بوفون…هل تكون النهاية سعيدة؟

بعد فوز بوفون بكأس العالم مع إيطاليا ومُساهمته في عودة اليوفي من السنين العجاف (2005 -2011 ) حيث من وقتها حتي الآن حصد اليوفي 5 سكوديتو مُتتالي ، تبقي له الحُلم الأكبر دوري أوربا

”  نحن كنا نستحق الفوز والثلاث نقاط ولكن هذا لم يحدث بسبب تواجد الحارس الشاب بوفون في حراسة مرمى بارما “. فابيو كابيلو بعد مُبارة ميلان وبارما التي شارك فيها بوفون حارسًا لبارما لأول مرة في الدوري الإيطالي لغياب الحارس الأساسي.

التاريخ : 4 يوليو/ تموز 2006
المكان: ملعب الفيستيفالين، دورتموند
الحدث: نصف نهائي كأس العالم 2006 بين ألمانيا صاحب الأرض وإيطاليا

اتجهت المُباراة لأشواط إضافية والمُنتخب الإيطالي يبدو أفضل فالقائم الأيسر ليانز ليمان لم يكن ليرتاح من تسديدة جيلاردينو حتي اشتكت العارضة من صاروخية زامبروتا، رغم الأفضلية فسوء الطالع الذي ظهر للطليان جعل كل مُسانديهم يقتنعون أن الكُرة لا تُريدهم وبالفعل بدأ الكابوس في الظهور، الشوط الثاني الإضافي وهجمة مُرتدة للألمان، الكرة في مُنتصف الملعب يستلمها بودولسكي علي يسار منطقة الجزاء، الزاوية مفتوحة للتسديد تمامًا مثل الدفاع الإيطالي نتيجة الإرهاق، بودولسكي يُسدد صاروخًا ولكن يد بوفون تمنع هدفًا بأعجوبة ليُقرر بوفون منح الطليان فرصة أخري مع القدر حتي استغلوها بالفعل.

التاريخ : 9 يوليو/ تموز 2006
المكان:الملعب الأوليمبي ببرلين
الحدث: نهائي كأس العالم 2006 بين فرنسا وإيطاليا

وكأن مُباراة نصف النهائي تُعاد مرة أُخري وكأن القدر يُريد أن يؤكد علي شيء ما، علي كل حال اتجهت المُباراة أيضًا لأشواط إضافية. وفي الشوط الثاني مرر زيزو الكُرة لويلي سانيول ثم ينطلق زيدان خلف المُدافعين ليستقبل العرضية الرائعة من سانيول ويوجها برأسه ليعتقد الجميع أن زيدان قرر أن يُعيد أسطورته الذاتية مرة أخري ويحرز لفرنسا كأس العالم برأسه فقط ربما لأن قدمه تستطيع فعل ما هو أصعب من ذلك ولكن الكرة ورأس بوفون وكل العالم وجدوا يد بوفون ترسل الكُرة من تحت العارضة في مشهد خيالي.
القدر منح بوفون الكثير، يكفي جنسيته الإيطالية التي تُعطي حارس المرمي درجة إضافية فوق نظرائه فبمجرد سماعك لأسماء دينو زووف وفرانشيسكو تولدو ثم بوفون تشعر وأن تلك البلد في جيناته حراسة المرمي ولذلك لا عجب في موهبة دوناروما المُراهق الذي استطاع إبهار الأرض في عُمر 18 عامًا وهو يحرس الميلان العريق.
القدر كذلك جعل لبوفون يدًا في فوز إيطاليا بالنجمة الرابعة في 2006، وهنا وبمزاعم كثير من أبناء الجيل تأكدت أسطورية جانلويجي عما سبق، كأس العالم من أمام رأس زيدان بالتأكيد يضعك في التاريخ.

البطل
مع فضيحة الكالتشيو صيف 2006 وقرار هبوط اليوفي للدرجة الثانية حدث ما يُشبه انشقاق في صفوف الفريق، الوضع كان غريبًا والكُل كان مُشتت فهل؛ سيلعب اليوفي المتوج نصف لاعبيه تقريبًا بكأس العالم مُنذ أيام حقًا في السيريا بي؟ هل سيلعب نيدفيد أحسن لاعب في العالم قبل أعوام قليلة في دوري درجة ثانية؟ قرر المُعظم الرحيل، إبراهيموفيتش وباتريك فييرا للإنتر وموتو لفيورنتينا في حين اتجه كانافارو وإيميرسون لريال مدريد وأخذ زامبروتا وتورام اتجاه كتالونيا.
لكن الأبطال الخمسة بوفون ونيدفيد وكامورانيزي و ديل بييرو وتريزيجيه قرروا البقاء رغم كل شيء في موقف لا يوصف بالشجاعة لأنه شيء أكبر من تلك الكلمة التي تصف قُدرتك علي مواجهة حيوان مفترس لأنهم كانوا بصدد إنهاء مسيرتهم الكُروية لو فشل اليوفي في الرجوع سريعًا.
في تلك الآونة رأي بوفون الوجه الآخر للحياة ولكنه تصدي لها كعادته وجعل نفسه منها رجُلًا حقًا وليس مُجرد حارس مرمي، هُنا تعلم بوفون القيادة وتحمل الضغوط والأهم من كُل شيء أنه تعلم أن الحياة لن تُعطيه كُل شيء وأن القدر ليس مكتوب به لحظات السعادة فقط.
الحلم
بعد فوز جانلويجي بكأس العالم مع إيطاليا ومُساهمته في عودة اليوفي من السنين العجاف (2005 إلي 2011 ) حيث من وقتها حتي الآن حصد اليوفي 5 سكوديتو مُتتالي ، تبقي له الحُلم الأكبر دوري أبطال أوربا.
وصل بوفون لنهائي دوري الأبطال مرتين عام 2003 و2015 وخسر كليهما، الأمر أصبح شبيه بعُقدة عند الإيطالي .
يبدو أن سوء الطالع ليس فقط مع دوري الأبطال فقد امتد لكل بطولات الاتحاد الأوربي فشارك بوفون مع إيطاليا في 4 بطولات يورو خسرهم جميعًا بسيناريوهات غريبة ففي 2004 مؤامرة بين السويد والدنمارك وفي 2008 خروج بضربات الجزاء أمام إسبانيا، وفي 2012 وبعد بطولة خُرافية خسارة النهائية أمام إسبانيا في مُباراة غريبة وخروج بضربات الجزاء مر أخري أمام ألمانيا في 2016.
في داخل عقل جانلويجي أُراهن أنه لا يبالي بكل ما خسره من بطولات يورو فكأس العالم يجُّب كل هذا، أُراهن أنه مُستعد لخسارة مثلهم في مُقابل رفع ذات الأُذنين.
العُقدة ليست مُتعلقة بجانلويجي فقط؛ فاليوفي لعب 8 نهائيات في دوري أبطال أوربا خسر6 منهم! فالقدر الذي اختار أن يكون بوفون هو بطل كأس العالم 2006 هو نفسه الذي وضع بوفون الذي يحلم بلقب أوربي حارسًا لنادي منحوس أوربيًا.
مشهد النهاية
بوفون الذي تخطي ال39 عامًا يمتلك فرصة الفوز بدوري الأبطال هذا العام هي الأخيرة غالبًا فلا سنه سيسمح له باللعب لمدة أطول علي نفس المستوي، ولا اليوفي نفسه من المضمون له المُنافسة بقوة مرة أخري أوربيًا.
العديد من القصص والأفلام عندما تنتهي بالنهاية السعيدة ينتقدها المشاهدون لأنها مُنافية للأحداث الواقعية التي غالبًا تأتي الرياح فيها بملا تشتهي السُفن، وفي نفس الوقت يتمني الجميع لنفسه النهاية الجميلة في الحياة رغم معرفته بالقانون الذي يسري علي الجميع.
أماني الجميع بحصول بوفون علي دوري الأبطال لو تحققت ستكون نهاية عظيمة لأسطورة وحينها ستُكتب تلك الملحمة في التاريخ؛ ولكن إذا استمرت اللعنة ولم يحصُل عليها ستُكتب قصة أُخري قصة جيرارد ورونالدو الظاهرة وروبيرتو باجيو، ستُكتب قصة مليئة بالشجن سيكون بطلها حاول كثيرًا وخسر دائمًا ستُكتب قصة مقرونة بصورة لدموع رجل قُتل حُلمه عند اللحظة الأخيرة، علي كل حال النهاية ستكون مليئة بالعواطف ولكن أي من النهايتين يُخبئ القدر لبوفون؟
 

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها