د. أحمد رامي يكتب :#استقالة_أوغلو

منزلة أحمد داود أوغلو من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منزلة صاحب النظرية من القائد التنفيذي، إلا أن العلاقة بين صاحب الفكر ورجل التنفيذ قد تكون متوترة أحيانا. يتبع

تعتبر منزلة أحمد داود أوغلو من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منزلة المفكر من المدير أو صاحب النظرية من القائد التنفيذي.

هذه الثنائية، التعايش بين طرفيها لازم لنجاح أي فكرة و تطورها إلا أن العلاقة بين صاحب الفكر ورجل التنفيذ قد تكون متوترة أحيانا. 

وقد يستمر أثر داود أوغلو في مجال التنظير دون أعباء تنظيمية وهذا ما أتوقعه في ضوء خطابه الذى حرص فيه على سلوك راق يمهد لاستمرار التعاون مع أردوغان والتأكيد على البقاء في الحزب والافتخار بذلك. 

أمر آخر بالغ الأهمية لمسته من خلال حوارات نقلت لي عن مسؤولين بحزب العدالة والتنمية إلا وهو إدراكهم من واقع الأرقام أن هناك انخفاضا في نسبة التأييد لهم بين الشرائح العمرية الأدنى، ربما لأنها لم تر تركيا ما قبل العدالة والتنمية لذلك فهي شرائح عمرية لا تقارن تركيا اليوم بتركيا الماضي بل بباقي أوروبا وأمريكا. 

هذا الأمر بالإضافة لمكوث العدالة والتنمية ما يقارب 20 عاما في الحكم يجعل التغيير والخروج بشكل جديد ما لم يكن أيضا بفكر جديد أمر حتمي وإلا فلا مستقبل للعدالة والتنمية.

لذلك أرى أن توقيت استقالة داود أوغلو توقيت جيد راعى فيه عدم التأثير على الاستحقاقات الانتخابية في الساحة التركية وكذلك حلول أوان وظرف التغيير في صورة الحزب أو الفكرة أو كليهما.

ربما يحول ذلك دون تحول الجماهير إلى خصوم العدالة والتنمية ويصبح أمامهم خيار التحول من “التجربة الأردوغانية” إلى “تجربة غول”(الرئيس التركي الأسبق عبد الله غول) التي أثق أنه على مجال التنظير سيكون قادرا على طرح ينتقل من مرحلة التأسيس التي ربما تحتاج شخصيات كاريزمية كأردوغان إلى مرحلة الاستقرار والمؤسسية التي لا تحتاج شخصيات كاريزمية بقدر ما تحتاج إلى نظم عمل فعالة.

هذا ما يسمى في سلوك المنظمات الانتقال من مرحلة الفرد المؤسس المحوري(أحيانا يكون ديكتاتورا) لمرحلة سيادة النظام.

أما فيما يتعلق بسلوك داود أوغلو والمضامين التي وردت في خطابه ففيها من الدروس الكثير، لقد جاءت مفعمة بالقيم والمبادئ التي ندرت في عالم السياسة.

حرص الرجل على عدم الإساءة لأردوغان، كما أنه تجنب نقده في هذا الموقف وأكد على تمييز علاقته به فيما مضى وحرصه عليها في المستقبل.

وفى ذلك ما فيه من حق رفقة الطريق للعمل من أجل فكرة وأمل مشترك.

كما أكد داود أوغلو على استمراره في الحزب, وعلى رفض تقلد مناصب تنفيذية به وفي ذلك أيضا معان ودروس لكثيرين.

هذا السلوك الذى رأيته من أوغلو ذكرني أيضا بمحاضرة أردوغان في دار الأوبرا المصرية، والتي ذكر فيها الموت عدة مرات بطريقة لم ألاحظها في خطابات السياسيين الذين استمعت إليهم.

لذلك فإن حزب العدالة والتنمية كما أن فصل الدعوي عن الحزبي كان من شروط وضمانات نجاحه، فإن التمسك بالقيم والمبادئ الدعوية كان أيضا من عوامل النجاح السياسي.

إن الانتصار الأخلاقي هو مقدمة كل انتصار بما في ذلك الانتصار السياسي، وإن السقوط الأخلاقي مقدمة كل سقوطه مهما مررت بلحظات إنجاز وقتي خادعة.

أحمد رامي 

المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة – مصر 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها