فرانشيسكو توتي: الملك الذي عشقه شعبه

يبدو وأن فرانشيسكو توتي قد مل من تواجده وحيدًا بعد أن تركه أساطير جيله الذين جاورهم لسنوات طويلة فقرر أخيرًا الانضمام إليهم معلناً اعتزاله واضعًا حدًا لمسيرة طويلة امتدت لـ 24 عاماً من العطاء تاركًا لنا مجرد ذكريات ستوضع جنبًا إلى جنب مع ذكريات زملاؤه السابقين .

توتي والذي منذ أن وطأت قدماه أرضية ملعب ماريو ريغامونتي معقل فريق بريشيا في عام 1993 وشعر الجميع حينها بأن هذا الذئب الصغير سيكون له شأنٍ كبيرٍ في مستقبل فريق العاصمة ولم ينتظر هذا الفتى كثيرًا حتى يثبت لهم ذلك فما هي إلا سنوات قليلة وأصبح حديث الإيطاليين أجمع وأستمر في ذلك حتى وصل لأن يعلن عن نفسه ملكًا متوجًا في تاريخ عاصمة الكاليتشو .

ولأن الذهب لا يصدأ مع مرور السنين فإن التقدم في العمر لم يمنع فرانشيسكو من التواجد بقائمة فريقه حتى سن الأربعين فهو لا يزال يمتلك نفس الشغف للعب معهم مثل لحظته الأولى هناك ولم يكن ليتخيل أن يأتي ذلك اليوم الذي لا مفر منه والذي سيتوقف فيه عن الدخول لملعب الألومبيكو معقل فريق روما مرتدياً زي فريقه وواضعه شارة قيادته على ذراعه .

لماذا توتي ؟

مكانة توتي وشعبيته التي اكتسبها طوال هذه الأعوام لم تأت فقط من شخصيته القيادية أو موهبته الكبيرة التي يمتلكها ولكنك عندما تنظر لمسيرته الممتدة فستجد أنه يرادفها أرقامًا كبيرة فأغلب الأرقام القياسية في تاريخ فريق العاصمة ستجدها مسجلة باسم توتي فهو أكثر من مثل الفريق في عدد المباريات بواقع 782 مباراة قابلة للزيادة وأكثر لاعبا تسجيلًا للأهداف في تاريخ النادي بـ307 هدفًا والثاني في تاريخ الكالتشيو كذلك كما أنه اللاعب الوحيد في تاريخ النادي الذي حصل على جائزة الحذاء الذهبي ويمتلك توتي رقمًا خاصًا به كأكبر اللاعبين تسجيلًا في مسابقة دوري أبطال أوربا .

إذا أردت أن تضع تشكيلة تاريخية تضم أفضل العناصر التي لم ترتدي في مسيرتها الاحترافية إلا قميصًا واحدًا فبالطبع سيكون عليك أن تضع توتي على رأس تلك التشكيلة فهو قد يتشارك مع عظماء آخرين أمثال “خافيير زانيتي أو باولو مالديني أو كارلوس بييول” في نفس الأمر ولكن واجب علينا أن نضع في الاعتبار أن فرانشيسكو لعب لفريق ليس من القمة في بلده كما إنه نه لم يحرز طوال مسيرته الاحترافية رفقة الجيلاروسي سوى خمسة ألقاب والتي يمكن إحرازها خلال موسم واحد في أندية أخرى ومع كل الشعبية والأرقام التي حققها توتي إلا أنه رفض كل العروض التي جاءته من أجل اللعب لعمالقة القارة وضحى بها من أجل بيته  وفريقه الذئاب.

الملك لا ينسى جماهيره

لأن العلاقة بين الرومانيستا وتوتي لا تجد شيء يعبر عنها، فكما أنهم قد أعطوه كل ما لديهم من الهتاف الدائم باسمه أو رفع الأعلام التي تحمل صورته بل ورسمها على أجسامهم فما كان منه إلا أنه يقدم لهم مقابل هذا العطاء بالاحتفال معهم في السراء والوقوف معهم في الضراء .

وكثيرة هي اللقطات التي لا تنسى بينهما ولكن لا يوجد للتعبير عن العلاقة بينهما أفضل من هاتين اللقطتين واللتين جاءتا في ختام مشواره الأولى عندما أحراز هدفين في أهم مباراة يخوضها الفريق كل موسم أمام الغريم لاتسيو بالديربي وقام باحتفاله الجديد بالتقاط صورة “سيلفي” مع جماهيره ليخلد معها تلك اللحظة وهي التي بالفعل تستحق هذا الاحتفال .

والثانية عندما قام بعمل لفتة طيبة بارتدائه لقميص في إحدى المباريات يحمل صورة أحد مشجعي الفريق وابنه واللذان توفيا في حادث مروري ليبرهن توتي بأن جماهير فريقه كانت محقة عندما نصبته ملكًا متوجًا في تاريخ الفريق .  

ولأن توتي لاعبًا استثنائيًا فبالتالي هو يستحق أن يعامل بشكل استثنائي فكل هذا التقدير والاحترام الذي يلقاه ليس مقتصرًا فقط على جماهير روما أو إيطاليا فقط بل في العالم أجمع.

فهل ترى كل تلك البروتوكلات الرسمية التي تحدث عند استقبال أحد الرؤساء أو الأمراء في بلد ما فالأمر ليس متوقفا عليهم فقط فالمك توتي أينما حل يتم استقباله كاستقبال الملوك فاحترام تاريخ ملك روما يجبرك مهما كان انتماؤك على أن تقف له مصفقًا عندما تراه وهو ما فعلته جماهير الميلان في المباراة الأخيرة بينهما عندما أرادت أن تكرمه عند نزوله فقامت بالتصفيق الحار ورفعت لافتة بعنوان “المدرج الجنوبي يقدر المنافس فرانشيسكو توتي” وكما فعلت جماهير ريال مدريد في ملعب سنتياغو برنابيو العام الماضي هذا بالإضافة إلى الحفاوة التي قابله بها النادي واللاعبين .

قالوا عن الأسطورة

دييغو مارادونا “توتي هو اللاعب رقم واحد في العالم” .

ميشيل بلاتيني “توتي هو فنان كرة القدم” .

جياني رفييرا ” توتي أفضل من باجيو وديل بيرو، وحتى أفضل مني” .

جوفاني تراباتوني “كل لاعب لديه بعض العبقرية، لكن هناك فان غوخ واحد وليس هناك أحد مثل توتي”. 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها