لماذا يعشقون الحروب؟

إنهم يعشقون الحروب ! ولكنهم لا يجيدون القتال ويخسرون في أول معركة يخوضونها، إنهم يجيدون المكايدات ولا يتقنون القيادة وفن السياسة وألاعيبها وخبثها ومكرها إنهم يتكلمون فقط.

ما الذي يحدث بمنطقة الشرق الأوسط؟ ربما هو السؤال المحير والأكثر ترددا اليوم في وسائل الإعلام العالمية والعربية .

خروج سعد الحريري من محتجزه إلى باريس بعد صراع طويل وقصة مشوقة  لأول رئيس وزراء يقدم استقالته من دولة خارجية ويغيب عن الأنظار لفترة، فيتظاهر أبناء وطنه مطالبين بعودته، ويخرج رئيس بلاده عون طالبا العون الدولي لاستعادة رئيس وزرائه المخطوف الذي أصبح بين عشية وضحاها حديث العالم بأسره ولم تشفع له مقابلته وحديثه حتى وصل إلى الإليزيه.

ولا يزال احتجاز الحريري بالرياض من عدمه يمثل لغزا، وهل أجبر على الاستقالة أم لا؟  لينفي الحريري كل شيء ويتوعد بالتوضيح فور وصوله إلى بيروت وما إن خرج سعد محررا وبدأ الهدوء يعود شيئا فشيئا للمنطقة بعدما دقت طبول الحرب، حتى فاجأهم العرب باجتماع في القاهرة  لوزراء خارجيتنا  جاء شديد اللهجة  متهما حزب الله الشريك في حكومة لبنان  بزعزعة أمن المنطقة وتنفيذ مخططات ايرانية واستخدام أسلحة باليستية ضد العرب أو على الأصح ضد مطار الأمير خالد بالرياض وتلك قصة من ليلة مشهودة  شهدت فيها سعودية أحداثا لا تنسى، واصفا إياه وإياها بالإرهاب وربما وصف البيان حكومة لبنان كلها بالإرهاب عن قصد أو غير قصد … ليخرج عون غاضبا ورافضا ما جاء في البيان.

أما نصر الله زعيم حزب الله فبدا كمن يلقي خطاب النصر مع نبرة ساخرة وكلام طائفي قد يزيد المنطقة اشتعالا أكثر من اشتعال صنعاء وحريق دمشق وحرب العراق.

بدأ الجميع يضع يده على قلبه خوفا من حرب طائفية لا تبقي ولا تذر بين الرياض وطهران، ليفاجئهم وزير الخارجية القطري ووزير الدفاع من قبله بأن من الأشقاء من يسعى لتدمير المنطقة بأسرها في إشارة لنية البعض القيام بعمل عسكري  ضد الدوحة  قد يسرع من الحرب الطائفية التي يتمناها عشاق البترول والغاز والرز.

ولو اشتعلت لدفع الخليج وأوله من يزعمون القيادة والرئاسة ويمنحون أعداءهم المكاسب السياسية والهدايا التي لم يكن يتوقعون الحصول عليها، ثم يجمعون ويجتمعون يتحدثون عن نفوذ العدو المفترض في المنطقة ويخرجون بيانا أكثره الكلمات شديدة اللهجة بينما يتقدم العدو المفترض سياسيا وعسكريا ويحمي حلفاءه ويزيد من تحالفاته ولا يحاصر جيرانه ولا يكتفي بالحروب الإعلامية والمكايدات السياسية ولا تكون كل خطواته وبالا عليه بل يحسب حساب كل تحرك وخطوة  ولا يدعو لقمة يدفع فيها المليارات من أجل التخلص من أعدائه المفترضين ليختمها بإفشال مجلس التعاون الخليجي الذي كان صمام الأمان في وجه التوسع الإيراني .

إنهم يعشقون الحروب ! ولكنهم لا يجيدون القتال ويخسرون في أول معركة يخوضونها، إنهم يجيدون المكايدات ولا يتقنون القيادة وفن السياسة وألاعيبها وخبثها ومكرها إنهم يتكلمون فقط وفي الأخير لا يفعلون بل يفعل بهم.

إنهم لا يستأسدون إلا على أنفسهم ولا يجيدون من القطع إلا قطع أرحامهم ولا يكفون عن البكاء على العواصم التي تسقط في يد عدوهم واحدة تلو الأخرى ألا يعلمون أنهم سبب من أسباب الهزيمة؟

ما الذي يحدث بالشرق الأوسط  إنها طبول حرب تقرع لا تبقي ولا تذر شعاراتها كثيرة جدا وطرفاها مذنبان بحق أمتهما وضحاياها ملايين من شعوب عربية بين مشرد وجريح وقتيل  اللهم سلم، أما الرابح فمعروف مقره بتل أبيب ويعيش في بيت أبيض، مبدأه الأول “الغاية تبرر الوسيلة” وسياسته الحروب تجلب الغاز والبترودولار، والبترودولار يجلب الوظائف وتلك من علامات الدول الاقتصادية النامية، والاقتصاد أساس الحكم في العالم اليوم،  به يعيش الناس ومن أجله يقتلون أفلا تعلم الرياض وطهران أنهما وقود حرب بالوكالة ستدمر الجميع ؟ فلماذا يعشقون الحروب؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها