حق التعديل الدستوري!

إذا رجعنا إلى دستور 1996 في الفصل103 منه نجد أن رئيس الحكومة أو الوزير الأول، آنذاك كان محروما من الحق في التعديل الدستوري إلى أن جاء دستور 2011 ومنحه الحق في ذلك

شكل الفصل 47 من دستور 2011 للمملكة، محطة من أجل استعراض الأحزاب السياسية، وبعض الباحثين في المجال الدستوري عقولهم وأقلامهم، وذلك مباشرة بعد إنتخابات 7 من أكتوبر/تشرين الأول التشريعية، بحيث أدلى كل واحد بدلوه من أجل إيجاد مخرج لتشكيل الحكومة بعدما استعصى الأمر على رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران تشكيل حكومته الثانية، مع العلم أن الفصل 47 لا يشير إلى حل آخر.

لكن الحل موجود في الفصل 98 من نفس الدستور وهو حل مجلس النواب، وكان الحل كذلك بيد الملك وهو إعفاء بن كيران وتكليف سعد الدين العثماني بتشكل الحكومة، وذلك تنزيلا للفصل 42 من الدستور الحالي للمملكة، باعتبار الملك ضامن دوام واستمرارية الدولة، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، فأمام مد وجزر للمعارضة والأغلبية وللباحثين، حول الإشكالية التي طرحها الفصل 47، وبعد تشكيل حكومة العثماني لا أحد تقدم إلى حدود كتابة هذه الأسطر، بمبادرة من أجل تعديل الفصل 47، ودستور المملكة يتيح لهم إمكانية تعديل الدستور، وذلك من خلال مقتضيات الفصل 172؛ إذ “للملك ولرئيس الحكومة، ولمجلس النواب، وأيضا لرئيس مجلس المستشارين، حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور” .
وإذا رجعنا إلى دستور 1996 في الفصل103 منه نجد بأن رئيس الحكومة أو الوزير الأول، آنذاك كان محروما من الحق في التعديل الدستوري إلى أن جاء دستور 2011 ومنحه الحق في ذلك، فالفصل 103 من دستور 1996 كان ينص على أن “للملك ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور“.
لكن مبادرة المراجعة الدستورية حسب الفصل 173 من دستور الحالي للمملكة، مقيدة بشرط وهو التصويت بأغلبية لثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، بمعنى المجلس الذي تقدم بمبادرة المراجعة والذي يكون إما مجلس النواب أو مجلس المستشارين، هذا الشرط سبق وأن نص عليه الفصل 104 من دستور 1996.
وقد سبق للمغرب أن عرفت تعديل بعض الفصول الدستورية كتعديل سن الرشد الملكي، ومجلس الوصاية سنة 1980، وكذلك تعديل الفصل 49 الذي يتعلق بتوقيت الميزانية سنة 1995. لكن السؤال المطروح: من المستفيد من الفصل 47 في ظل صمت البرلمان بغرفتيه، ورئيس الحكومة بنفسه، بعدما كان الكل يهلل في زمان البلوكاج الحكومي” بضرورة تعديل الفصل 47 من الدستور؟

لم نكن نعيش أزمة سياسية آنذاك، وإنما كنا ولا زلنا وسنبقى نعيش على واقع أزمة أخلاقية ومصلحية وشخصية للأحزاب السياسية، إذا لم يتم احترام مؤسسات الدولة واحترام الفصول الدستورية باعتبار كل فصل يكمل آخر. ففي
الوقت الذي كان حزب العدالة والتنمية يرى بأن الحل الوحيد لتجاوز الأزمة، هو إما تعيين شخص ثاني من الحزب، أو إعادة الانتخابات، عوض منح رئاسة الحكومة للحزب الذي احتل المرتبة الثانية في انتخابات 7 أكتوبر، والحل الأخير كان البعض يراه غير مناسبا، نظرا للتكلفة المالية الباهظة التي تترتب عن الانتخابات انطلاقا من التسجيل في اللوائح الانتخابية وصولا إلى تشكيل الحكومة، في حين كان يرى البعض من أهل السياسة، بأن الحل الوحيد يكمن في منح الرئاسة للحزب الثاني، أو لشخص تكنوقراطي، أو إعادة الانتخابات، في حين كان يرى توجه
آخر بأن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي احتل المرتبة الرابعة هو من يستحق رئاسة السلطة التنفيذية.
فأمام كثرة التوجهات و الآراء السياسية التي غردت لمدة 5 أشهر من “البلوكاج ” وجد الفصل 47 من الدستور نفسه يتيما بدون حل، ينتظر دوره في الباب الثالث من الدستور، ليتقدم أحد بتعديله حتى لا يشعر بالخجل السياسي والدستوري في حالة مصادفته لـ”بلوكاج حكومي” آخر في انتخابات 2021.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها