محمود مجدوب يكتب: القضية الفلسطينية في قلوبنا .. أليس كذلك؟

بعد لقاءات لي مع مواطنين بشارع الحبيب بورقيبة في حديث عن أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة لهم, تلخصت أغلب الإجابات في “تهمنا ولكننا انغمسنا في هموم البلد”. يتبع

  محمود مجدوب/ إعلامي تونسي

يستوقفني مشهدٌ من الذاكرة على وقع أحداث إنتفاضةٍ لاتزال ترسم ملامح عزة خالها بعضهم  قد انكدرت . عدد كبير من الشباب التونسي أمام المسرح البلدي بالعاصمة يصرخ بكل عفوية : “الشعب يريد تحرير فلسطين !” . من ذكريات السنتين الأوليين لثورة … طيب هنا نظرةٌ لزمنٍ قد مر فماذا عن الان  ؟؟ لنحرك عقارب الساعة  ولنعد إلى الزمن  الحاضر . الانتفاضة ، القضية الفلسطينية ، القدس، المقاومة، شهداء ، طعن ، غزة ، الضفة . هي كلمات تحوم حول عقلي وأمام كل شاشة وقناة تنقل أخبار فلسطين اليوم.  قد نتساءل ، ماذا تمثل القضية الفلسطينية لنا ؟  هل هي فعلاً مازلت في قلوبنا ؟

ربما قد نلاحظ برود الشارع العربي أمام ما يجري حاليا في فلسطين فلا مسيرات مجيشة ولا شعارات كنا قد اعتدنا رؤيتها في عواصم مختلفة. أين ذهب كل هذا ؟ ما السبب ؟  قد يجيبك أحدهم وما المشكلة هي فقط صرخات بلا مجيب ، ألحان ورقصات وطقوس , يعود الجميع إلى البيت فرحين مسرورين كنهاية كل قصة ! ربما ولكنها تبقى بصيص أمل كان يتعلق به قلب كل فلسطيني .. هم ليسوا  وحدهم ! أليس ذلك بأضعف الإيمان ؟!

هنا الأسباب تتعدد ، بعد لقاءات لي مع مواطنين بشارع الحبيب بورقيبة في حديث عن أهمية  القضية الفلسطينية بالنسبة لهم تلخصت أغلب الإجابات في قالب باهت هو : “تهمنا ولكن …” .  تهمنا ولكننا انغمسنا في هموم البلد : الفقر ، البطالة ، الإرهاب .. إذاً هو شعور بالعجز ربما يخالطه رغبة بإصلاح الوضع المحيط بنا جرياً وراء أبسط ضروريات الحياة . لا عيب في ذلك لكن هل هذا عذر لنبرر تقصيرنا ؟

أصبح التفاعل مع القضية شبه موسمي في الأعوام الأخيرة فلا ترى ردود فعل كبرى ولا متابعة إلا عندما تسيل أنهار الدم   وينعقد اللواء وتصعد أرواح الشهداء .. ولكن الأمر لم يعد حتى هكذا . ربما هو التعود على الوضع من كثرة  مشاهد الاعتداءت دون القدرة على رد الفعل من قبل المتابع, مصحوبة بغياب تأطير فعلي لشحنة الغضب المنجرة عن رؤيتها ؟ وليس الحل بكل تأكيد عدم نقل مايحدث فذاك خيانة للقضية !   وربما أيضاً اسهبت وسائل الإعلام في تجاهل القضية الفلسطينية، وصار التركيز دائما وفقط على قضايا محلية  .  يا ترى أليس مستقبل فلسطين  شأن محلي هو الآخر ؟؟ ألسنا كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ؟ هل طالت اتفاقات سايكس بيكو اهتماماتنا اليومية ونصبت الحدود وبوابات الجمارك على مداخل عقولنا ؟

ماذا عن التعليم ؟ هل يعطي هاته القضية حيزاً ذا قيمة بين طيات المناهج المتابعة ؟؟ لا محالة يذكرني هذا بما صار لي عندما كنت طفلاً وكتبت في امتحان اللغة الفرنسية فقرةً عن فلسطين وحتمية زوال إسرائيل بوعد رباني. عندها فوجئت بدعوة الأستاذة لوالدي رحمه الله لتنبهه لخطورة ما كتبت !  إذاً ربما مثل هاته الممارسات  تتسبب في تناسي القضية ودفعها إلى الصفوف الخلفية  !
رغم كل هذا  تبقى تتحس دفئاً  عجيباً تحت هذا الرماد. هي نار بركان حبيس ينتظر فقط من يحييه ! لن يموت أبدا ولن ينتهي مابقيت الناس والحجارة . وسيبقى دائما الأمل !  أليس  وعداً ربانياً  !!

محمود مجدوب
إعلامي تونسي

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها