محمد مرحلي: “الإخوان المسلمون” جماعة الفرص الضائعة!

أضاع “مرسي” وجماعته هذه الفرصة التاريخية، وضيعوا علينا وعلى أنفسهم تلك اللحظة الفارقة، وحرمونا وإياهم من العيش بحرية وكرامة، ودفعوا ثمن ذلك باهظاً.. يتبع.

 محمد مرحلي / مدون مصري

الإخوان المسلمون، الجماعة التي كانت في يومٍ من الأيام الأكثر تأثيراً، والأقوى نفوذاً في الشارع المصري والعربي، والتي أمسى أعضاؤها بين يومٍ وليلة ما بين شهيدٍ ومعتقلٍ ومطارد.

لعبت جماعة الإخوان في مصر جميع الأدوار تقريباً، حيث بدأت كجماعة إصلاحية شاملة، تدعو إلى إصلاح الدنيا بالدين، ثم قاومت المحتل، وحاربت في فلسطين، قضى على أعضائها “عبد الناصر” وأذاقهم وبال أمرهم، مات “عبد الناصر” وبقيت الجماعة، أفرج عنهم “السادات” وأعطاهم مساحة من الحرية، أعاد “التلمساني” لم شتات الجماعة.

مات “السادات” وجاء “مبارك” اتجهت الجماعة إلى العمل النقابي، ثم انتخابات البرلمان.تحالفت مع الوفد، وتحالفت مع العمل، وترشحت فردياً، فازت بخمس المقاعد في 2005، حوكم أعضاؤها عسكرياً مرات عديدة، شارك طلابها في انتخابات الاتحادات الطلابية، فازو بها مرات قليلة، وزورت ضدهم – كالعادة – مرات أكثر.

سلكوا طريق النضال الدستوري، والكفاح الميداني، تظاهروا ضد النظام، ضد الظلم، ضد التعذيب، ضد التوريث، ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين، انضموا للجمعية الوطنية للتغيير منذ اليوم الأول، شاركوا في جمع التوقيعات لمطالب سبعة للإصلاح.

سلك “الإخوان المسلمون” طريق النضال الدستوري، والكفاح الميداني، تظاهروا ضد النظام، ضد الظلم، ضد التعذيب، ضد التوريث

كانت الجماعة في ذلك الوقت ذات الصوت الأعلى والكلمة المسموعة في الشارع المصري، في وقتٍ لم يسمع فيه صوت المعارضة في مصر إلا قليلاً.

ظل منحنى الجماعة في ارتفاع حتى جاءت ثورة 2011، ثم بدأت الشعبية في الهبوط، فلم يكن قد مر على تنحي مبارك بعد أكثر من أربعين يوماً، إلا أن الخلاف احتدم مبكراً، وثمرة الصراع نضجت قبل موعد قطافها.

انقسم الثوار إلى قسمين: أحدهما ينادي بالدستور أولاً، والآخر ينادي بالرئيس أولاً، كان الفريق الأول الأعلى صوتاً في الشارع، بينما الثاني كان المستحوذ على وسائل الإعلام حينئذ، وبدأ الفريقان بتخوين أحدهما الآخر، ما بين غزوة الصناديق وجمعة قندهار، وبين شيطنة الإخوان وتخوينهم.

مرت الأحداث وتسارعت وتيرتها وفازت الجماعة بأكثرية برلمانية في مجلس الشعب، وكذلك الأمر في مجلس الشورى، وشاركت الجماعة في انتخابات الرئاسة بعدما وعدت بألا تترشح لها، تقدمت بمرشحها “الشاطر” ومن ثم “مرسي” الذي كان يمتلك فرصة ذهبية للتطهير بعد فوزه بالرئاسة، إلا أنه اختار طريق الإصلاح، مُفضلاً إياه على طريق الثورة.

كان أمام الإخوان بعد ثورة يناير فرصة تاريخية، لو أحسنت الجماعة استغلالها لتغير الوضع تماماً عما نحن عليه الآن

وعلى مر هذه السنين أضاعت جماعة الإخوان فرصاً كثيرة ولحظات فارقة، كان من الممكن أن تستغلها لتسطير اسمها في أروع صفحات التاريخ المصري والإسلامي، إلا أنها كانت دائماً ما تفشل في استغلال هذه الفرص وتضيع على نفسها ومؤيديها اغتنام هذه اللحظات.

وكان أمام الإخوان بعد ثورة يناير فرصة تاريخية، لو أحسنت الجماعة استغلالها لتغير الوضع تماماً عما نحن عليه الآن، كانت هذه الفرصة عقب انتخابات الإعادة لرئاسة الجمهورية، حيث الاصطفاف الثوري الذي لم يسبق له مثيل.

توحدت قوى الثورة ولأول مرة خلف مطلب واحد، وقفوا جنباً إلى جنب في مؤتمر فيرمونت، دعموا “مرسي” وأطلقوا عليه مرشح الثورة، أيدوه ضد “شفيق” الذي كان يوصف بأنه مرشح الثورة المضادة، أطلقوا مع الإخوان شعار “قوتنا في وحدتنا”  نادى الجميع بتناسي الخلافات وتنحية المشاحنات حتى لا تغرق سفينة الوطن، فكان هذا الاصطفاف ولايزال الأقوى والأروع في تاريخ الثورة المصرية.

قطع “مرسي” على نفسه وعودا عديدة، حيث أكد الشراكة الوطنية وأنه يمتلك مشروعاً وطنياً جامعاً يشمل جميع أطياف المجتمع، ووعد بأن يضم الفريق الرئاسي وحكومة الإنقاذ الوطني جميع التيارات الوطنية، وأن يكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة، وعد بتكوين فريق إدارة أزمة، يشمل رموزاً وطنية، وذلك للتعامل مع الوضع القائم وقتئذ، ويكون ضامناً لعملية تسليم السلطة للرئيس وحكومته.

وكذلك رفض المؤتمر قرار حل البرلمان وقرار تشكيل مجلس الدفاع الوطني، وأكد تحقيق التوازن المجتمعي في الجمعية التأسيسية للدستور بما يضمن صياغة دستور يتوافق عليه المصريون، وأخيراً وعد بالشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما يستجد من مستجدات على الساحة السياسية

حرمونا وإياهم من العيش بحرية وكرامة، ودفعوا ثمن ذلك باهظاً من أرواحهم ودمائهم وأموالهم وحريتهم، وسطروا بأنفسهم في صفحات التاريخ أن جماعتهم هي جماعة الفرص الضائعة

إلا أن هذا الوضع لم يستمر كثيراً، وسرعان ما تغيّرت الوعود، فلم نر جميع التيارات ممثلة في الفريق الرئاسي، ولم نر شخصية توافقية على رأس الحكومة.

 كما لم يتشكل فريق إدارة الأزمة، وفوجئنا بأن قرار حل البرلمان قد تم تمريره، واختلفت قوى الثورة حول تشكيل الجميعة التأسيسية للدستور، ولم نحظ بالشفافية والوضوح كما وعد الرئيسُ قبل أن يصبح رئيساً!

وبذلك أضاع “مرسي” وجماعته هذه الفرصة التاريخية، وضيعوا علينا وعلى أنفسهم تلك اللحظة الفارقة، وحرمونا وإياهم من العيش بحرية وكرامة، ودفعوا ثمن ذلك باهظاً من أرواحهم ودمائهم وأموالهم وحريتهم، وسطروا بأنفسهم في صفحات التاريخ أن جماعتهم هي جماعة الفرص الضائعة.

محمد مرحلي

مدون مصري

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها