حكاية استقبال الهاتف الكوري لصنبور مغربي!؟

“حكاية” الصنبور الذي تم (تدشينه) بقرية ظمآنة، أخذت في يوم واحد تداولا واسعا بالمواقع أكثر من حكاية البداية التي عرفها هذا الاختراع الدقيق (الموبايل).

وصل صنبور مائي إلى قرية تحمل اسم “سيدي عبد الله أوبلعيد” التابعة ترابيا لعمالة مدينة سيدي إفني الواقعة جنوب المغرب على سواحل الأطلسي، بالأهازيج وصل وعلى أنغام الموسيقى المحلية المتنوعة، حل أهلا ونزل سهلا في ذهول ملامح باهتة، حاولت البسمة المؤجلة إعادة ملامحها الأصلية مصحوبة بتصفيقات أيادي شاهدة على تاريخ الحفر والجّر، بندوبها وتجاعيدها المؤرخة لسنوات من البحث عن رشفة ماء تجود بها الطبيعة، تلك التي لا يمكن القول عنها اليوم سوى أنها “رحيمة”، ضاربة فلسفة جان جاك روسو القائلة بنظرية العقد الاجتماعي التي قيل أنها تعاقد لتنظيم الحياة البشرية، فتحولت اليوم بلاء الساسة على رؤوس الرعايا المسحوقين في قاع التضاريس.

اليوم رؤوس النظريات وكراسيها ثبتت أنها المسؤولة عن تأخير فخامة الصنبور عريس الأسبوع، تلك التي رمت بملفاته في رفوف (المؤسسات) وأدراج المكاتب المكيفة وثلاجاتها، التي تحوي براداتها على أفخم قناني المياه المعدنية، لطرد العطش بعد يوم كامل من إنتاج كلام الموظف الخاوي ونميمة الموظفات، اختباءً من طوابير المغلوبين تحت شعار “أنا أشرب ومن بعدي اللهيب على أجساد الرُضع بالوديان الجافة”.

لقد وصل نصب “مستر” الصنبور بربطة عنقه الحمراء والخضراء رفقة عامل الإقليم وبرلماني سابق للمدينة نفسها،  بعد 45 سنة من تأسيس “المكتب الوطني للماء الصالح للشرب” كأن القرية خارج المجموعة الشمسية، فوجد آخر تكنولوجيات العصر في انتظاره مرحبة به في الدوار (قرية)، إنه ترحيب حار بوميض أنوار هواتف السامسونغ الكورية الصنع والتي التقطت له صوراً كثيرة تبلغ أقصى جودة الواحدة منها ما يفوق 20 ميغا بكسل، هذه الآلة المعجزة الرشيقة التي لا نعلم إلا القليل عنها وعن قصتها، أو “الحايحة” التي أخرجتها لأرض الواقع متكبدة عناء القدوم للمغرب قاطعة مسافة11542  كيلومترا بين العاصمة الكورية سيول ومدينة سيدي إفني المغربية، مخترقة عرض البرية لتأريخ هذه المناسبة الحدث والتي تعد سابقة من نوعها.

“حكاية” الصنبور  الذي تم (تدشينه) بقرية ظمآنة، أخذت في يوم واحد تداولا واسعا بالمواقع أكثر من حكاية البداية التي عرفها هذا الاختراع الدقيق (الموبايل)، والذي إن استحق من ثناء وقص الأشرطة كضيفه سعادة “الحنفية”، واحتفال وتكريم وافتتاح معامل صناعاته العالية الدقة سيظل موضوع صنعه بمسؤولية في خدمة للبشرية، أكثر قيمة من عرس افتتاح مصانعه والمواطن الكوري الذي رسم العديد من الحكايات الحزينة والسارة خلف إحداثه بالوجود.

فالمسؤول المغربي الذي يسبح في مسبح “ڤيلاته” التي تحتوي ملايين كؤوس المياه، لا يدري ربع معلومة عن شخص اسمه “أي بيونغ تشول” مواطن كوري ولد في محافظة وريونغ في الثاني عشر فبراير/شباط من العام 1910، شاب لم يتمم دراسته في جامعة طوكيو بسبب وفاة والده، ليعود إلى بلدته الأم حيث فتح مطحنة أرز متواضعة وبعد حين قام بتأسيس شركة أطلق عليها اسم سامسونغ العلامة التجارية في البداية، وخاض ملحمة تحدي عابرا بشركته عواصف السياسة والحروب التي سببتها اليابان لكوريا، مبدعا عشرات الحلول كانت أبرزها نقل البضائع عبر كوريا وبلاد أخرى، فأصبح مقر الشركة في سيول عام 1947، ومع بدء الحرب الكورية 1950 أصبحت سامسونغ ضمن أكبر 10 شركات في البلد. وبحلول سنة 1953 انتقلت أعمال التجارة داخل المصنع لضم صناعات السكر واستفاد بيونغ من الأرباح لإحداث مصانع جديدة، وأصبحت الشركة من أشهر شركات التصنيع في قطاع المنسوجات والسيارات والتأمين وأقسام المخازن، وأضاف لها إلكترونيات المستهلك التي عبرت القرن بأنظمة الاتصال المذهلة والمتنوعة، فتولى الرجل منصب رئيس الصناعات الكورية الفيدرالية، فاشتهر بأنه أغنى رجل في كوريا، إلى أن وافته المنية رحمه الله طبعاً، في التاسع عشر من نونبر عام 1987.

ولكي أترك فخامة المسؤول يكمل سباحته في مسبحه الفخم، أريد تبليغه ما يلي: كن متيقنا أيها المسؤول أن “بيونغ” لم يفوت صفقات مشبوهة حبلى بملايين الدراهم غير أجرته الهزيلة، وكن أكيداً أن “بيونغ” لم يشتري ذمما من فئة 200 درهم مكتسحا انتخابات بلاده طمعا في السلطة،  أو استولى على أراضي المقهورين لبيعها بالملايير ليغتني بها.

لكن يجب أن تعلم اليوم ومستقبلا أنك ستعيش نكتة مضحكة مبكية في أذل حالاتها، حينما أتى للعالم شاب اسمه “بيونغ” بعد 30 عاماً من وفاته تمكن من كشف عوراتكم وعورات السارقين بموطني، بل سبقت صناعته (الموبايل) المحيطات والقارات لتستقبل وتؤرخ  تبجحكم وافتخاركم الذليل، بتدشين ثلاث آجورات تحمل صنبورا صُنِع يوم اكتشفت البشرية معدن الحديد والنحاس، و يا للأسف هو الآخر ليس من صنيعكم أيضا.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها