فرانشيسكو توتي .. أخر الملوك الرومان

أخيرا .. ملك روما يعلق حذاءه ! إذا اعتزل فرانشيسكو توتي بعد أن سطر كل السطور الممكنة من النجاح المطلق وخلد اسما ذهبيا سيظل محفورا في التاريخ .. ربع قرن كان كافيا جدا ليعلن أن توتي لاعبا تاريخيا ، ولكن غير كاف لنا ولي شخصيا لأنني أريد أن أري توتي داخل المستطيل الأخضر إلي الأبد، ولكنها الحياة .. فلابد من نهاية. 

 لا مجال للرسميات هنا .. سأناديه فرانشيسكو وليس توتي لأنه ليس مجرد نجم ولاعب كرة بالنسبة لي؛ بل هو ذلك الشخص الذي عاصرته طوال مراحل حياته ، منذ أن كان شابا يافعا يكاد ينفجر طموحا إلى أن توج نفسه ملكا لمملكة روما ولكن بدون تاج .. هو لا يحتاجه في شيء !

 كلمة التاج هنا في نظر الكثيرين يٌقصد بها البطولات .. بعيدا عن أن فرانشيسكو بطلا لكأس العالم ٢٠٠٦ مع إيطاليا بل وكان من النجوم المؤثرين لهذا الجيل، وكان قاب قوسين أو أدني من الفوز بـ(يورو ٢٠٠٠) لولا لعنة ويلتورد وتريزيجيه ! .. إلا أن اختيار فرانشيسكو للبقاء في عشقه الأزلي روما كان بمثابه اختيار يقول: ” فليذهب الرصيد الجماعي إلى الجحيم أمام العشق .. روما ! “

 التاج الحقيقي هنا هو كلمه ” الانتماء ” .. فرانشيسكو منذ أن كان صغيرا حتي اعتزاله وهو رومانيسيا، طوال فترة عشريناته وهي فترة توهجه تلقي فرانشيسكو عروضا من مختلف الأندية ، من كبيري إسبانيا الريال وبرشلونة وعمالقة إيطاليا يوفنتوس وميلان والتوب فور في إنجلترا ، ولكن اختياره كان واضحا للجميع: ” سأدفن في قبري وعلم روما يزينه ! “

 طوال الـ٢٥ عاما الماضية  تغير العالم كثيرا وبقي توتي ثابتا لم يتغير ، توتي ظهر قبل حتي ظهور أجهزة المحمول و اللابتوب و والتليفزيون الLCD وعندما عين بيل كلينتون رئيسا لأمريكا .. منذ ذلك الزمان يتغير العالم و ظل فرانشيسكو نجما ملكا في روما ولا يحتاج لغير ذلك.

 لست في حاجه للحديث عن فرانشيسكو كلاعب وتقيمه فنيا ، لن أتكلم عن ٧٣٩ مباراة مع روما أو ٣٥١ هدفا ولا ١٦٦ صانع للهدف .. الكلام عن قيمة فرانشيسكو الفنية ستكون بمثابه مضيعة للوقت .. توتي كان لاعبا عظيما بكل ما تحمله الكلمة من معني.

أخيرا .. ” هي أشياء لا تباع ولا تشتري ”  تلك المقولة التي طالما ترددت على مسامعنا ولكننا لم نتأملها جيدا ، فأمثال فرانشيسكو توتي هم من يدونون ويفرضون جميع معانيها من إخلاص و انتماء وكاريزما و قوة شخصية وجودة فنية ، توتي كان المثال الناجح المطلق لها ولكن اليوم تنتهي قصة فرانشيسكو توتي مع كرة القدم ولكن سنظل نكتبها للأبد .. وداعا “ملك روما”.

  

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها