عقبات وانسحابات تهدد فنكوش مصر

يتباهى الإعلام المصري بمشروع المليون ونصف المليون فدان كأحد أبرز المشروعات القومية التي وعد السيسي بتنفيذها خلال العام الأول من حكمه، إلا أن المشروع بات مهددًا بالفشل، بعد أن قرّر عدد من  الفائزين في الطرح الأول الانسحاب من المشروع، خلال الفترة الأخيرة، والتنازل عن الأراضي التي حصلوا عليها في منطقة المُغرة جنوب مدينة العلمين في محافظة مطروح، نتيجة تفاقم المشاكل المالية والفنية التي تواجههم.

وحسب مستثمرين بالمشروع لـ صحيفة “العربي الجديد”، تتمثل أبرز المشاكل التي تواجه المشروع، في غياب البنية التحتية بالمنطقة من طرق وكهرباء ومياه شرب، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة بتلك الأراضي.

وقال مفوض عن مجموعة تضم 10 من الفائزين في الطرح الأول لمشروع استصلاح 1.5 مليون فدان في منطقة المُغرة، إن مجموعته تعثرت ولم تستطع استصلاح قطعة الأرض التي حصلوا عليها، وإن مجموعته عجزت عن سداد الأقساط المستحقة عليها بسبب المشاكل التي تعوق استزراع تلك الأراضي، وفي مقدمتها غياب الخدمات والبنية الأساسية المتمثلة في مياه الشرب، والطرق المجهزة والكهرباء وبالتالي لا يمكن الاستثمار في ظل تلك الأوضاع المتردية، مشيراً إلى أن استصلاح تلك الأراضي يتطلب شراء معدات متطورة باهظة الثمن وهو الأمر الذي يفوق القدرة المالية لصغار المستثمرين، في ظل غياب الدعم الحكومي، موضحًا أنه حال تعثر بعض أفراد المجموعة الحاصلة على قطعة أرض فإن شركة تنمية الريف المصري الخاصة المشرفة على المشروع ترفض إدخال مستثمرين بدلاء ما يضطرالمجموعة إلى الانسحاب من المشروع.

وقال مستثمر آخر”إن الطرق غير ممهدة وبالتالي يصعب نقل المعدات والآلات إلى الأرض، كما نعاني من نقص الوقود اللازم لتشغيل المعدات”، مشيرا إلى غياب الدعم الحكومي للمزارعين والمتمثل في الإرشاد الزراعي وتوفير التقاوي والمبيدات والأسمدة.

وفي شهر أبريل/ نيسان الماضي تراجعت الحكومة عن توصيل البنية التحتية لأراضي المشروع التي سيتم تخصيصها للمستثمرين، وفقا لما أكده رئيس شركة الريف المصري ، الذي أشار إلى أن الحكومة “لن تضع مسمارا واحدا في أراضي الشركات“.

وقال مستثمرآخر إنه فوجئ بعدم وجود أي دراسات جدوى اقتصادية خاصة بالمشروع، مؤكدا أن الشركة المشرفة على المشروع ليست لديها دراسة توضح تكلفة زراعة الفدان من عمالة وحرث وتخطيط وتسميد ومبيدات، وبالتالي فإن الاستثمار في هذا المشروع “مغامرة ” لأن المكسب أو الخسارة المحتملة غير معروفة.

وأوضح أن الأراض تحتوي على نسبة ملوحة مرتفعة وبالتالي تحتاج إلى أجهزة حديثة لتنقيتها، يصل سعر الجهاز الواحد إلى أكثر من 40 ألف جنيه، ولا بد من زراعة محاصيل محددة قادرة على تحمل الملوحة.

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعطى في الخامس من مايو/ آيار 2016 إشارة البدء في مشروع المليون ونصف مليون فدان خلال افتتاحه موسم حصاد القمح في الفرافرة، وكشف تقرير لوزارتي الزراعة والري، أن إجمالي مساحات المرحلة الأولى 500 ألف فدان في 9 مناطق، وتضم المرحلة الثانية من المشروع 9 مناطق تروى بالمياه الجوفية بمساحات 490 ألف فدان،وتضم المرحلة الثالثة والأخيرة للمشروع مساحات 510 آلاف فدان، في 5 مناطق تروى بالمياه الجوفية.

وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في يونيو/حزيران الماضي النشرة السنوية لاستصلاح الأراضي لعام 2015-2016، جاء فيها أن مساحة الأراضي المستصلحة عام 2015 -2016 بلغت 38.5 ألف فدان، في حين بلغت مساحة الأراضي المستصلحة عام 2014-2015 عدد 14.5 ألف فدان، مقابل 22.6 ألف فدان في العام السابق 2013-2014.

وعلى هذا يكون إجمالي الأراضي المستصلحة خلال الأعوام الثلاثة التالية للانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب عدد 75.6 ألف فدان، بمتوسط 25.2 ألف فدان سنويا، تم تنفيذها من خلال قطاع استصلاح الأراضي الحكومي، وشركات القطاع الخاص، والجمعيات التعاونية.

وتساءل كثيرون كيف سيتسنى للحكومة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة إنجاز المشروع في عام واحد، مع تدني معدلات الاستصلاح خلال السنوات الثلاث الماضية؟

وجاءت الإجابة على لسان الأهالي الذين اتهموا النظام المصري بالسعي لإنجاز المشروع على حساب ضم أراضيهم المزروعة منذ سنوات إلى المشروع، بعد توجيه من السيسي لرئيس الهيئة الهندسية، اللواء كامل الوزير، بإزالة التعديات على نحو ثلاثمائة ألف فدان، اعتبرها ضمن أراضي المشروع، ما يعني عدم استصلاح أراض جديدة، والاستيلاء على مجهودات المواطنين، ونسبه إلى ما تدعيه الماكينة الإعلامية بـ”إنجازات السيسي” وهو ما أثبتته لجنة برلمانية في زيارة ميدانية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها