زيدان القاتل الهادىء

“شخص من كوكب أخر، حين كان يدخل أرض الملعب فإن أداء اللاعبين العشرة الآخرين فجأة يتحسن هكذا هو زيدان ببساطة عندما كان لاعبا”.  

“شخص من كوكب أخر، حين كان يدخل أرض الملعب فإن أداء العشر لاعبين الآخرين فجأة يتحسن هكذا هو زيدان ببساطة عندما كان لاعبا“.   

الكثير من الأساطير تحدثوا عن زين الدين زيدان وما قدمه في مسيرته ولكن استعارة جملة إبراهيموفيتش ربما هي الأوقع لما أريد الحديث عنه اليوم .

 زيدان الذي صنع مجدا كبيرا لفرنسا وريال مدريد أوربيا وعالميا كلاعب حتى أصبح واحدا من أفضل اللاعبين في التاريخ ، ولكن غالبا ما أعتدنا أن نرى اللاعبين الأساطير غير ناجحين في مسيرتهم كمدربين عدا قلة كسروا هذه القاعدة؛ زيدان كان واحدا منهم .

 تسلُّم مهمة تدريب النادي الأكثر نجاحا في العالم “ريال مدريد” في أولى التجارب التدريبية أمرا ليس سهلا على الإطلاق خاصة عندما تكون الأمور ليست في أفضل أوضاعها بل أسوأها، رباعية في البرنابيو من الغريم التقليدي “برشلونة”، ورحيل بينتيز والدوري الإسباني أصبح حلما بعيد المنال والمشاكل بين اللاعبين في غرف الملابس هي عنوان الصحف الإسبانية كل يوم.

 ليس سهلا بعد ذلك أن تنهي الدوري متأخرا عن برشلونة بفارق نقطة ثم تفوز بالبطولة الأهم “دوري أبطال أوربا” بالتأكيد كل هذا لم يأت بين ليلة وضحاها؛ ولكن بصمة زيدان كانت  علامة السحر وكلمة السر في ذلك.

دعنا نترك ذلك ونتحدث عما قدمه زيدان لريال مدريد هذا الموسم، فصبغة زيدان بدأت تتضح على الفريق بشكل واضح، فريق متجانس بشكل واضح يلعب بهدوء كبير مهما كانت النتيجة، كل لاعب يملك الثقة في قدرتهم على الفوز مهما كانت الظروف، يقدم مباريات كبيرة أمام الفرق الكبرى .. كل هذه أمور استنسخها زيدان من شخصيته الهادئة التي لا تعرف الخوف ولا اليأس أبدا ليحولها إلى شخصية فريقه منذ يومه الأول حتى الآن.

استراتيجية زيدان بدت واضحة هذا الموسم في تركيزه الأكبر على استعادة لقب الدوري الإسباني الغائب عن خزينة الريال، ولكن ذلك لا يعني بالنسبة له ترك بطولة دوري أبطال أوربا فاعتمد على سياسة التدوير بشكل دائم بين لاعبيه خاصة في الخط الأمامي بين الثلاثي   (بينزيما – بيل – رونالدو ) إصابة بيل ساعدته في عدم اكتمال مثلث الخط فأعطى الفرصة لفاسكيز وخاميس وإيسكو وإسيناسيو من جهة أخرى ليكونوا في الملعب بشكل مستمر.

هذه السياسة كانت تهدف لعدم استنزاف قوة رونالدو في جميع المباريات كما كان يحدث في الماضي، زيدان كان أول المدربين قدرة على إقناع رونالدو بضرورة جلوسه على دكة البدلاء تارة والخروج من قوائم المباريات تارة أخرى من أجل أن يكون حاضرا في اللحظات الحاسمة كمباراة بايرن ميونيخ أمس الأول.

 التدوير كان هدفه تجهيز الجميع ليكونوا حاضرين في الوقت المطلوب دوما وهو ما جعل الجميع يشعر بالثقة والقدرة على المشاركة المستمدة من مدربهم عكس ما يقدمه أنريكي مع دكة برشلونة التي ربما تعطي فرصة للمشاركة ولكن دون ثقة تذكر من مدربهم، رغم حاجة الفريق للتدعيم دفاعيا ،ولكن المنع من الانتقالات بعقوبة من الفيفا ساهم في اعتماد زيدان على استراتيجية جديدة وهي التنوع بين [٤-٣-٣] و[٤-٢-٣-١] و [٤-٤-٢] حسب ظروف كل مباراة والأهم أن اللاعبين قادرون على تنفيذ كل ذلك ببراعة. 

تكتيك واضح اعتمد على قوة الفريق في الكرات العرضية طالما امتلكت جميع مقومات استغلال هذا السلاح، فتح الملعب إلى آخره بتمركز الظهيرين كاربخال ومارسيلو عند نهاية الخط مع دخول مستمر للثلاثي بيل ورونالدو وبنزيما إلى داخل المنطقة ولكن بتعليمات لبنزيما وبيل أن يساندا الظهيرين بشكل مستمر على الأطراف، أيضا امتلاك لاعبين ككروس ومودريتش في المنتصف فتح الطريق أمام سهولة نقل اللعب بشكل مستمر وأسرع بين الجبهات هذا سلاح لم يخذل زيدان في أي مباراة حتى تلك التي خرج فيها أمام سلتافيغو في الكأس سجل راموس هدف بالرأس يومها من كرة عرضية.

ربما كل هذه المقومات تمتلكها أغلب الفرق الكبرى في أوربا ، ولكن ما الأمر الذي يصنع الفارق لزيدان مع ريال مدريد بهذا القدر الكبير من النجاح؟

 جودة المجموعة التي يمتلكها من اللاعبين سبب في ذلك ولكن شخصية زيدان الطاغية والكبيرة تصنع له القدرة على أن يدير هذه المجموعة بحكمة وهدوء كبير فنجده صبغ الفريق بشخصيته الهادئة لدرجة الاستفزاز بعض الشيء الذي يجعل المنافس في حالة ارتباك دوما حتى وإن كان متقدما على الريال، هدوء زيدان الذي يحسد عليه يجعله قادرا على اتخاذ القرار الأمثل والأفضل لفريقه في أصعب الأوقات، هدوء لا يجعل لاعبيه يكررون خطيئة العمر لمدربهم في [نطحة] ماتيرارزي في نهائي كأس العالم ٢٠٠٦ ، هدوءه سلاح قاتل صنع من زيدان أسطورة كلاعب والآن يسطر له تاريخ كبير كمدرب. 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها