سلوى أكسوى تكتب :الجنسية التركية بين الرفض والقبول

المواطن السوري من حقه أن يكون مثل أي مواطن مغترب على الأرض التركية، في حال تمكن من العمل والإقامة لمدة خمسة سنوات متصلة في تركيا فمن حقه أن يحصل على الجنسية التركية؟ يتبع

كثر الحديث مؤخراً عن توجه الحكومة التركية منح الجنسية التركية للاجئين السوريين على أراضيها؛ إلا أن هذا التوجه جعل حزب العدالة ( الحزب الحاكم ) في مرمى نيران المعارضة وبالأخص حزب الشعب الجمهوري. فهذه الخطوة إن تمت ستساهم بشكل قوي في إضعاف الحزب بين المواطنين الأتراك, فما الذي يراهن عليه العدالة والتنمية في اتخاذ هذه الخطوة إن تمت؟ ولماذا الآن؟ 

حقيقة الكلام عن منح الجنسية التركية للسوريين ليس جديداً, بل بدأ في تركيا مع دخول أول مجموعة مؤلفة من 252 لاجئا سوريًا إلى الأراضي التركية في 29 أبريل/نيسان عام 2011. أى أن هناك لاجئين سوريين في تركيا منذ خمسة سنوات حتى الآن مما يضع تركيا في موقف يصعب تبريره أمام المجتمع الدولي بعدم إعطائهم الجنسية حتى الآن, خاصة بعد موجات الهجرة إلى أوربا بحثاً عن الاستقرار والجنسية التي لم يحصل عليها اللاجئون الآن في تركيا.

ويحمل عام 2019 ثلاث استحقاقات انتخابية مهمة في تركيا, البرلمانية والبلديات والإاتخابات الرئاسية, ومن الطبيعي جداً أن يحصل حزب العدالة والتنمية على أصوات تقدر بمئات الآلاف وحتى الملايين ـ فى حالة التجنيس, لضمان استمراره في الحكم وتحقيق رؤيته في النمو الاقتصادي حتى عام 2023 والتي خطى منها خطوات واسعة يشهد لها الجميع.

لم تفوت المعارضة هذه الفرصة فعلى الرغم من عدم وجود تصريح رسمي بخصوص منح الجنسية للسوريين

لم تفوت المعارضة هذه الفرصة فعلى الرغم من عدم وجود تصريح رسمي بخصوص منح الجنسية للسوريين, نرى المعارضة التركية تستغل كل الفرص للتهديد والتحذير من أي خطوة في هذا الاتجاه من طرف الحزب الحاكم, لما قد يعنيه ذلك من ضمان خسارتهم مجدداً في الانتخابات المقبلة وهذا لم يأت مفاجئاً خصوصاً أنهم كانوا من معارضي سياسة الباب المفتوح مع اللاجئين السوريين, وهذا ما لن ينساه السوري, فحزب الشعب الجمهوري الذي يستند على قاعدة علمانية كمالية واسعة لم ولن يقبل بالمزيد من العرب على أراضيه إرضاء لقاعدته الانتخابية حيث تتصادم الثقافة العربية ـ خاصة للمهاجرين العرب في تركياـ مع قناعات قواعده العلمانية .

ولكن بعيداً عن التجاذبات والخطط السياسية هل يمكن فعلاً إعطاء الجنسية للسوريين في تركيا؟ من الناحية القانونية, (المادة رقم 5901  من قانون منح الجنسية) تعطي الحق للمقيم في تركيا لمدة خمسة سنوات دون انقطاع بالتقدم لطلب الجنسية التركية, ويمكن لكل من توافر فيه هذا الشرط الحصول على الجنسية التركية بعد موافقة مجلس الوزراء التركي. لكن على المتقدم لطلب الجنسية إظهار نية المكوث في تركيا وإتقان اللغة التركية, وهذه النقطة ليست عائقاً حيث إن الآلاف من السوريين الآن يعملون ويدرسون في تركيا، والكثير منهم تمكن من شراء المنازل, ومعظمهم أصبحوا يتكلمون التركية بشكل جيد جداً.

المادة ذاتها تقر بمنح الجنسية التركية لكل طفل يولد في تركيا لوالدين من جنسيات غير تركية, بشرط عدم حصول الطفل على أي جنسية. وهذا يعني حصول قرابة 152 ألف طفل سوري ولد في تركيا خلال السنوات الخمس الماضية على الجنسية التركية.

صدر قانون جديد يقضي بالسماح للسوريين بالحصول على رخصة عمل, وهذا تطور مهم, فأي سوري يعمل في تركيا ويحصل على إذن العمل يعني أنه لم يعد يحمل صفة لاجئ                                              

كما يعني أيضاً حصول أي طفل يولد في تركيا من الآن فصاعداً على الجنسية في حال عدم قدرة والديه على تسجيله في سوريا بسبب استمرار الحرب هناك. كما تنص المادة على اعتبار أي طفل موجود في تركيا “مواطناً تركياً” في حال لم يتوفر أي شهادة ميلاد تثبت ولادته في أي بلد آخر, وما أكثر الأطفال السوريين الذين لا يملكون أية أوراق ثبوتية ومنها شهادات الميلاد.

إلى جانب كل ذلك صدر قانون جديد يقضي بالسماح للسوريين بالحصول على رخصة عمل, وهذا تطور مهم, فأي سوري يعمل في تركيا ويحصل على إذن العمل يعني أنه لم يعد يحمل صفة لاجئ, وهذا يؤهله للحصول على الجنسية التركية. كما أنه إجراء يهدف إلى تنظيم أمور السوريين قانونياً والحد من استغلالهم في سوق العمل, ويساعدهم على بناء حياة جديدة قادرين فيها على العيش الكريم وإشعارهم بقدر أكبر من الأمان مما يقلل من فرص الهجرة إلى أوربا التى تعرض حياتهم للخطر فضلاً عن الرفض الأوروبي الدائم لهم.     

نهاية المواطن السوري من حقه أن يكون مثل أي مواطن مغترب على الأرض التركية. في حال تمكن من العمل والإقامة لمدة خمسة سنوات متصلة في تركيا فمن حقه أن يحصل على الجنسية التركية؟ ولما لا؟ فإذا أحتضنته تركيا هارباً, ألا تحتضنه منتجاً ونافعا؟!

 سلوي كتاو أكسوى

كاتبة سورية

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها