رئة دمشق الجنوبية (1)

نعم إنها رِئة الحياة لدمشق الأبيّة، إنها ذاك المخرز الذي سيقتلع عين الفساد والظلم، إنها جنوب الشام المحاصر.

كيف تُسعفني الكلمات فأسطرها؟! وكيف تنقذني الأفكار فأنسجها؟! وكيف تدركني المعاني فأنعتها؟! وكيف لي أن أكتب عن بطولات إنسانية واقعية لا خيالية؟ وإرادات صلبة حقيقية لا وهمية؟ إنّها عظيمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وعظيمة بكل مقاييس الإنسانية والعطاء والتضحية والجهاد والصبر.

نعم إنها رِئة الحياة لدمشق الأبيّة، إنها ذاك المخرز الذي سيقتلع عين الفساد والظلم، إنها جنوب الشام المحاصر.

أستفتح بتحية طيبة معطرة بالتقدير والغبطة، إلى أبطال المنطقة الجنوبية في دمشق، الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والشجاعة والشهامة والصمود. تحية إلى الذين ذاقوا مرارة العيش وضنك الجوع وبرد الشتاء، إضافة إلى حصار خانق كاد يودي بهم، لولا إيمانهم الراسخ وإرادتهم الصلبة وتوكلهم على الله تعالى.

لقد ضَجَّ بها الإعلام برهة من الزمن، ثم صَمّ وعمي وبكم أو تغافل، أو لعله وَمَضَ إلهام خاطف بختم طهران باغته ليغض الطرف عنها ؟! فلماذا يغض إعلام نظام بشار الطرف عنها؟ والسبب في ذلك:

1-أن قرب المنطقة الجنوبية من مركز دمشق جعلها في أهمية استراتيجية كبيرة، فموقعها لا يبعد عن مركز العاصمة أكثر من أربعة كيلومترات .

2-لِمَ سمعنا وعاينّا من شدة أبطالها، وعزيمتهم الماضية، وإصرارهم على دحر الظالم، واستعادة الحقوق، وإعلاء كلمة الله عز وجل، ونيل حريتهم المسلوبة.

3-لِما فيها من أهمية دينية سياحيّة حيث مقام السيدة زينب (حسب زعمهم)، وأهمية تجميعيّة” حيث يتجمع شتات الشيعة فيها من كل بؤرة في الأرض.

4-تعتبر المنطقة الجنوبية بوابة درعا إلى الشام وبالعكس.

5-كثافة الإخوة الفلسطينيين في تلك المنطقة  (مخيم فلسطين، شارع اليرموك، الحجر الأسود، التضامن، التقدم، شارع العروبة، حجيرة وغيرها من البلدات والقرى والأحياء المحيطة بها ) .

6-هي صلة الوصل بين الغوطتين الشرقية والغربية، وطريق المطار يفصل بينهما.

7-وقوعها غرب طريق المطار الذي هو عصب العاصمة، فمنه تأتي الإمدادات للنظام من إيران وروسيا والعراق ولبنان وبلاد أخرى تُصدّر الجنود المرتزقة.

8-الخوف من اتصال أبناء جبل العرب في السويداء غرباً مع المجاهدين جنوباً.

9-خشية إنهاء حكم الشيعة الفارسية على منطقة السيدة زينب.

10-الخوف من اتصال الجنوب الدمشقي بالجنوب السوري (درعا)، فمائة كيلو متر فقط تفصل المنطقة الجنوبية في دمشق عن الحدود

السورية الأردنية.

أحفاد الأقصى وبنو أمية في خندق واحد لقد امتزجت دماء السوريين والفلسطينيين الزكية الطاهرة، فتركوا قوميتهم وراءهم وانسلخوا منها ليقولوا للعالم أجمع: لقد وَحّدنا دينُنا وفرقتنا قومتينا، وها نحن في خندق واحد مع إخواننا وأهلنا السوريين لنا ما لهم وعلينا ما عليهم فذاق الفلسطينيون الأبطال أبناء الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة مثلما ذاق السوريون فيها، فاقتسموا الألم والأسى مناصفة، وقد رضوا بقضاء الله وقدره، وأملهم كبير بتحقق نصر الله.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها