فلسفة السيد كونتي

لا شك في أن الظاهرة الأبرز في عالم كرة القدم هذا الموسم هي المدير الفني لفريق تشلسي الإنجليزي الإيطالي أنطونيو كونتي، الرجل الداهية الذي يقود الفريق اللندني بخطى ثابتة لإحراز اللقب

لا شك أن الظاهرة الأبرز في عالم كرة القدم هذا الموسم هي المدير الفني لفريق تشيلسي الإنجليزي الإيطالي أنطونيو كونتي، الرجل الداهية الذي يقود الفريق اللندني بخطى ثابتة نحو لقب البريميرليغ بعد موسم للنسيان مع البرتغالي جوزيه مورينيو رغم عدم اختلاف تشكيلة الفريق كثيراً عن ذي قبل.

 ليس غريباً  تألق هذا الرجل، فبصفتي متابع جيد للدوري الإيطالي أعرف جيداً قدرات هذا الرجل الذي صنع المجد مع يوفنتوس في 3 سنوات بعد مواسم للنسيان عاشت فيها جماهير البيانكونيرو كوابيس حقيقية.

إذا لنلقي نظرة على هذا الرجل ونتعمق أكثر في فكره التدريبي سنجد أنه عبقري بالفطرة ومختلف كثيراً عن أقرانه في إيطاليا، فكونتي من القلائل في إيطاليا الذين يحبون فرض أسلوبهم وسيطرتهم مع ضغط عالي في أغلب الأحيان على الخصم لمنعه تماماً من بناء اللعب.

إذا يبقى السؤال هل كونتي متحجر تكتيكيا؟

 يعتقد البعض أن كونتي من الصعب جداً تغيير أسلوبه وطريقة لعبه، لكن عندما نعود بالزمن قليلاً للوراء، وبالأخص مع بداية مشواره مع يوفنتوس موسم 2011-2012 سنجد أنه بدأ الموسم بطريقة  4-4-2 كلاسيكية بوجود ماركيزيو مع بيرلو في وسط الملعب وجناحين صريحين هما الصربي كرازيتش وسيموني بيبي، مع مهاجمين هما ديل بييرو وميركو فوزينيتش.

وعندما لم تنجح الخطة  بحث كونتي عن حل أخر مناسب للفريق فلعب بطريقة 4-3-3  ، وأعطى فرصة للتشيلي أرتورو فيدال بجانب بيرلو وماركيزيو وفي الهجوم كان بيبي مع فوزنيتش وماتري أو كوالياريلا.

كونتي استلم فريقا بعيدا كل البعد عن المنافسة بعدما أنهى موسمين في المركز السابع وبميركاتو جيد نوعاً ما ولاعبين واعدين أعاد الفريق للقمة مرة أخرى وكان أساس مشروعه هو النجم أندريا بيرلو الذي أعاده مرة أخرى للتألق بعدما استغنى عنه ميلان مجانا،ً بالإضافة لعودة بوفون لمستواه المعهود بعدما كان قريباً من الرحيل لروما وهنا تظهر قيمة كونتي في تجديد طموحات لاعبيه وزرع الروح فيهم مرة أخرى.

 نفس السيناريو تكرر مع البلوز هذا الموسم بوضع مشابه لوضع يوفنتوس في 2011 ومع بداية موسم الفريق لعب بطريقة 4-2-3-1  التي لم تؤت بثمارها فلجأ لخطة تناسب إمكانيات لاعبيه فلعب ب3-4-3 وهنا ظهر عمل كونتي فلم يستطع أحد منافسة تشيلسي الذي فاز في 13  مباراة متتالية مع تألق ملفت لدييجو كوستا الذي كان يريد الرحيل في ميركاتو الصيف الماضي ، بجانب عودة هازارد لمستواه المعهود والاكتشاف الرهيب لفيكتور موزيس وماركوس ألونسو وإعادة اكتشاف بيدرو من جديد، ليسير بخطى ثابتة نحو لقب غالي في ظروف صعبة.

 إذا كونتي متفوق جدا محليا وهذا يقودنا للسؤال الأهم وهو

هل كونتي ضعيف أوروبيا؟

 نسبة ليست بالقليلة من مشجعي يوفنتوس الإيطالي يقولون على كونتي أنه مدرب ضعيف في البطولات الأوروبية لكن عندما نشاهد مسيرته مع الفريق سنجد أنه في موسمه الأول وصل لدور الثمانية وخرج من البطل حينها بايرن ميونيخ الذي أهان برشلونة في قبل نهائي البطولة وعموماً يعتبر نجاح له في أول تجاربه الأوروبية على الإطلاق وفي موسمه الثاني خرج من دور المجموعات في مجموعة كانت تضم ريال مدريد، غالطة سراي وكوبنهاغن الدنماركي.

قد يرى البعض أن هذا تبريرا للدفاع عن كونتي لكن هو توضيح لظروف صعبة لعب فيها الفريق وحظ عاثر قابله في مسيرته يتعرض له الكثير من كبار مدربي العالم والعديد من الفرق الكبيرة.

يقارن الكثيرون بين كونتي وأليغري الذي وصل بنفس الفريق لنهائي دوري الأبطال في الموسم التالي 2014 -2015 ولكن الفريق تم إضافة عناصر جديدة له وكانت مهمة مثل باتريس إيفرا، روبيرتو بيريرا وألفارو موراتا وجميعهم كانوا فاعلين ، وأضافوا الكثير للفريق مع مدرب يعتبر أكثر خبرة وتجربة من كونتي أوروبيا، وليس من الدقة أن نقارن بينهما لاختلاف العناصر وخبرات اللاعبين عموماً حتى ولو كانت قليلة مثلما ذكرت ولكنها كانت مؤثرة جداً.

 أيضا لا ننسى مشاركة كونتي مع إيطاليا في بطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة وكرة القدم الممتازة التي قدمها الطليان أمام فرق كانت مرشحة للقب مثل بلجيكا وإسبانيا مع غياب خط وسط الفريق الأساسي بيرلو، ماركيزيو، فيراتي ومونتوليفو بل وصل الحظ السيئ  لإصابة دي روسي وإيقاف بديله تياجو موتا أمام ألمانيا بجانب إصابة الجناح أنتونيو كاندريفا ورغم ذلك تعادل مع الألمان وخرج بركلات الترجيح مع إشادة بكونتي من جميع المختصين.

كونتي هو حالة اسثنائية في عالم كرة القدم ومدرب يملك الروح الانتصارية العظيمة والحماس اللازم لجعل لاعبيه دائماً في القمة بجانب حنكته التكتيكية ، وسعيه الدائم للتطوير والبحث عن أفضل الطرق التي تؤهله للمكسب والوجود في الصدارة وقبل كل ذلك شخصيته القيادية وهي الأساس الأول لأي مدرب يريد النجاح مع الفرق الكبرى.

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها