مايكل سيدهم يكتب: “يالا نحط” على المسيحيين

اعتقد أن مثل هذه التصرفات والكلمات تعطي المبرر و التفسير لكل تصرفات المسيحيين وخوفهم ومحاولاتهم للدفاع عن أنفسهم. يتبع

 

لا تتعجب من عنوان المقال عزيزي القارئ؛ فلغته باتت واقع لغتنا الجميلة التي نستخدمها، والتي لم تعد تعكس إلا الفكر المعاصر الذي يعيشه المصريون حالياً بكل أسف؛ و لكن في الحقيقة اختياري لهذا العنوان يأتي بدافع السخرية من فكر أصحابه الذي أنا بصدد الحديث عنه هنا.

على مدى عقود -و لن أذهب للحديث عن القرون- تم إقحام المسيحيين كمجموعة إيديولوجية أو مجموعة من البشر ذوي معتقد ما إلى داخل المعترك السياسي بناءً على هذا المعتقد، و تم التعامل معهم على هذا الأساس منذ أيام السادات تحديداً؛ خاصة مع صعود التيار الإسلامي و قوته داخل المجتمع.

و بالرغم من أن هذا بالطبع هو أمر لا يضيف ولا يبني للحياة السياسية أو غيرها في مصر؛ بل يضر بوحدتها يبقى هناك لوم على الكنيسة التي استغلت الأمر وهادنته، وأرادت أن تلعب هذا الدور السياسي الممثل والمتزعم لقطاع كبير، وهام جداً من التركيبة المصرية  ككل.

 تم إقحام المسيحيين كمجموعة إيديولوجية أو مجموعة من البشر ذوي معتقد ما إلى داخل المعترك السياسي بناءً على هذا المعتقد وتم التعامل معهم على هذا الأساس منذ أيام السادات تحديداً خاصة مع صعود التيار الإسلامي و قوته داخل المجتمع.

و ظل حكام هذا البلد و مديريه يستغلون تلك الورقة حتى استنزفوها، واستنزفوا معها كل طاقة الشعب على التحمل حتى ظهر لنا بوضوح المظهر المريض الذي نراه اليوم بين إسلاميين كحزب النور، ورموز من المسيحيين، ولم يكن الانقلاب الا القشة التي قسمت ظهر البعير، و بالطبع هنا فإن ظهر البعير هو الشعب المصري الذي ينحني دائماً لكل فرعون يمتطيه منذ الفرس و الإغريق و الرومان حتى المماليك والعسكر.

ولكن ينبغي علينا إن أردنا أن نبني هذه الدولة، وأن ننضم لركب الحضارة في عالم اليوم المتحضر الذي يرتقي بالإنسان وبحياته أن نفهم ونعي أن مصر لكل المصريين، و كلنا أبناء هذا البلد مهما كان المعتقد، فكل فرد مواطن فيها كدولة لا قبيلة يحكمها القانون لا العرف.

ومن هنا فلقد ظهرت في الفترات الأخيرة أصوات غريبه خاصة مع صعود تنظيم داعش الإرهابي الذي يقول أغلب المسلمين إنهم يرفضون منهجه، وربما لا يقولون ذلك بالقدر الكاف، أو بالصوت الواضح، ومن يقبله فهو إنما يسئ ببساطة إلى صورة الإسلام قبل أي شئ آخر. هذه الأصوات لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال تحمل الروح المصرية بأي شكل من الأشكال إنما تحمل كل عنصرية وقبلية وحماقة بل ووقاحة.

 فتجد الآن كثيرون ينسون و يتناسون الحقيقة البسيطة أن السيسي و قيادات جيشه بالكامل، والشرطة بأغلبيتها و قياداتها كلها من المسلمين، ثم قضاة ووكلاء نيابة وأخيراً عدد لا يمكن إغفاله من الشعب هم من المسلمين ايضاً، فتجد هؤلاء ينسون و يتناسون كل هذه الحقائق البسيطة و يذهبون لإلقاء اللوم كله على عدد لا يتخطى نسبة 10% من جمهور الشعب المصري موزعين على أنحاء الجمهورية كلها في كل شارع و كل عمارة!

 لكي لا يؤخذ كلامي على سبيل الدفاع عن المسيحيين؛ ولكني اعتقد أن مثل هذه التصرفات والكلمات تعطي المبرر والتفسير لكل تصرفات المسيحيين وخوفهم و محاولاتهم للدفاع عن أنفسهم

و تجد هؤلاء و كأنهم أحبوا الانقلاب كالسيسي إذاعطاهم الفرصة أو التبرير لصب كل عنصريتهم وحقدهم و أمراضهم النفسية عند البعض منهم على الفئة التي لا يستطيعون أن يمنعوا أنفسهم من  إخراج كل الكراهية لها؛ وكأنهم فقط كالضباع التي تنتظر الفرصة لتنقض على الضحية مختبئين في ازياء مزورة من الابتسامات الكاذبة و الكلمات المنافقة.

 و لكي لا يؤخذ كلامي على سبيل الدفاع عن المسيحيين؛ ولكني اعتقد أن مثل هذه التصرفات، والكلمات تعطي المبرر والتفسير لكل تصرفات المسيحيين وخوفهم و محاولاتهم للدفاع عن أنفسهم من خلال اتخاذ تحالفات في منتهى الحماقة هم يعلمون مدى حماقتها.

فما الحل إذنً؟ الحل هو في الاصطفاف الشعبي أن يتوحد الجميع ضد الظالم أو الظالمين، وأن يدرك الجميع أن الكل في الهم سواء، و أن الفقر والجهل والمرض واختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، والتدهور الاقتصادي و فساد الاخلاق وفساد القانون ومشرعيه والغلاء والوباء وسيف الأعداء لم و لن يفرق بين أحد من أبناء هذا البلد. فاولويتنا ينبغي أن يراها الجميع و يتحرك نحوها؛ وإلا فإننا نتجه بأنفسنا للهلاك جميعاً.


مايكل سيدهم

ناشط ومدون مصري

 

تجدر الإشارة إلى أن كل ما ورد في المقال يعكس رأي الكاتب الخاص ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع  .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها