د الشواف يكتب: صعيدي لوكيل النيابة أنا” كلينديزر”(5-5)

المشهد العشرون: ظللنا في معسكر الأمن المركزي 3 أيام، وكان لدى الكثيرين إحساس بأنهم سيخرجون بعد أيام قياسا علي أيام الرئيس مرسي،كما أنهم لم يفعلوا شيئا.. يتبع.

د عبدالرحمن الشواف أثناء اعتقاله ـ أرشيف

المشهد العشرون : ظللنا في معسكر الأمن المركزي ثلاثة أيام، وكان عند كثير من الإخوة إحساس بأنهم سيخرجون بعد أيام قياسا علي أيام الرئيس مرسي، كما أنهم لم يفعلوا شيئا وحتي لم يقاوموا. وكنت أظن أن الموضوع سوف يطول لأن الإخوة الذين تم القبض عليهم من أمام مدينة الإنتاج الإعلامي مازالوا محتجزين منذ ما يقرب من شهر كما أن التعامل العنيف يدل علي أخلاق الانقلابيين.

المشهد الحادي والعشرون : أذكر  أنني في أول عرض على النيابة بوادي النطرون سألني أخ: إحنا هنطلع بعد العرض ده والا اللي بعده؟ قلت ممكن نظل أكثر من3 شهور فزعل مني جدا،
وتحدث مع الجميع بأنني أحبطه، طبعا بعد مرور سنة كان يقابلني ويضحك معايا ويقول يا دكتور أنت كنت متفائل!!

يوم الخميس مساء جاءنا الحرس للخروج مجموعات للتحقيق، وقالوا وكلاء النيابة في انتظاركم!! وعلمنا أثناء التحقيق أنهم ضباط أمن دولة، آسف أمن وطني، الاسم الجديد علي الاشكال القديمة (من مبكيات الثورة).

المشهد الثاني والعشرون : كثير من الإخوة تعرضوا أمامنا للضرب والإهانه من هؤلاء الضباط، ولكن الضابط اللي حقق معي تعامل باحترام  المهم سألني عن اسمي وسكني ووظيفتي. وقال: أنت كنت معتصم؟ قلت له: نعم .فقال لي ليه كنت معتصم؟ قلت عشان أنا ضد الانقلاب. فقال هو حصل انقلاب؟؟فقلت: تسمي اللي حدث ده إيه؟ فسكت واتصل بالتليفون يسأل عني، ثم أنهي التحقيق.

يوم الجمعة مساء حضر أيضا الحرس لاستدعائنا لتحقق معنا النيابة، وكان المحامون حاضرين عن الكل، يعني المحامي يحضر عن 20 أو أكثر منا، المحامون أحضروا لنا سندويتشات فول وطعمية كانت من أجمل ما أكلنا، وكان تعامل وكلاء النيابة وديا إلي حد كبير.

المشهد الثالث والعشرون   جلست أمام وكيل النيابة، وكان بجواري محام، أثبت اسمي وعملي وعنواني وكذلك ما كنت أرتديه من الملابس، ثم سألني تعرف التهم اللي موجهة لك؟ قلت: لا .

قال 17 تهمة: (قتل وشروع في قتل ومقاومة سلطات وتشكيل عصابي واستخدام سلاح وسرقة أسلحة وتدمير منشآت عسكرية وقطع طرق. وتجمهر). سبحان الله، برغم الهم اللي كنت فيه لكني ضحكت.
فسألني أنت بتضحك ليه؟؟ فقلت يا فندم أنا وأنا جاي التحقيق بافكر أقول إيه عن الاعتصام، ولكن كده إعدام أو مؤبد توكلنا علي الله. فضحك وكيل النيابة هو الآخر، وقال للكاتب أكتب التهمة واكتب أيضا أن المتهم نفاها..

المشهد الرابع والعشرون: من أجمل الردود علي هذه الاتهامات التي وجهت للمعتقلين  رد أخ صعيدي لم يكن معتصم لكن تم القبض عليه من قرب بين السرايات. قال يابيه هو أنا “كلينديزر” أقتل وأقطع طرق وأحرق منشآت في الوقت نفسه. ولما سأله وكيل النيابة: تعرف يعني إيه منشأة عسكرية؟ قال طبعا دبابة أو مصفحة!!

المشهد الخامس والعشرون : للأسف كان بعض الذين  يحقق معهم مصابين إصابات خطيرة أو مرضي جدا وقلنا نستغل وجود النيابة في نقلهم للمستشفي فطلبنا من رئيس النيابة طلب إسعاف لنقلهم للمستشفي، وفعلا طلب من الضابط المسؤول  إحضار إسعاف فرفض، ولم يثبت وكيل النيابة ذلك، وأتذكر حالة د. محمد اللي كان علي وشك الموت ومع ذلك لم يحضر الإسعاف، ولولا فضل الله ثم الأطباء لمات كثيرون.
للعلم هذا هو التحقيق الوحيد الذي تم معنا.
بعد ذلك وإلي الأن لا يتم تحقيق بل تمديد حبس، ورغم أنه لا يجوز الحبس الإحتياطي أكثر من سنتين حسب القانون اللي هم وضعوه، مازال خيرة شباب الوطن خلف الأسوار لأكثر من سنتين
يجب أن يكون هم الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان هو الدفاع عن الحرية والعدل وتوفير ذلك للكل.
هناك مواقف وأحداث كثيرة في السجن. وشباب أعادوا لي شخصيا الأمل في مستقبل هذه الأمة المنكوبة، أسأل الله ان أكتب عنهم قريبا، ولولا الخوف علي كثير من الأمثلة المحترمة من الأطياء والشباب لكتبت عنهم، لكن مازالت قضية النهضة مفتوحة وكلنا مازلنا علي ذمة هذه القضية، أسأل الله ان يحفظ مصر وأهلها من الظلم والظالمين.

د.عبد الرحمن الشواف –
استشاري طب الأطفال – بكلية طب – جامعة القاهرة
والمعروف بطبيب النهضة
الذي اعتقل أثناء محاولة إسعافه المرضي خلال فض اعتصام النهضة ـ اعتقل قرابة العام والنصف

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها