صفعة القرن

تريد إسرائيل اليوم توجيه صفعة القرن الحادي والعشرين للعرب والمسلمين، عن طريق تسوية القضية الفلسطينية والاعتراف بها كدولة ذات سيادة عاصمتها القدس، كما وعدهم الرئيس الأمريكي المجدد.

على منبر الجمعية العامة للأمم غير المتحدة إلا على الشعوب باستثناء الشعب الإسرائيلي طبعا، وقف الزعيمان العربيان محمود عباس والرئيس المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي  يبشران الأمة الإسلامية بعهد جديد من العلاقات العربية مع الكيان الغاصب. عهد أساسه السلام ومبدأه المودة والتعايش ونهايته صفقة يقودها ترمب ويتولى السيسي وعباس الدور الإعلامي فيما تتكفل الدولة العربية السخية جدا وصاحبة السعادة الإمارات تمويل الصفقة،  وأما المملكة صاحبة القيادة مع ترمب -سدد الله خطاه على رأي السديس!- فتتولى المباركة وتهيئة الأجواء لإتمام صفقة القرن مع إسرائيل.

تريد إسرائيل اليوم توجيه صفعة القرن الحادي والعشرين للعرب والمسلمين، عن طريق تسوية القضية الفلسطينية والاعتراف بها كدولة ذات سيادة عاصمتها القدس، كما وعدهم الرئيس الأمريكي المجدد دونالد ترمب ذات يوم في حملته الانتخابية، وقد تأجل أمر الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل إلى حين.
وحتى ينفذ القوم ما أجمعوا عليه أمرهم فيما أطلق عليه تسمية صفقة القرن التي تبناها ترمب ونفذها أبناء زايد والسيسي، وبقيت إسرائيل تنتظر الطبخة لتستوي على نهار هادئة.
الأمور بدت واضحة للجميع، واللعب أصبح على المكشوف منذ لقاء السيسي بترمب وقمة الرياض، وما تلاها من حصار لقطر، ومطالبة القوم إياها برأس المقاومة الفلسطينية حماس، ثم أكبر خيانة في تاريخ مصر الحديث، حين وافق برلمان العسكر في مصر على التنازل عن جزر مصرية للسعودية، والحقيقة أنها تيران ذاهبة لإسرائيل وصنافير أيضا، وربما بعدها سيناء، فالحكومة المصرية نفسها شككت في مصريتها، وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فلا تلومن الأطفال على الرقص، إذا كان الرئيس المصري نفسه وحكومته يشككان في مصرية سيناء؛ فاحذري يا أرض الكنانة فالدور القادم سيكون عليها، وأبشري بطول سلامة يا إسرائيل، فنحن نعيش عصر الخيانات والتنازل عن الأراضي.
بالأمس كان العرب يسرون بعلاقاتهم بالكيان المغتصب حفظا لماء وجوههم، وللمظهر العام أما شعوبهم، واليوم أصبح التطبيع جهارا نهارا، بل وأصبحت إسرائيل حليفا في مكافحة الإرهاب تهدي لها الأراضي وتنفذ من أجلها الخطط، وتحارب مقاومتها وتحاصر من أجل عيونها الدول الشقيقة، وتعقد لها القمم والمؤتمرات تحت مسمى صفقة القرن، لكي يعترف بها كدولة ذات سيادة ويمحى جرمها من التاريخ.

الأمور كلها اليوم تسير في صالح الكيان المغتصب، وإسرائيل في أقوى حالتها، فقد بدأت في تنفيذ مشروعها الأزلي وستحفر قناة تشبه السويس التي فشلت في احتلالها مرات حين كان قادتنا شرفاء، فأي ذنب ذلك الذي يقترفه حلفاء إسرائيل في حق الأمة اليوم؟ ماذا لو كانت صفقة القرن لهدم الكيان المغتصب وإحياء حلم العودة واسترداد حق الشعب الفلسطيني وقدسنا؟ بدلا من صفقة إسرائيلية، أو على الأصح صفعة أخرى من الصفعات التي وجهت لأمتنا منذ وعد بلفور حين أعطى من لا يملك لمن لا يستحق.

التاريخ لن يرحم أحدا من المساءلة وسيسطر في صفحاته السوداء أن ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه بقوة السلاح حققته بالحيلة والصفقات، وما فشلت فيه في حروبها العسكرية مع العرب؛ أهدي لها البعض على طبق من ذهب، لم تحرك سوى سياستها التي تلعب بها كما تلعب بالعرب اليوم، وهم في حروبهم يعمهون وفي نزاعاتهم مغيبون، همهم الأول ألا يتفوق أحدهم على الآخر، وألا يصبح لدول كانوا يرونها صغيرة في أعينهم شأن كبير.
يحاصر العرب بعضهم ويصنفون بعضهم بالإرهاب، بينما تسير إسرائيل في الاتجاه الصحيح لتحقق حلم كيانها ودولتها التي قامت على أنقاض العرب وعلى جثث شعوبهم، وبسب أخطاء لن يغفرها التاريخ لهم.

يتساءل سائل من عامتهم، ألم تكن الأموال التي تنفقها بعض الدول العربية لمحاصرة وتدمير أشقاء عرب، ألم تكن كفيلة بأن تقوض عرش إسرائيل وتحول أحلامها إلى سراب؟ ماذا لو كانت صفقة القرن لهدم الكيان المغتصب وإحياء حلم العودة الفلسطيني واسترداد حق الشعب الفلسطيني وقدسنا الشريف؟ بدلا من صفقة إسرائيلية، أو على الأصح صفعة أخرى من الصفعات التي وجهت لأمتنا منذ وعد بلفور حين أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وزرع هذا السرطان في جسد الأمة ونجح السرطان في الانتشار ليصبح أقوى وأقوى. فإلى متى ستظل إسرائيل تنتصر علينا؟ وهذه المرة دون حروب بل بأيدينا وبصفقاتنا وأموالنا، إسرائيل ماضية في طريقها ونحن أضللنا الطريق يا عرب، فهل من عودة، ولا نريده كحق العودة الذي لم يتحقق بعد، اللهم سلم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها