محمد رزق يكتب: لن يفلحوا

محمد رزق/ إعلامي مصري

أنفق ما تشاء، اصنع خططا مُحكمة، طوّر نفسك قدر استطاعتك، سابق.. ابحث عن كلمات بليغة لتعبر بها عن نفسك حتى تكسب المزيد من الأنصار.

احرص على وجودك في كل المحافل.. ابرز نفسك دائما.. احرص أن تكون في الصفوف الأولى فهذه مكانتك التي ترى نفسك جديرا بها.. صِلِ الليل بالنهار حتي تتمكن؛ فالتمكن يحتاج إلى الجهد والاجتهاد .. ولكن تأكد بعد ذلك أنك لن تفلح ..

نعم لن تفلح .. رغم جهدك واجتهادك لن تفلح.. لن تفلحوا…

كان لرجل ستة أبناء على مدار السنين بنى لهم قصرا مشيدا قابلته صعاب كانت كفيلة أن تمنعه مِن البناء وأخرى تهدم ما بناه، لكنه واجه كل الصعاب وتغلب عليها.

كثر الأبناء بالأحفاد ، وعمرت غرف القصر ولكن رغم الكثرة لم تضق بهم يوما

كثر الأبناء بالأحفاد ، وعمرت غرف القصر ولكن رغم الكثرة لم تضق بهم يوما. أغرى القصر الحساد والنُهاب وقُطاع الطرقات.. لكن لا سبيل لهم في ظل تماسك الأبناء والأحفاد.

اختلف الأحفاد في تركتهم وضاق بهم القصر رغم اتساعه فذهب كل جزء منهم للآباء بفكرة لاستثمار القصر، فرأى قسم منهم هدم القصر وتشييد عمارات فخمة ، ورأى قسم آخر بناء مصنع بدلا منه يدر دخلا كبيرا يؤمّنون به مستقبلهم ومستقبل من جاء إليهم.

أما القسم الثالث فرفض الاثنين وقال: بل نبني فندقا فخما نكسب منه ونسكن فيه.

بينما اقترح الرابع بيع القصر وتوزيع ماله…

والخامس قال: نبيع القصر ونشيد بدلا منه قصرا في الصحراء ونستثمر ما يتبقى من أموال.

أما السادس فقال : لا يمكن أن نمس القصر فهو قيمة لا تمس

أما السادس فقال : لا يمكن أن نمس القصر فهو قيمة لا تمس. اختلف الأبناء والأحفاد وتمسك كل منهم بفكرته ورأى أن بها النصر والفلاح وأنها الطريق الأمثل للنجاح والحفاظ على ثروتهم.

بدأ كل فريق بتنفيذ فكرته.. ولم لا؟ وهى طريق النجاح والفلاح..

وبدأ هدم القصر..

الكل يهدم وهو سعيد أنه سيثبت للجميع أن فكرته هي الأصوب وأن رأيه هو الرأي السديد..

أغرى الحسادَ والطامعين حالُ الأبناء والأحفاد، وسعدوا بحالهم، وقالوا: اتركوهم سنأخذ القصر منهم لا محالة، ما كان يمنعنا عنهم في السابق هم يقضون عليه الآن.

لن يفلحوا…

قال تعالى: “لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم”.

الله تعالى يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ويرشده إلى أهم أركان قوته، وأن القلوب المؤلفة أغلى من كل كنوز الأرض، وأن هذا التآلف الله تعالي هو الذي صنعه فحافظ على صنع الله.

القلوب المؤلفة بنيان مرصوص، القلوب المؤلفة عصية على الاختراق، القلوب المؤلفة شرط النصر والنجاح.  على مدار التاريخ لن يغيّر الله سننه من أجل أحد فردا كان أو جماعة أو حتى دولا.. مهما ظنوا أنهم يملكون مفاتيح الحلول. ومن سُنَن نصره الاتحاد فأهل بدر نصروا بقلوبهم المؤلفة رغم القلة وأهل أحد هُزموا باختلاف قلوبهم رغم قوّتهم وخططهم المحكمة.

ينتصر الأبناء والأحفاد إذا كانوا متحدين ولو كانوا في خيام وسيهزمون إذا اختلفوا وتناحروا ولو ملكوا القصور وليس قصرا واحدا.. الوحدة أولى أدوات النصر “وعي نعرفه ونخالفه”.

 

محمد رزق

إعلامي مصري

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها