ماجدة العرامي تكتب: عيدك يا لاجئ.. يوم ككل الأيام

هنا انكشفت قبقبة اللعبة السياسية الأوروبية و مصالحها من ضم اللاجئين و أثبتت أن اللاجئ ليس إلا تذكرة عبور لحسابات و مصالح سياسية لا إنسانية. يتبع

 ماجدة العوامي – مدونة تونسية

من منا لا يعرف قصة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام عندما هم بالتضحية بابنه فداء لأمر الله سبحانه وفداء لنعمة الخلق و المحبة عنده ليحق بعد ذلك  على المسلمين عيد الاضحى و يحتفل به عامتهم بذبح الخرفان تقربا لله  .

العرب من المسلمين اليوم  خالفوا هذا العهد فأصبحوا يقدمون أبناءهم لتسيل دماؤهم فداء للظلم و الطغيان ففي الوقت الذي تسيل فيه دماء الأضاحي في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه احتفاء بيوم عيد الاضحى تسيل دماء فئات الشعوب المستضعفة  سواء التي تقبع داخل حدود الوطن الذي تمطر سماؤه براميل متفجرة تنسف ما تأتي عليه من منازل و سواء الفئة التي أرست خارج أسوار أوطانها وذهبت تتحسس الدفء و الاستقرار في شعاب الأرض لتتحصن بعيدا عن لهيب الحرب.

حال الفئة الاولى يبدو أقل سوءا من الثانية وأقصد هنا اللاجئين الذين سالت دماؤهم أيضا بفعل الأسلاك الشائكة التي كانت لهم بالمرصاد. المجر التي نصبت أسلاكا جارحة على طول  175 كيلومترا كذلك تركيز 3500جندي على طول الحدود مع صربيا زد على ذلك دعوتها ألمانيا و النمسا بصد الأبواب أمام كل لاجئ هذا كله تزامنا مع يوم العيد.

أن يقف أحد في هذه الحالة على المذنب  ليلومه ..فهل يحق له لوم المجر التي أساءت معاملة اللاجئين و الدول التي رفضت نظام المحاصصة و قرار المفوضية الأوروبية الذي يقضي بتوزيع 120 ألف لأجيء ام  أن اللوم يصح على  الخليج أولا الذي أوصد الباب في وجه لاجئين لا مطمع لديهم في أرضه  إلا الأمن  !!.

لن نلوم المجر طبعاً رغم انتقاد فرنسا لتصرف السلطات المجرية سنكتفي فقط بالصمت أمام كلمات وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوربية هارليم ديزير الذي قال “مع الأسلاك الشائكة و ضعت المجر نفسها خارج قيم الاتحاد الأوروبي التي تقوم على بناء جدران أو وضع أسلاك شائكة “.

هذا التصريح الذي يتحدث عن القيم أعقبه تصريح فرنسي ثان على لسان رئيس الحكومة إيمانيول فالس متحدثا عن الإنسانية ” يجب ان نثبت تضامننا و سخاءنا و انسانيتنا ”  تصريح جاء عقب قرار فرنسا بضم 30 ألف لاجئ و كأن فرنسا أرادت أن تظهر كزعيم للتسامح و الكرم في القارة العجوز خاصة بعد ما لاقته المستشارة الألمانية انجيلا ميركل من ضغوط على سياستها اللينة   في التعامل مع اللاجئين و التراجع عن قرارها الشهم.

إن القرارات الأوربية سواء التي اتخذت أو التي لم تتخذ إلى حد الآن لم تكشف الا عن لعبة سياسية اوروبية  تدور عقارب ساعتها فمن السذاجة التسليم و القول إن موافقة فرنسا على ضم 30الف لاجئ في ظل ما يعانونه من صعوبات وفتحها الباب لهذا العدد هو من شيم الكرامة و الإنسانية كما يزعم فالس.

و إن المفوضية الأوروبية عندما أقرت نظام الكوتا الاوروبية بتوزيع 120 الف لاجئ لم تكن تعلم حينها أنها ستكشف الغطاء عن لعبة سياسية لدول القارة العجوز.

فقد بدأ تزحزح النقاب في مرحلة أولى بعد عدول المانيا عن قرارها و من يفقه التحليل له آن يعود لسماع تصريح إيمانيول فالس لقناة فرنسا 2 و سوف يدرك أن القرار لم يأت إلا لمصلحة ما “30الف لاجئ و لا أكثر من ذلك ..لن ترحب أوروبا بكل الذين يفرون من النظام الاستبدادي في سوريا “.

تبرز سمة اللعبة أكثر وضوحا في اليونان بعد نشر تقارير أوروبية تحذر من صعود “أخطر قوة سياسية في اليونان”، والمقصد من هذا “حزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف ” الذي استهل السباق الانتخابي مؤخرا بحملة تختلف عن الحملات الانتخابية  العادية.

فتمهيداً لنجاحه و صعوده استغل حسب تقارير الحزب أزمة اللجوء و دعوات دول مثل سلوفاكيا المجر من تعاظم هذا المشكلة فقام بحملة تحريض لمنع تدفق المهاجرين و اللاجئين و طردهم جبرا وانتقد أوروبا بوصفها عاجزة على معالجة ملف اللاجئين.

و نجح حسب صحف بريطانية و إسبانية في تعزيز شموخه في اليونان ليظهر بمظهر الحزب النائي باقتصاده بلاده عن التدهور.

وهنا انكشفت قبقبة اللعبة السياسية الأوروبية و مصالحها من ضم اللاجئين و أثبتت أن اللاجئ ليس إلا تذكرة عبور لحسابات و مصالح سياسية لا إنسانية ..فلك الله يا لاجئ ..

 

ماجدة العرامي

صحفية تونسية

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها