها منذ سنوات وأنا أفكر كيف سينظر إليَّ أصدقائي الجدد. عفواً أصدقائي

مصطفي جميل

مدون مصري

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها